بدون وساطة!

لمياء مشعل

أنا أول فرحه أبوي وأمي. علموني رغم ضيق الحال، تعبوا كتير ووفروا حتى خلصت توجيهي ودخلت الجامعة. وتراقص الأمل بعيونهم وتعلقوا بيوم تخرجي زي تعلق الغريق بطوق نجاة يعوضهم الحرمان والمرار الذي ذاقوه لحتى إبنهم يوخد الشهادة، ويشتغل ويساهم في إطعام أفواه الأخوة الأصغر الي لسه بدهم فت خبز وجاء اليوم الموعود وتخرجت من كلية الاقتصاد قسم الادارة.

وبعد الدموع والزغاريد بدأت رحلة البحث المضنية عن العمل  وما خليت خرم أبره وما قدمت فيه أوراقي، وإنشلت إيدي قد ما كتبت طلبات توظيف، كنت أرى بأم عيني أصدقائي وطلاب دفعتي يلتحقون بوظائف أو يسافرون لإكمال الدراسات العليا ومنهم من وقع عقود عمل في الخارج، وأنا لا زلت في حلقة البحث المفرغة.

كنت أرى فشلي وإخفاقي في وجه أبي المتعب ويدين أمي المشققتين. وما تركت باب إلا وطرقته، ولا إعلان توظيف إلا عدت منه بكفي حنّين. في كل مره كانت الخبره هي المطلوبة. طيب ليش صاحبي “عابد هيه” توظف بدون خبرة،  يمكن عنده واسطه! طيب من وين بدها تيجي الخبره إذا مأحدا على هذا الكوكب وظفني؟!

يعني الجاجه قبل البيضه ولا البيضه قبل الجاجه؟ ليش ياربي ليش كتير علي أتوظف براتب حتى لو كان قليل. وما اشوف اللهفه في عيون اخوتي الصغار لما ارجع المغرب عالدار خالي الوفاض  مفقع القدمين، ما معي مصاري أحلق كيف بدي أكمل ماجستير أو أسافر اشتغل بره وانا يا مولاي كما خلقتني تعبت كتير كتير. ومرت أربع سنين كاملات دخلت حاله اكتئاب حاده.

وفِي ليله سوداء ما فيها ضو قمر أتوفى ابوي وبكيت عليه بدل الدموع دم، حسّيت انه كسرني بموته لانه كان سندي وظهري. وبعد شهر من موت ابوي وفِي لحظه يأس قاتله حرقتها لشهادتي وما نمت طول الليل وانا اصرخ زي المجنون وامي ورا الباب دموعها شلال وإخوتي حاضنين بعض وبرجفوا.

وجه الصبح نمت نوم عميق حسّيت اني غسلت نفسي وطهرتها من جوا صحيت الضحى وبدون ما أحكي مع حدا ولا كلمه طلعت بعد ما قررت اشتغل على نفسي واعتمد على حالي اتداينت من صاحبي محمود خمسين دينار. اشتريت عده بويا ورحت قعدت باب ورشه لتصليح السيارات وصرت اشتغل في عالمي السفلي اشوف كنادر الناس وما اشوف وجوههم.

مرت علي كنادر أشكال وألوان وتعذبت كتير وتعبت حتى اجا يوم توفى فيه ابن صاحب الورشه الوحيد بحادث سياره والي صار بيني وبين ابوه صداقه وموده صار يعلمني الشغل معه، ولقطت الصنعه منه كنت اشتغل معه الصبح وبعد الظهر خلاني اسوق لحسابه على تاكسي خاص اله وشوي شوي تحسنت ظروفنا وتزوجوا ثنتين من خواتي.  وبعد عشر سنين من الكفاح والنضال قدرت وبمساعدة من أزواج خواتي والاصدقاء اني اشتري تاكسي خاص، والحمد لله قدرت بعد خمس سنوات أسد ديوني وأخطب بنت جيرانا، واليوم مريت بعد ما صفيت التاكسي، اجيب قنينه مي واشتريت  الجريده اليوميه بعد توقف 15 سنه تصفحتها لقيت اسمي مكتوب لمراجعة ديوان الخدمه  من أجل التعيين!!! .

.