وسائل وأساليب للحد من الطلاق وحماية حقوق المطلقة

أحمد الجمال

تضع الهيئة العامة للرقابة المالية، اللمسات النهائية على مشروع قانون جديد بشأن التأمين الموحد؛ استعدادًا لعرضه على مجلس الوزراء ومن ثم أخذ الرأي عليه وإرساله إلى مجلس النواب في دور الانعقاد المقبل والأخير والذي يبدأ أكتوبر المقبل؛ لمناقشته وإقراره.

وقال خالد النشار، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية “إنهم يدرسون إصدار وثيقة تأمين إجباري ضد مخاطر الطلاق، والتي بموجبها يسدد الزوج قيمتها التي تحدد وفقًا لكل حالة على أقساط محددة يتم الاتفاق عليها قبل الزواج، على أن يتم صرفها للزوجة المطلقة بعد توقيتات محددة من الطلاق”.

وأوضح أن الوثيقة التي يجري الحديث عنها مازالت تحت الدراسة، ولم يتم تحديد قيمة التعويض أو الأقساط المستحقة على الزوج ومدد صرف التعويض.

وأكد نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية “أن هذه الوثيقة إجبارية وتتيح صرف مبلغ مالي للمطلقة بعد الطلاق مباشرة دون انتظار صدور أحكام قضائية متعلقة بالنفقة أو غيرها من مستحقات المطلقة”.

وأشار إلى أن المبلغ الذي ستحصل عليه المطلقة لا علاقة له تمامًا بالنفقة والالتزامات الأخرى التي يقررها لها القانون، لافتًا إلى أن وثيقة التأمين ليست انحيازًا للمرأة، لكنها تنحاز إلى المجتمع الذي تعد المرأة أحد عناصره الرئيسية.

ومن المقترح أن يتم سداد مبلغ الوثيقة خلال إصدار قسيمة الزواج، وذلك ضمن رسوم قسيمة الزواج، وتعد الهيئة دراسة في الفترة الحالية لتحديد قيمة التأمين والأقساط المستحقة وفقًا للقانون الجديد، ومن أجل ذلك خاطبت الهيئة جهاز الإحصاء ووزارة التضامن الاجتماعي للحصول على بيانات حول حالات الزواج والطلاق سنويًا.

مشروع القانون المقترح فسره بعض المحللين بأنه يهدف إلى “دعم المطلقات ومساعدتهن على إعالة أبنائهن، والحد من انتشار الطلاق، خاصة في الحالات التي تحدث بسبب استهتار الأزواج”.

ولكن إعلان الاستعدادات لسن المشروع أثار جدلًا واسعًا في الأوساط المصرية، وانقسمت حوله الآراء، البعض يرى أنه في صالح المطلقات يساعدهن على إعالة أنفسهن وأبنائهن بعد محنة الطلاق، والبعض الأخر يرى أنه ليس سوى عبء جديد يتحمله الشباب المقبل على الزواج.

تنظيم الطلاق الشفوي

اختلفت وجهة نظر علماء دين بمصر حول الدعوة إلى إصدار قانون ينظم “الطلاق الشفوي”، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أهمية إصدار القانون للحد من حالات الطلاق بين الأزواج، ووقف فوضى الفتاوى التي تصدر عقب تكرار حالات الطلاق لأكثر من 3 مرات، يرى آخرون أن إقامة مشروع لا يجيز الطلاق إلا بوثيقة أمر غير شرعي.

وقال أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر سعد الدين الهلالي إن مصر تأخرت في إصدار قانون يحد من الطلاق الشفوي منذ أن أقرت الزواج الرسمي مطلع أغسطس عام 1931، مضيفا أن إصدار القانون يحمى التجارة بالدين والعبث من قيام الزوج بتطليق الزوجة عدة مرات ثم يقوم باللجوء للحصول على فتوى لاستمرار الزواج أو البحث عن محلل.

بينما رأى مستشار وزير الأوقاف المصري صبري عبادة أن ما تدعو إليه القوى السياسية بإقامة مشروع لا يجيز الطلاق إلا بوثيقة هو “تجرؤ على حرمة الله وحدوده”، لأن الطلاق هو ملك الرجل وحمى الإسلام الطلاق بسياج بأن يكون في كامل قواه العقلية أو أن يكون هناك سبب لإنهاء العلاقة أو باستحالة العشرة.

ومع ارتفاع حالات الطلاق وانتشارها في العالم العربي، اتجهت بعض الدول لتشريع وسن القوانين في سبيل حماية حقوق المرأة المطلقة خاصة الحاضنة والمعيلة، لما يواجهها من مشاكل وأزمات، وأيضا مواجهة ارتفاع نسب الطلاق في البلدان.

نرصد في التقرير التالي بعض أساليب الدول المختلفة في حماية حقوق المطلقة وأبنائها والحد من نسب الطلاق الناتج بعضها عن استهتار الأزواج.

– ماليزيا.. «رخصة الزواج»

الحكومة الماليزية اتجهت لإيجاد حلول عملية وفعالة لمواجة تفاقم نسب الطلاق في البلاد، فتبنت الدولة مشروع «رخصة الزواج»، التي بموجبها يلتزم الشاب والشابة المقبلين على الزواج بأن يخضعوا إلى دورات تدريبية متخصصة، داخل معاهد خاصة يحصلون بعدها على رخصة تسمح لهم بعقد القران.

ووفقًا لصحيفة «هسبريس» المغربية، استطاعت الشهادة الإلزامية لعقد القران، التي أقرها رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد في عام 2004، أن تخفض نسبة الطلاق بالبلاد، من 32% إلى أقل من 8% خلال 10 سنوات، لتصبح من أقل دول العالم في نسب الطلاق.

– الجزائر.. صندوق النفقة للمطلقات

في يناير 2015، وفي سبيل الحفاظ على كرامة المرأة المطلقة، وتلبية لطلباتها المادية، أنشت الحكومة الجزائرية -بناء على تعليمات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة- صندوقًا خاصًا للنساء المطلقات الحاضنات، يتولى دفع نفقة المطلقة وأولادها نيابة عن طليقها، على أن يتولى الطليق سداد المنح التي دفعها الصندوق للمطلقة بقوة القانون، ما يجعل الرجل غير قادر على التهرب من دفع النفقة ما دام سيتابع قانونيًا من طرف الدولة.

– الإمارات..انتداب محكمين أسريين

أما الإمارات فقد اتجهت لاستحداث آلية جديدة عبر انتداب محكمين في قضايا الأحوال الشخصية من خلال لائحة المحكمين الأسريين، في عام 2015، على أن يتم اختيارهم وتدريبهم وفق ضوابط محددة، وذلك بهدف تقليل نسبة الطلاق بالبلاد، والتوفيق بين الأزواج، وزيادة فرص الاستقرار الأسري، فضلًا عن إنجاز قضايا الصلح في أجواء بعيدة عن طبيعة المنازعات في المحاكم.

– السعودية.. قررات عديدة

خلال العام 2018، انتصرت المملكة العربية السعودية للمرأة، فأقرت وزارة العدل عشرات القرارات الوزارية التي تعزز من حقوق المرأة السعودية، من ضمنها عدة قرارات انتصرت للمرأة المطلقة، أبرزها تنظيم صندوق النفقة للمطلقة وأبنائها المرتبط مباشرة بوزير العدل، لضمان صرف النفقة للمطلقة دون تأخير، فضلًا عن الحجز على راتب الزوج للمرأة الصادر بحقها حكم نفقة، وفقًا للائحة التنفيذية في قضايا النفقة الأولوية.

ويظن الكثيرون بأنها ستحل الكثير من المشاكل المتعلقة بقضايا النفقة وتخفف من أعباء الزوجة ومشقتها في اللجوء إلى محكمة التنفيذ شهريًا.

.