انفصال الأزواج والطلاق في الجالية (2)

من وجهة نظر الرجال

“الطلاق” أبغض الحلال عند الله، لكنه فى بعض الأحيان قد يكون الحل الوحيد لمشكلات زوجية استعصت؛ ورغم جرحه وآلامه إلا أن الطلاق لا يعنى نهاية المسيرة المشتركة بين الرجل والمرأة، خصوصا في حالة وجود أطفال …

رغم ذلك، الانفصال يعد أسوأ لحظات الزواج وأكثرها كآبة، ويترك فى النفس جرحا يطال الرجل كما يطال المرأة، على عكس ما يتوهم البعض أن المرأة فقط هى الخاسر الأكبر فى كل الأحوال.

رغم الآراء التى ترى أن الرجل بعد الطلاق هو الأسرع فى التأقلم مع الحياة وأقدر على تجاوز المحنة، هناك دراسات تؤكد أن الرجل مثله مثل المرأة؛ كلاهما يتأثر بالحدث.

تقول إحدى الدراسات إن أول رد فعل للرجل بعد انتهاء العلاقة هو سرعة الخروج مع أصدقائه وسرعة الارتباط بأخرى، مشيرة إلى أن نحو 26% من الرجال يتعالى على ما حدث وكأنه يحتفل مع أصدقائه وأن الموضوع برمته غير مهم وهؤلاء أقلية.

وأشارت دراسات إلى أن 36% من الأزواج قالوا إنهم يودعون طليقاتهم بابتسامة لامبالاة، كشكل من الأشكال التى يخفى بها الرجال مشاعرهم الحقيقية، لأنهم لا يستطيعون التعامل مع آلامهم أو غضبهم أو إحباطهم، وقد لا ينتبه الرجال إلى حالة الوحدة إلا بعد تخطى المرحلة الأولى من ردود الفعل الأولية، فيبدءون فى الحداد على حياتهم.

وأكد الباحثون أن 95% من الرجال المطلقين يغيرون مسكن الزوجية ولا يحبون العيش فيه بعد الانفصال، فنفسية الرجل ووضعه الاجتماعى ليسا بالقوة المتعارف عليها؛ فغالبا ما يشعر بالفراغ والوحدة بعد الطلاق.

وتؤكد إحصاءات أن أكثر من 85 بالمئة من حالات الطلاق بين المهاجرين في ألمانيا تطلبها المرأة لا الرجل، هذا لا يعني أبدًا أنها هي سبب الطلاق أو أنها تغيّرت، بل يعني أنها من باشرت الإجراءات القانونية للطلاق.

بالمقابل لا يستطيع الرجل المهاجر تغیير نفسه وسلوكه والتنازل عن ميّزاته الذكورية التي ورثها من مجتمعه، ونظرته إلى المرأة، فسلطة الرجل هي الغالبة في كل مجالات الحياة حتى داخل الأسرة، لذا تسمی مجتمعاتنا أو تتصف بالذكورية”.

عندما تصل الزوجة إلى ألمانيا، وترى الحقوق والحريات؛ يصبح لديها خيارات أخرى لم تكن موجودة من قبل، ومن ضمنها الطلاق”.

الحقيقة أن كل قصص الطلاق التي حدثت لا علاقة لها بالهجرة أو دولة المهجر، وأن التفكير فيها كان يبدأ من أرض الوطن، وقبل الهجرة، وكل ما في الأمر أن الظروف في البلاد الأوروبية تساعد المرأة على اتخاذ قرارها، وتعينها على تحمل أثاره وتبعاته، في حين لا يساعدها مجتمعنا العربي أو الشرقي، الذي يقدس التقاليد مبتعدا كل البعد عن روح “العشرة الطيبة والحسنى” .

.

عبير حميد مناجد

.

قبل أن أتزوج من “بنت بلدي” كنت سعيداً في حياتي

أعيش هنا منذ أكثر من عشرين عاماً، كنت متزوجا من ألمانية واعيش معها سعيدا، ووقفت السيدة الألمانية بجانبي، وأنا مدين لها بكل ما وصلت إليه، لدي وظيفة محترمة ودخلي الشهري مناسب جداً، لم أرزق بأطفال من السيدة الألمانية ولم يمثل هذا الموضوع مشكلة لي، على العكس، كانت حياتنا مليئة بالأحداث والأصدقاء ورؤية الحياة والدنيا والسفر.

في هذه الأيام ظل والدي ووالدتي يتحدثون معي عن الإنجاب والأطفال، انظر أخوك الأصغر أصبح لديه شاب الآن ـ وهكذا وعلى مر سنين طويلة تم تعبئتي لاتخاذ قرار الانفصال عن السيدة الألمانية، ومن ثم الارتباط مع “بنت بلدي” ـ حسب كلام والدتي ـ وليتني ما فعلت ..

لماذا هذه النبرة الحزينة؟

لأنني وقبل أن أتزوج من “بنت بلدي” كنت سعيداً في حياتي، كان لدي اهتمامات وأصدقاء كثر، وكنت أتابع الأحداث حول العالم، إلى أن تزوجت من “بنت بلدي”.

ماذا حدث إذاً ؟

تزوجت هناك وأحضرت زوجتي إلى هنا، وعشنا شهرين على أحسن ما يكون. بدأت الحياة تعود لطبيعتها من ناحيتي، العمل والهوايات والأصدقاء، لكني كنت أقلل على قدر المستطاع من الخروج كثيرا من المنزل.

في أحد الأيام كنت متواعدا مع أصدقاء، إذ بزوجتي تطلب مني البقاء وعدم الذهاب، قلت لها اعذريني لكني واعدت الأصدقاء، بدأت بالبكاء، ثم بدأت بالمقارنات “ها أصدقاء أعز مني، هل هم أهم مني؟” … فقررت البقاء بالمنزل حتى لا نفتعل مشكلة .. بعد شهر من هذه الواقعة .. اضطررت لقبول دعوة من أصدقاء، يومها قامت القيامة مرة أخرى .. “تتركني وتذهب لأصدقاء .. إما أنا أو هم .. لك الاختيار” .. أحسست بالاستفزاز.. وقررت الذهاب للأصدقاء …

وهل كان الأصدقاء هم الاختيار؟

لا طبعاً .. لقد استفزتني وكان القرار كما كان .. دعيني أكمل ..

رجعت هذه اليلة إلى المنزل .. ويا لها من صدمة .. لقد أتلفت “بنت بلدي” التلفزيون وكل الأجهزة وأطباق المطبخ بالإضافة إلى المكنسة والمرايا .. حتى الصور لم تسلم من نوبة غضبها، التي أخذت كل طاقتها فاستغرقت بالنوم. هذه اليلة نمت على “الكنبة” .. صحوت وذهبت للعمل. استيقظت زوجتي واتصلت بي أثناء العمل لتحملني مسؤولية الخسائر التي حدثت، قلت لها “نتحدث عندما أعود .. قالت لا لابد أن تعترف أنك أخطأت الآن. وطال الحديث فأغلقت الهاتف وهي تتحدث.

وكانت الواقعة لقد اتصلت بي أكثر من مائة مرة طوال مدة العمل .. وقررت ألا أرد عليها حتى أنتهي من عملي.

بعد العمل كنت أعود إلى المنزل حوالي الخامسة بعد الظهر، هذا اليوم أيضا .. دخلت المنزل وبعدها مباشرة ضرب جرس الباب .. فتحت .. 2 من أصدقائي وزوجة أحدهم ـ بدون مناسبة ـ دخلوا وإذ بهم يلومونني على تكسير المنزل ومحتوياته وأيضا كيف اعود إلى البيت “سكراناً” .. لقد اتصلت بهم زوجتي، وقصت عليهم تلك الحكاية المغلوطة، هذا إلى جانب “الفضيحة” بين الناس، الذين يكنون لي الاحترام والمودة.   

أأنت تقول الحقيقية؟

للأسف هذه هي الحقيقة .. ممارسة الضغط بطريقة بذيئة، من هول الصدمة لم أعرف ماذا أقول .. وهي جالسة بجانب زوجة صديقي، التي كانت تطالبها بالصبر وأن تدعو لي بالهداية … المهم .. خرج الأصدقاء وقررت الانفصال عنها مهما كان الثمن. وقد كان

امتلأ جيب زوجتى بالمال فخلى قلبها من الحب..

يحكى رامى عما حمله داخل قلبه لسنوات يقول: “لم أكن أعرف أن هذا القرار الذى اتخذته قبل سنوات من الآن سيخلف علىّ كل هذا الألم والمرارة التى أتذوقها الآن، ظننت خطًأ أن الأمان المادى سيكفل لى الحفاظ على الحب والود بين زوجتى، هذه التى فقدتها مع السنوات التى مرت والعمر الذى أُهدر فى الغربة، والتى لم يعد يتبقى منها سوى جسد، التى تغيرت روحها مع الوقت، لم تعد هى الحبيبة، ولم أعد أنا من أولوياتها واحتلت الأموال مكانى، سنوات مرت زرعت فى قلبها البرود الذى كان كافيًا لأن يقتل الحب ويدمر علاقتنا إلى الأبد”.وكانت الغلطة ..

ـ أيه غلطة ؟

ـ عندما قررت أن أحضرها إلى هنا .. ويستكمل: “حاولنا فى البداية أن نحافظ على حبنا قدر المستطاع وأن نحميه من غدر الزمن، وتعاهدنا على أن البعاد لن يفعل بنا ما فعله بمن سبقونا، وعلى الرغم من حرصى الدائم على ذلك، واهتمامى بها طوال فترة الغربة إلا أنها تلونت ولم تعد كما كانت قديمًا، محاولاتى المستمرة للإصلاح جميعها باءت بالفشل، وهى اختارت البعد وتعاملت معه

هل انفصلت عنك؟

نعم ولم يعد يؤلمها كما كان قديمًا، أحاديثنا لم تعد تخلو من الحديث عن الأموال “قبضت”.. “هتجيب الفلوس امتى؟”..”العيال محتاجين.. أنا محتاجة” هكذا اختصرت علاقتنا، الشدة واللين والصبر والقوة كانت أسلحتى للدفاع عن علاقتى بها والتى فشلت فى أن تعيدها إلى وضعها السابق داخل قلبى

انفصلت أرواحنا، وأدوارنا فى العلاقة، فأنا أقوم بدورى فى جلب المال وهى فى تربية الأولاد، ولكنى تعلمت أن الحب لم يعد له مكان وقت أن أصبح ما يجعل زوجتى تطمئن جملة “أنا حولت لك فلوس” أكثر من “أنا بحبك قوى”.

فهمت الحرية على نحو خاطئ

أسعد يرى أن الزوجة هي السبب، وقال: “في سورية، كان وضعي المادي جيّدًا قبل الثورة، ثمّ ساءت الأحوال الأمنية والاقتصادية بسبب القصف والتدمير، فلجأنا إلى أوروبا، وقد تحملتْ زوجتي ظروفي الصعبة إبان الثورة، وهي من دفعني إلى السفر، تحملتُ عناء الغربة ثلاث سنوات بمفردي، إلى أن استطعت استقدامها مع أطفالي الثلاثة إلى ألمانيا، بطلب لمّ الشمل، وبعد عام فقط من وصولها إلى ألمانيا، وذهابها إلى المدرسة لتعلم اللغة؛ طلبتْ الانفصال من دون مبررات.

ـ كيف .. دون مبررات ؟!!

ـ الزوجة سبب الطلاق، لأنها فهمت الحرية على نحو خاطئ، وصارت ترى أن الطلاق بلا مبررات مُقنعة، هو من حقوقها.

أهم أسباب الطلاق هو القانون المتحيز للمرأة

يقول أبو حسن :الأطفال بعهدة الزوجة بمجرد وصول اللاجئة إلى البلد الأوروبي المقصود، يتم إجراء مقابلة معهن، وحينها تبادر الموظفة المسؤولة اللاجئة بالسؤال عن علاقتها مع زوجها، وعن تعرضها للضرب أو التعنيف من قبل زوجها، وفي حال تعرض اللاجئة لتصرفات من هذا القبيل فيتم فورا نقل القضية لمسؤول (التفريق) الذي يتولى على الفور قضية الطلاق، وفقا لأبو حسن.

ويضيف: “فور البدء بدعوى التفريق، يتم نقل الزوجة إلى مسكن خاص بها، ويعهد إليها تربية الأطفال في حال كانت قادرة على تربيتهن، ويتم توقيع الزوج على تعهد بعدم التعرض للزوجة”.

وهل حدث معك شيء من هذا القبيل؟

أنها تجربتي في هذا البلد، عندما كنت أتحدث معها في شيء لا يعجبها .. كانت تطلب لي الشرطة.

وأشار إلى أن الزوج يتعرض للإنذار في حال تعرضه للزوجة للمرة الأولى، بينما يواجه السجن إن تكرر الأمر، وقد ينتهي به الأمر إلى الترحيل القسري عن البلاد بشكل نهائي، كما يقول.

الدولة تشجع المرأة على الطلاق

ترى السيدة سماح أن الدولة تشجع المرأة على الطلاق إن كانت لديها الرغبة بذلك، وتعتبر أن حالات الطلاق انتشرت بشكل كبير في المجتمع العربي، لاسيما من النساء الصغيرات في السن، وتوضح “حصلت الكثير من المشاكل وصلت حدّ الفضائح والصراخ في الكامبات أو الأبنية السكنية، وأدت إلى تدخل الشرطة، وغالبيتها من نساء غير واعيات، وجدن بالدولة أو مكتب (السوسيال) حاميًا ومناصرًا لهن”.

ومكتب “السوسيال” معنيّة بالأشخاص غير القادرين على العمل، وتقدم المساعدة المادية لهم وتصرف بدل لباس سنوي، بالإضافة إلى تأمين سكن ومساعدات عينية أخرى، وتتدّخل مكاتبه لحماية الأطفال، ما يعتبره كثير من اللاجئين يصل حدّ الإزعاج.

تقلّ حالات الطلاق عند النساء الأكثر وعيًا، بحسب تعبير سماح، لاسيما إن تدخل أطراف كبار في السن لحل الخلاف وتهدئة الطرفين، وترى أن وجود الأطفال يعتبر عاملًا أساسيًا بامتناع الزوجين عن الإقبال على الطلاق.

وتضيف “تستطيع المرأة منذ وصولها هنا المكوث في (كامب) منفصل خصصته الدولة للنساء الراغبات بالانفصال عن أزواجهن.. كما أن مكتب (السوسيال) يشجع المرأة، لاسيما إن كان أطفالها يعانون من المشاكل الزوجية، ويعدها بتأمين منزل لها بعيدًا عن زوجها”.

إنها أوروبا، وليس باليد حيلة، فالنساء هنا «قوّامات» على الرجال

لم يكن يعلم “أبو شادي”، وهو مسؤول سوري سابق «رفيع المستوى» بحزب البعث العربي الاشتراكي وغادر البلاد طالباً اللجوء السياسي هنا، أنه سيقضي ليلته نائماً على الرصيف لدى عودته من سهرته في أحد الملاهي الليلية، بعدما أقفلت زوجته الباب جيداً ومنعت أولاده من أن يفتحوه له.

هذا ما لم يكن في الحسبان، بعد كل تلك السلطة والسطوة يُعاقب كما كان يُعاقب صغار موظفيه. كان مسؤولاً وله سطوته في بلده، أما هنا فهو لا يتعدى كونه لاجئاً ليس بوسعه فرض سيطرته حتى على أفراد أسرته. يقول: إنها أوروبا، وليس باليد حيلة، فالنساء هنا «قوّامات» على الرجال.

هناك في سوريا كان الأهل والأصدقاء والأقارب يبذلون جهداً في إصلاح ذات البين عند أي خلاف يحصل، وغالباً ما كان يلين الزوجان وتتبدل مواقفهما لأسباب كثيرة، منها خوف الزوجة من الطلاق وتبعاته والوصمة الاجتماعية والعنوسة، غير أن تبعات الطلاق تتلاشى هنا في المجتمع الأوروبي. وكان الكلاق هو الحل !!

الآن تتطلع الشابات “للأركيلة” و “الشيشة بار” .. وطلبية “بيتزا” للعشاء

يقول عمر، وهو محام عراقي شاب حصل على اللجوء أخيراً: «كان همنا حين جئنا إلى أوروبا الخلاص من تبعات الحروب ومشاكلها في بلداننا، ويشغلنا الحصول على الإقامة وفرصة جديدة للحياة من أجل أطفالنا، إلا أن الأمور اختلفت كثيراً، حتى قبل الحصول على الإقامة أخذوا النساء إلى دروس اجتماعية في جمعيات ومنظمات، وفي كل مرة هناك أمر جديد، دعوة للزوجة إلى الاستقلال أكثر والتصرف بحرية. هذا الانفتاح المفاجئ مُخيف لأسباب كثيرة».

ويضيف: «لسنا ضد بعض الأمور، لكن يجب مراعاة عاداتنا وتقاليدنا، وحتى ديننا، تعريف المرأة بمسؤوليتها تجاه أسرتها وزوجها أهم بكثير من دعوات الاستقلالية والحرية التي يدعون إليها، لم يعد بوسعنا حتى رفع أصواتنا على أطفالنا، أما ضربهم فيجعلنا نخسرهم لمصلحة الحكومة هنا».

ـ وهل لديك مشكلة مع استقلالية المرأة ؟

ـ  لا ليس في كل شيء، هناك أمور أتفهمها لا بد أن تكون المرأة فيها مستقلة، لكن مع مراعاة أن هناك “شركة” اسمها الزواج أو الأسرة، لا يجب أن تكون استقلالية المرأة على حساب الأسرة لمجرد التفاخر بالحرية. وهناك أمور لا أوافق عليها مطلقاً.

ـ اعطنا مثال لما ترفضه؟

ـ أنا لا أقبل مثلا أن تخرج زوجتي من المنزل ..

ـ قاطعته ضاحكة وقائلة .. بدون إذنك !!

ـ لا .. لا .. هذا زمن انتهى .. أقول دون معرفة مسبقة، إلى أين تذهب وكم من الوقت تستغرق، أعتقد أن هذا طبيعي حتى أنت في عملك كصحفية، إذا أردت الذهاب إلى موقع ما، سوف تقولين لزملائك إلى أين والمدة المطلوبة.

ـ صحيح

ـ هذا الجيل الجديد هنا مختلف عن الأجيال العربية التي أتت من قبل .. الزوجات الشابات الآن لها تطلعات أخرى، غير تطلعات أمي، رحمها الله، التي كان كل أملها “تربيتنا أفضل تربية” كما كانت تقول دائما .. عاشت كل وقتها لعائلتها ولأقاربها أيضاً.

الآن تتطلع الشابات “للأركيلة” و “الشيشة بار” .. وطلبية “بيتزا” للعشاء، المشكلة أن تلك التطلعات طغت على الأسرة والزوج والأطفال. لم يعد هناك وقت لديهن لتربية الأطفال، يطلبن أكثر مما يقدمن.

لم تكن قيمتي عندها تعادل نصف قيمة أهلها

أنا شاب في الخامسة والعشرين من العمر، وُلدت في برلين، وجدت لي والدتي فتاة تصغرني بأربع سنوات، كانت الفتاة ذات دين .. عائلتها رائعة .. أحببتها من كل قلبي .. بذلت لها كل ما يبذله المحب لمحبوبته، لكن .. كانت تصرفاتها مغايرة تماما لما كنت أتوقع، لم تكن تحب القيام بشؤون البيت .. لم تكن تقدم لي ذلك الاحترام الذي يجب أن يجده الزوج من زوجته .. لم تكن قيمتي عندها تعادل نصف قيمة أهلها (بداية من الأب والأم وانتهاء بأصغر إخوتها) كانت تقدم ما يريده أهلها على ما أريده .. كانت تشعر أنني كلما طلبت منها طلبا أنني أهينها وأعتبرها خادمة عندي .. كانت تريد القيام بأمور لأجلي دون أن أطلب منها ذلك .. تكره طلباتي .. بينما تكثر طلباتها الخاصة بها أو بأهلها كي أنفذها أنا .. دون رفض مني غالبا.

كانت سريعة الغضب .. بطيئة الرضى .. تكره الاعتذار .. وتعده ذلا وهوانا مهما كان الطرف الاخر.

كانت تلك التصرفات منها تتسبب بكرهي لها شيئا فشيئا .. حذرتها من هذا الأمر خصوصا .. مر على زواجي أشهر .. كلما أردت إصلاح الأمر إذا به يسوء أكثر فأكثر .. لم أشعر أنني زوج مستقل بحياتي الخاصة .. لم أشعر أنه ثمة أحد يقدر قيمتي الحقيقية كزوج .. في الوقت الذي لا زلت فيه أقدم لها حقوقها .. من نفقة ورعاية وحب ورومناسية .. لم يكن ينقصها شيء في نظر العقلاء .. إلا أنها كانت نتظر إلى ما أقدمه أنه لا شيء.

بعد كثير من المشاكل .. والنقاشات .. والأخذ والرد .. والصبر والأمل .. عزمت على الطلاق .. قررت ذلك بعد ما استخرت ربي كثيرا .. واستشارة من أثق به .. بعدما رأيت أن لا سبب يدعوني للبقاء معها .. فلم تحمل مني ولله الحمد .. طلقتها وبدأت أحس بالراحة من دونها ..

كانت تخطط للانفصال عندما وصلنا برلين

ركبَ “بلال” برفقة زوجتهِ وطفلتيهِ، أمواج البحر بعد أن باع كل ما يملك لتأمين مصاريف السّفر إلى الفردوس المُنتظر في إحدى الدّول الأوربية، إلى أن حطّ به الرّحال في ألمانيا، لكنه لم يكّن يعلم أنّ جنّته تلك؛ ستنقلب جحيماً.

فبعد إقامةٍ لم تتعدَّ العام الواحد، اضْطرّ للانفصال عن زوجتهِ بناءً على طلبها، بعد أن اكتشف علاقتها الغراميّة مع شابٍ سوريٍ آخر يعيش في ذات المُخيم الذي آواهم جميعاً من مآسي بلادهم في برلين العاصمة.

يكمل: “حينها طلبتُ من إدارة المُخيم أن تنقلني وطفلتَي الصغيرتين إلى مُخيمٍ آخر، حتى لا أرتكب جريمة قتل” يقول “بلال” لحكاية ما انحكت، وهو يحضن طفلتيه.

يمضي في سرد حكايتهِ وهو يُمرّر يديهِ على رأس طفلتيه “تنازلتْ زوجتي عن هاتين الطفلتين لأنها اعترفت أنها لا تريد الاحتفاظ بأيّ شيءٍ يُذكّرها بي. هي قالت أيضاً إنها لا تُحبني، وإنها لم تكن تجرؤ على طلب الطّلاق في سوريا خوفاً من أهلها، والآن هي حرّة ولا خوف من شيء، لأنها في بلدٍ تحمي حقوقها كامرأة”.

الطلاق على الورق أو الطلاق الوهمي

وفي المقابل انتشرت ظاهرة «الطلاق الوهمي» بين أسر اللاجئين، وهي محاولة لكسب مساعدات أكثر من الجهات المانحة هنا، إذ يدّعي بعض الأزواج أنهم على خلاف وقرروا الانفصال، وبالتالي يحصل كل منهم على سكن ودعم مستقل، وأمام مثل هذا الاحتيال تبقى الدولة عاجزة عن اتخاذ أي قرار، لأنه لا يوجد ما يمنع تواصل الزوجين بعد (طلاقهما) إلا إن طلبت هي ذلك.

يقول حسن …… : “العرب ما تَرَكُوا شي ما عملوه، حتى وصل بهم إلى اختراع ما يسمى بالطلاق الوهمي”.

ما هو هذا الطلاق؟

 يجيب بأنه يتم بالاتفاق بين الرجل والمرأة، وتقوم “الشؤون الاجتماعية” بإعطاء شقة وراتب لكل منهما، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة، مستخدمة سابقاً من قبل العرب القدامى.. لكنها انتشرت الآن مع تزايد أعداد الوافدين الجدد من بلادنا.

لماذا يقومون بالطلاق الوهمي؟

يقول إنهم لجئوا الى هذه الحيلة، لأنها الحل الوحيد للحصول على دخل أكبر من المساعدات، مؤكداً أن الطلاق يكون على الورق فقط وليس لفظياً، بالتالي، مشرعاً لنفسه أن يعيش مع زوجته في بيت واحد، والآخر يؤجره!

إلا أن الأمر لم يتوقف عند المسلمين من العرب، إنما وصل إلى المسيحيين أيضا، قاموا بالطلاق الوهمي، لكسب بيتين، والاستفادة من العوائد المادية بحسب تعبيره.

في قضية مماثلة، جاءت سيدة إلى المفتي تطلب فيها حكم الشرع في ما فعلته – وتفعله غالبية الزوجات – بحصولها على الطلاق الصوري من أجل اكتساب مميزات اجتماعية ومساعدات تقدمها الدولة للمطلقات، ، في حين تستمر الحياة الزوجية بشكل طبيعي!

يقول الأزهر في فتوى جديدة “حرّم من خلالها تطليق الزوجة طلاقاً صوريّاً، ثم إرجاعها بالاتفاق العرفي، من أجل الحصول على مساعدات من الدولة أو أهل الخير”.

وتحذر الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية ـ جامعة الأزهر، الأزواج والزوجات الذين يلجأون الى الطلاق الصوري، من عقاب الله، وهو أشد من عقاب القانون الذي يتهربون منه، بل إن من يفعل أو تفعل ذلك ويقلدهما الآخرون، يقول عنهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً».

.

.