خيارات ألمانيا لمواجهة فواتير الأزمة الأوكرانية

حازم شعار /

قدم خبراء اقتصاد 6 خيارات تستطيع من خلالها الحكومة الألمانية مواجهة فواتير الأزمة الأوكرانية المتمثلة في ارتفاع معدل التضخم بشكل قياسي وزيادة الإنفاق المالي، وتعطل قطاع التصنيع، وانخفاض النمو الاقتصادي.

وارتفع مستوى التضخم في ألمانيا خلال الشهر الماضي إلى 10 بالمئة، مسجلاً أعلى مستوى منذ خمسينيات القرن العشرين، مدفوعا بارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية، بحسب بيانات صادرة من المكتب الاتحادي للإحصاء.

معاناة الاقتصاد من انعدام أمن الطاقة

وصاحب الاقتصاد الألماني في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية العديد من المشكلات أبرزها معاناة الاقتصاد من انعدام أمن الطاقة لاعتماده على الغاز الروسي، وارتفاع قياسي في أسعار المنتجين الألمان والتي تمثل مؤشراً على التضخم، حيث ارتفعت بمعدل 37.2 بالمئة على أساس سنوي، وبالتالي تضررت الأسر ذات الدخل المنخفض من ارتفاع تكاليف الطاقة مقارنة مع باقي الأسر ذات الدخل المتوسط أو الأعلى.

اتخاذ تدابير الإعفاء الضريبي

وفي حديث لموقع ” سكاي نيوز  يستعرض الخبراء ستة خيارات متاحة أمام الحكومة الألمانية لمواجهة فواتير الأزمة الأوكرانية، وفي مقدمتها: “اتخاذ تدابير الإعفاء الضريبي المعتمدة لتعويض تكاليف الطاقة المرتفعة بسبب الحرب، وثانياً تأمين الانتعاش للاقتصاد لمواجهة المخاطر المتزايدة من خلال مرونة السياسة المالية وجاهزيتها لتقديم المزيد من الدعم للأسر الضعيفة إذا تدهور الوضع في سيناريو هبوط حاد مع نقص الغاز وارتفاع تكاليف مستهلكي الغاز، والمطالبة باستخدام الفحم كبديل عن الغاز الطبيعي في محطات الطاقة لفترة زمنية محدودة، وضرورة بناء محطة للغاز المسال في الشمال، والتسريع في خطط الطاقة البديلة مثل الهيدروجين الأخضر”.

أما بالنسبة للخيار الثالث فيشير إلى تطبيق حزمة الإعفاءات الضريبية الثانية والتي تشمل التخفيض المؤقت لضريبة الطاقة على وقود السيارات لمدة ثلاثة أشهر إلى الحد الأدنى من الضرائب، وحصول جميع الأشخاص العاملين الخاضعين لضريبة الدخل على بدل تكلفة الطاقة لمرة واحدة وبدل الأطفال الإضافي، وتقديم مدفوعات لمرة واحدة لمتلقي الضمان الاجتماعي وإعانة البطالة، وتقديم تذاكر النقل العام المخفضة بالإضافة إلى تحفيز الناس على التحول إلى وسائل النقل العام لتوفير المال والوقود، بينما يتجلى الخيار الرابع في إعادة النظر بأسعار الفائدة على قروض الإسكان حتى لا يترتب على قفزاتها والتي تخطت 3 بالمئة ارتفاع تكاليف المشتري عند السداد للبنوك.

إعادة تخصيص الموارد الاقتصادية

بالنسبة للخيار الخامس ضرورة إعادة تخصيص الموارد الاقتصادية، وتخفيض الطلب، وإحلال مصادر الطاقة والتي من المتوقع ان يترتب عليها تخفيض الأعباء المالية على الاقتصاد الألماني وذلك من خلال إعادة استخدام محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والطاقة النووية، والتي كانت ألمانيا قررت إيقاف تشغيلها 3 سنوات، والاستثمار في احتياطي الغاز الوطني الألماني، والبحث عن مصادر للطاقة من موردين جدد في الدول الأخرى، بينما يختم بالخيار السادس والذي يتجلى في دعم الأسر ذات الدخل المنخفض وزيادة معاشات التقاعد المنخفضة والبالغ عددهم 560 الف متقاعد.

حماية المنازل والشركات من ارتفاع تكاليف الطاقة

أن أقوى اقتصادات أوروبا يعاني من أزمات كبيرة في الفترة الأخيرة بسبب مشاكل ناجمة عن نقص إمدادات الطاقة وارتفاع أسعارها الجنونية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، وقد خصصت الحكومة الألمانية نحو 200 مليار يورو لحماية المنازل والشركات من ارتفاع تكاليف الطاقة، كما سيتم الإعلان عن تفاصيل خطة الغاز وجوانب أخرى من حزمة الإغاثة، والتي من المقرر أن تستمر حتى ربيع 2024.

الطاقة النظيفة

إذا أرادت الحكومة الألمانية حلول ناجعة ومستدامة فتحتاج البحث في خيارات بدائل الطاقة التي لا تضطرها للرضوخ لتبعات الحرب بشكل كبير، وهنا نشير إلى الطاقة النظيفة والبدائل عن الوقود التقليدي وعن الغاز بشكل أكثر تحديداً، فعملية شراء الغاز من فرنسا مؤخراً هي عملية استبدال (الرمد بالعمى) لأن سعره أعلى و ليس مستداما كما كان يبدو عليه الأمر مع الغاز الروسي سابقاً”، كما أن ألمانيا استغنت عن الفحم الحجري منذ سنوات كوسيلة للطاقة وأغلقت العديد من المناجم بهدف البحث عن مصادر نظيفة ولكن مع الأزمة الأخيرة تمت الموافقة على عودة بعض هذه المناجم للعمل”.

الحكومة الالمانية تمتاز بالرشاقة فيما يتعلق بالبدائل ولكن عملية التخارج من الاعتماد الكبير على الغاز الروسي هي عملية صعبة بلا شك، وقد امتاز الاقتصاد الالماني بسنوات من الفوائض وهذا ما يتم تفعيله حالياً عبر عمليات الدعم المباشر للاقتصاد والأسر والشركات المتضررة من ارتفاع أسعار الطاقة”.

.