ترحيل السوريين “شرعنة” لنظام الرئيس السوري

عادل فهمي

بلغ عدد السوريين الذين طلبوا اللجوء هذا العام 13.634 شخصا حتى نهاية شهر أبريل/نيسان.

هذا و قد استبعدت وزارة الداخلية أي تغيير في مبادئ تقييم طلبات اللجوء للسوريين، مشيرة أن الوضع سيبقى على ما هو عليه الآن.

وقال وزير الداخلية هورست زيهوفر في تصريحات: “لن نغير في الوقت الحاضر مبادئ الهيئة الحاكمة لنهج قرارات اللجوء حتى يتم التحقق من حدوث تطورات جديدة في سوريا… نتابع الوضع في سوريا، ونتصرف وفقا له حتى في سياسة اللجوء”.

وتصاعدت دعوات من قبل ساسة ألمان لترحيل بعض فئات اللاجئين المؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد، وتحديداً الذين ارتكبوا جرائم خلال وجودهم في ألمانيا.

ودعى مؤتمر “وزراء داخلية الولايات الألمانية” وزير الخارجية الاتحادي إلى وضع تقييم أمني جديد لسوريا بحلول الخريف، ليعودوا للنقاش حول إمكانية ترحيل فئات محددة منهم في مؤتمرهم القادم الذي سيعقد في ذلك الوقت.

وتوقفت الولايات الألمانية عن ترحيل السوريين منذ عام 2012، وسيبقى كذلك حتى نهاية 2019 لأسباب إنسانية، بحسب ما صرح رئيس “مؤتمر وزراء داخلية الولايات” هذه الدورة.

اختلاف حول ترحيل اللاجئين

وعبر وزير داخلية ولاية ساكسونيا السفلى ( الشرق) والمتحدث باسم مجموعة الوزراء المنتمين للحزب الاشتراكي الديمقراطي، في مؤتمر صحفي عن ارتياحه لتمديد حظر الترحيل لسوريا لنهاية العام، مشيراً إلى تحدثهم عن إيقاف حظر الترحيل لسوريا مؤقتاً في المستقبل، لمجموعات معينة.  وقال إن الوضع في سوريا لم يتحسن، لذلك طلبوا جميعاً من الحكومة الاتحادية، تقييماً جديداً عن الوضع حتى الخريف القادم.

وقال إن ترحيل الخطرين ومرتكبي الجرائم (الجسيمة) إلى سوريا يمكن التفكير فيه، على أساس صورة وضع محدثة، ضمن تقرير تفصيلي حول سوريا يظهر تحسن الوضع هناك.

وقد وصف سوريا بأنها “حالة خاصة”، لا تزال حرب أهلية تدور فيها، لا يمكن إعادة معارضي الأسد إليها، لأن ذلك يعني تعريضهم للخطر، واصفاً الترحيل إلى هناك حالياً بالأمر الذي لا يمكن تصوره البتة.

وبحسب آخر تقييم لوزارة الخارجية الألمانية للوضع الأمني في سوريا، ما زالت هناك مخاطر شديدة تتمثل في الاعتقال والتعذيب تهدد العائدين، إلى جانب العمليات القتالية.

الدعوة إلى ترحيل بعض السوريين

وكان وزراء داخلية ولايات بايرن وساكسونيا وبادن فورتمبرغ (المنتمون للمحافظين) قد دعوا منذ انطلاق المؤتمر إلى وضع استثناءات تمكنهم من ترحيل مرتكبي الجرائم والخطرين والذين يجاهرون بولائهم لنظام بشار الأسد مستقبلاً، أو الذين يذهبون في إجازة لسوريا.

إذ دعا وزير داخلية ولاية بايرن يواخيم هيرمان csu إلى عدم اعتبار ترحيل مرتكبي الجرائم والخطرين إلى سوريا بأسرع وقت ممكن من المحظورات، وإلى وضع تقييم جديد للوضع في سوريا.

وقال هيرمان أن هدفه يكمن في أن يكون بالإمكان ترحيل مرتكبي الجرائم، الذين لا تتوافر لديهم أسباب لجوء خاصة أخرى إلى سوريا، في موعد أقصاه مطلع العام ٢٠٢٠، مؤكداً أنه لن يعني ارتكاب كل مخالفة للقانون بأن اللاجئ بات مهدداً بالترحيل، وأنه سيؤخذ بالحسبان، السبب الذي ساقه اللاجئ لطلبه اللجوء في ألمانيا.

وقال إنه “ينبغي القول بوضوح “يتوجب عليكم العودة مجدداً لدمشق”، على نحو خاص لأناس موالين للأسد مثلاً، وارتكبوا جرائم عنف جسيمة.

وقدر الوزير عدد الذين يمكن ترحيلهم لسوريا بعدة مئات، مبرراً ذلك بالقول إنه في الواقع، يحكم الأسد مناطق واسعة من البلاد مجدداً، وعندما يذكر الناس أنهم موالون للأسد، فلا يمكن لشخص كهذا الادعاء بأنه سيتهدده ما هو سيئ إذا عاد إلى دمشق.

وعارض الوزير الاشتراكي بستيريوس في ساكسونيا السفلى، دعوات زميله هيرمان في بايرن هذه، مشيراً إلى الوضع الأمني غير الآمن هناك.

وزير يعتذر لضحايا الأسد

وكان وزير داخلية ولاية شمال الراين فستفاليا قد أثار الاستياء بتصريحات له للقناة الألمانية الثانية على هامش المؤتمر عندما قال إن بإمكان الملاحقين من قبل نظام الأسد وطلبوا اللجوء في ألمانيا، العودة إن اقتضى الأمر، زاعماً بأنهم غير ملاحقين بعد الآن.

وعندما لفت المذيع انتباهه مستغرباً إلى أن الأسد ما زال في السلطة بل وسع من مناطق نفوذه، قال رويل، إنه ليس مسؤولاً عن شأن اللاجئين في ولايته. وأشار إلى وجود مناطق في سوريا لا يحكمها الأسد يمكنهم العودة إليها، في حال كانت آمنة.

وحاول وزير داخلية ولاية شمال الراين فستفاليا استرضاء المنزعجين من تصريحاته قائلاً في سلسلة تغريدات على تويتر، وساق مثلاً “لو صمت لبقيت فيلسوفاً”، مبيناً أنه خلط بين الملاحقين ومؤيدي الأسد في المقابلة، وأرجع ذلك إلى غفوة تعرض لها في مقابلة على الهواء مباشرة، انزعج هو نفسه منها، معبراً عن اعتذاره لضحايا رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وأكد أنه بالطبع ما زال هؤلاء الناس ملاحقين في سوريا، وبحاجة لحمايتهم في ألمانيا. وبين أن مقصده كان أنه لم تعد هناك حجة لدى الذين بينوا عند دخولهم لألمانيا أنهم هاربون من “داعش”، لأنهم من الموالين للأسد.

وستكون السلطات الألمانية أمام معضلة سياسية إن قررت بدء الترحيل إلى سوريا لأن برلين ستصبح مضطرة للتواصل مع النظام السوري، لتنسيق رحلات الترحيل الجوية. لذا أشارت صحيفة “فيلت أم زونتاغ” إلى أن الترحيل لسوريا سيكون إشكالياً، نظراً لأن الأسد، الذي  تعامل بأقصى قسوة مع مئات الآلاف من المدنيين ما زال في السلطة. وأوضحت أن الترحيلات الرسمية ستكون بمثابة شرعنة واعتراف غير مباشرة للنظام السوري.

.