بعد أزمة اللاجئين: الاندماج واليمين المتطرف يتحديا أوروبا

 

عادل فهمي

 

كتبت منظمة الامن والتعاون في اوروبا في تقريرها السنوي حول الهجرة، ان “ذروة” ازمة اللاجئين الانسانية “باتت خلفنا” وان الاولوية باتت اليوم للاندماج الذي يشكل “تحديا” للسياسات الوطنية والعالمية.

واشار مدير التوظيف والعمل والشؤون الاجتماعية في المنظمة ان التدفق “غير المسبوق” الذي لوحظ في نهاية 2015 وبداية 2016 “تراجع” منذ عام وسجل وصول 72 الف مهاجر قادمين من افريقيا الى السواحل الاوروبية منذ بداية 2017 اي “أقل بـ 12 مرة من النصف الثاني من 2015”.

وأضاف “الكثير ممن وصلوا الى اوروبا هربا من بلدان تشهد نزاعات سيبقون على الارجح لبعض الوقت” ولذلك “حان الوقت للتركيز على طريقة مساعدة هؤلاء الناس على الاستقرار في بلدان الاستقبال” وعلى “الاندماج في سوق العمل”.

وسجل اكثر من 1.6 مليون طلب لجوء في بلدان منظمة الامن والتعاون في اوروبا في 2016، كما كان الامر في 2015، ومن اجمالي هؤلاء حصل “نحو 1.5 مليون” شخص على حق اللجوء، بحسب التقرير.

وللعام الرابع على التوالي مثلت المانيا البلد الاكثر اقبالا بين طالبي اللجوء (675 الف طلب لجوء اول) رغم انه وبسبب التأخير في معالجة الملفات “فان اغلب طالبي اللجوء هم ممن وصلوا في 2015”. وتلت المانيا الولايات المتحدة (260 الف طلب) فايطاليا (120 الف طلب) وفرنسا وتركيا (اقل بقليل من 80 الف طلب). وباستثناء المانيا فان عدد طلبات اللجوء “تراجع في الواقع بـ 25 بالمئة” في بلدان المنظمة بين 2015 و2016.

وأتى اكثر من نصف طالبي اللجوء من ثلاثة بلدان (سوريا وأفغانستان والعراق) مع بعض الخصوصيات حيث يتركز القادمون من نيجيريا وغامبيا في ايطاليا والسودانيين في فرنسا والإيرانيين في بريطانيا.

واشار الى انه في خضم الازمة الاقتصادية غذى الحجم المفاجئ لموجات المهاجرين “قلق السكان” الذين باتوا كثيرا ما يطالبون بسياسات “اشد انتقائية وصرامة” وحتى “بغلق تام للحدود”.

وبحسب التقرير فان “معظم الدول عززت برامجها لإعادة التوطين” (عبر استقدام مباشر للاجئين من بلدانهم او بلد ثالث) لكن الظروف باتت “اقل ملائمة في العديد من الدول” بالنسبة للمتمتعين بحماية انسانية.

 

صحوة ضمير !!

يحدث ذلك رغم “ادراك متزايد بضرورة تسهيل استقرار اللاجئين” مع “تعبئة اكبر لمختلف الفاعلين” لصالح الاندماج من سلطات عامة ومنظمات غير حكومية وأصحاب عمل ونقابات و”المجتمع المدني بمعناه الواسع”.

ويضيف المسؤول في المنظمة انه في الواقع “فان تغيرات مهمة آخذة في التحقق بما يحسن مستوى اندماج اللاجئين” معتبرا ان البرنامج الذي اعتمدته السويد وقانون الاندماج الالماني “مثاليين”، وذلك رغم “تسجيل بعض التأخر” في السياسات العامة لبعض الدول الاخرى.

وتابع انه “بات يتعين جعل سياسات الاندماج اولوية ليس فقط في المستوى الوطني بل ايضا الدولي” مع ما تشكله من كلفة اقتصادية وتأثير على العلاقات الدولية.

وقال ان ذلك يمثل “تحديا” خصوصا مع “النقص المسجل في مستوى الاندماج في الماضي” مع تسجيل نسبة بطالة اعلى بنحو خمس نقاط بين المهاجرين مقارنة بمن ولدوا في بلد الاستقبال.

ورأى “اننا في مفترق طرق” خصوصا مع ارتفاع عدد المهاجرين العام الماضي الى اعلى مستوى منذ 2007 ، السنة التي سبقت الازمة الاقتصادية حيث دخل نحو خمسة ملايين شخص بشكل دائم دول منظمة الامن والتعاون الاوروبية.

ويشمل الرقم اللاجئين، لكن الهجرات الأسرية وحرية التنقل “تبقى هي المهيمنة” مع منح 1.5 مليون بطاقة دراسة و1.6 مليون بطاقة اقامة أسرية في 2015 وهي آخر سنة تتوفر فيها للمنظمة ارقام نهائية.

وأوضح تقرير المنظمة انه “في الاجمال استمرت البلدان في تسهيل اقامة العمال المهرة” (ايطاليا وفرنسا واستونيا ..).

واشار الى ارتفاع “فاق 1 بالمئة” للانتقال بين المؤسسات و 3 بالمئة “لإعارة موظفين داخل دول الاتحاد الاوروبي”.

 

اليمين المتطرف

وقد صدر تقرير عن مجلس أوروبا يحذر من خطورة تنامي العنصرية والكراهية والتمييز ضد الأجانب، ولاسيما مواقع التواصل الاجتماعي حيث تنتشر الخطابات العدائية للأقليات والأجانب. ولهذا يحذّر المجلس في تقريره عن العنصرية والتعصب من تنامي خطاب الكراهية على شبكة الإنترنت.

ويوجد في ألمانيا نحو 168 منظمة يمينية متطرّفة، أبرزها الحزب الديمقراطي القومي واتحاد الشعب الألماني، وحركة “بيغيدا” العنصرية، التي طرحت نفسها ايضا في دول أوروبية تحت اسم “اوروبيون وطنيون” ضد أسلمة اوروبا. وهذه الحركة هي امتداد لحركات وتنظيمات يمينية على شاكلة حزب “النازيون الجدد”.

غير أن ميركل واثقة من أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” سينحسر ما أن تُحَلّ أزمة المهاجرين. وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير إن “حزب البديل من أجل ألمانيا لا يملك أيّ مفهوم سياسي أو مهارة لإيجاد الحلول”.

لكن النتائج الانتخابية وتعاظم الحملة المناهضة للاجئين من شأنها ان تجعل مهمة حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي اللذين يهيمنان على الحياة السياسية منذ 70 عاماً، في تشكيل تحالفات ممكنة على مستوى الولايات، مهمة صعبة.

والآن نحن على أبواب الانتخابات البرلمانية .. وسنعرف بعدها إن كانت الحكومة الألمانية قد نجحت في معالجة موضوع صعود اليمين المتطرف.

اترك تعليقاً