المناخ .. أزمة الأزمات وأم المعارك

عاطف عبد العظيم

استنتج علماء فرنسيون أن آثار التغير المناخي ستكون أكثر وضوحاً مما هو متوقع، بغض النظر عن الجهود المبذولة لتطويقها.

وأكد العلماء أن هذا الاستنتاج جاء نتيجة دراسات ومحاكاة مناخية عملية ستفيد في تطوير أبحاث مجموعة الخبراء الدولية المعنية بشؤون المناخ والاحتباس الحراري. ويقول العلماء أن استمرار تصاعد النشاط الاقتصادي البشري وتزايد استخدام مصادر الطاقة الأحفورية سيؤدي في أسوا الأحوال إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى ما يقارب 7مْ عام 2100.

وكان مؤتمر باريس للمناخ عام 2015 قد تحدث عن ضرورة الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى ما هو أقل من 2 أو 1.5مْ.

ويتطلب تقليص الارتفاع الحاد لدرجة حرارة الأرض التخفيض الفوري لانبعاث غاز “ثاني أكسيد الكربون” والتوصل إلى اقتصاد خال من الكربون على المستوى العالمي في أفق عام 2060.

يقول القائمون على الدراسة إن “معدلات ارتفاع درجة حرارة الأرض ترتبط بشكل وثيق بالسياسات البيئية التي ستنفذها الدول على مدى القرن الحالي”. واختتم العلماء دراستهم بالقول إن موجات الحر الشديدة والاضطرابات المناخية التي يشهدها العالم حالياً، خاصة في أوروبا، ستستمر بكل الأحوال على الأقل خلال العقدين القادمين.

أزمة الأزمات

في حديثه إلى الصحفيين في العاصمة ناسو، أعرب الأمين العام عن تضامن الأمم المتحدة مع حكومة وشعب دولة جزر البهاما، مشيرا إلى الدمار الذي خلفه الإعصار على بعض البنى التحتية في المناطق المتضررة. في بعض المناطق “تم تدمير أكثر من ثلاثة أرباع المباني، أو تحولت المستشفيات والمدارس إلى ركام”. كما أشار إلى أن الآلاف سيظلون بحاجة إلى الغذاء والماء والمأوى، وأن الكثيرين يواجهون حالة من عدم اليقين في المستقبل “بعد أن فقدوا كل شيء”.

وأشار الأمين العام في حديثه إلى أن أزمة المناخ قد ولدت أعاصير وعواصف عنيفة، صارت “تحدث بكثافة وتواتر أكبر” حسب تعبيره. وحذر غوتيريش من أنه، “ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة سوف تزداد أزمة المناخ سوءا لتصبح وفقا لتعبيره “ضربة ثلاثية من الظلم”.

وعدد الأمين العام ثلاثة “تأثيرات ظالمة” أولها، إن أسوأ تأثير لأزمة المناخ سيقع على أقل البلدان تسببا لانبعاث الغازات الدفيئة، وقال إن “جزر البهاما هي مثال جيد على ذلك”.

وثانيها، إن أفقر الناس وأضعفهم في تلك البلدان هم من سيعانون أكثر من غيرهم كما حدث لمجتمعات بعينها.

ثالثا، “تسجن العواصف المتكررة البلدان في دائرة من الديون والكوارث”.

ورغم أن التكلفة المالية لإعصار دوريان لم يتم تحديدها بعد، إلا أن غوتيريش  قدّر بأنها “ستكون بمليارات الدولارات” وقال إنه لا يمكن أن يتوقع من جزر البهاما أن تسدد هذه الفاتورة وحدها.

معارض السيارات تقتل المناخ

ولقى معرض السيارات في فرانكفورت هذه السنة معارضة شديدة من ناشطين بيئيين هي الأوسع من نوعها، في دليل على أن صناعة السيارات لم تعد حتّى في ألمانيا منزّهة عن الخطأ.

واحتشد مئات المتظاهرين في مجمّع المعارض في المدينة، سالكين طريقين منعت فيهما حركة السير ورافعين لافتات متعددة.

وغرّدت منظمة “بوند” غير الحكومية التي شاركت في تنظيم هذه التظاهرة “نريد أن يفسح المجال للمشاة وركاب الدراجات الهوائية والمواصلات العامة”.

وقال الناطق باسم مجموعة “كومباكت” إن “قطاع السيارات غشّ في ما يخصّ الديزل وهو يساهم في تفاقم الأزمة المناخية”.

وتزعزعت أركان القطاع منذ تكشّف فضيحة التلاعب بنتائج محركات الديزل لدى “فولكسفاغن” سنة 2015 ، ويشكّل معرض فرانكفورت للسيارات فرصة لتوجيه أصابع الاتهام لهذا القطاع في وقت يزداد التركيز على ضرورة التحرّك من أجل المناخ.

وقالت الناطقة باسم تجمّع “Sand im Getriebe” الداعية لهذا التحرّك “نريد أن تتطوّر وسائل النقل العام”.

ويتميّز هذا الحراك النشط في الدفاع عن البيئة الذي يتّسع نطاقه في أوروبا منذ أشهر بشنه عمليات متماشية مع القانون وأخرى مخالفة له. وهو بات يستهدف قطاعا لطالما كان يتعذّر المساس به في ألمانيا نظرا لأهميته الاقتصادية.

وأثناء افتتاح المعرض ، أطلقت “greenpeace” حركة احتجاجية مع نحو عشرين ناشطا ارتدوا سترات خضراء نفخوا بالونا كتب عليه “ثاني أكسيد الكربون” خلف سيارة رباعية الدفع. وقال ناشط في المنظمة إن “قطاع صناعة السيارات لم يستوعب بعد الأزمة المناخية. وبدلا من أن يستعرض هنا السيارات الرباعية الدفع الشديدة الاستهلاك للوقود، ينبغي له وضع حدّ لهذا النوع من المركبات”.

وتظاهر أعضاء من المنظمة أيضا أمام جناحي “فولكسفاغن” و”بي ام دبليو” خلال زيارة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل المعرض. وصعد محتجّون على سيارات رباعية الدفع ورفعوا لافتات تظهر سيارات كتب فوقها “قاتلات المناخ”.

وبعد فرانكفورت، يصبّ النشطاء تركيزهم على برلين حيث تقدّم الحكومة تدابير لمكافحة التغير المناخي.

وهناك الجناح الأكثر تشددا في الحراك البيئي الألماني المستعدّ لخوض تحرّكات مخالفة للقانون للفت الأنظار، خلافا للتظاهرات الشبابية المندرجة تحت شعار “Fridays for Future”.

بالإضافة إلى التظاهرات التي تتزايد وتيرتها بدفع من الناشطة السويدية الشابة “غريتا تونبرغ”، يبصر مزيد من الحركات النور، مثل شبكة “Extinction Rebellion” الأوروبية ويتردد صداها في مدن أوروبية مثل باريس ولندن وبرلين.

ونجحت جماعة “Ende Gelände” في محاصرة منجم شاسع للفحم في ألمانيا في حزيران/يونيو، ما أدّى إلى وقف العمل في الموقع.

المناخ وحزمة الحكومة الألمانية

أخيرا وبعد جدل ومشاورات بطيئة أصدرا الحكومة الألمانية  عدة قرارات سُميت حزمة المناخ Klimapaket .

النقاط الرئيسية لحزمة المناخ حسب مقررات الحكومة الألمانية كالتالي:

ـ يجب أن يعطي سعر لثاني أكسيد الكربون في مناطق النقل والحرارة. يجب أن يبدأ سعر “ثاني أكسيد الكربون” للبنزين والديزل وزيت التدفئة والغاز الطبيعي في عام 2021 بسعر ثابت لحقوق التلوث بقيمة 10 يورو لكل طن من ثاني أكسيد الكربون. بحلول عام 2025 ، يجب أن يرتفع السعر تدريجياً إلى 35 يورو.

لا يجب أن تُحمل حقوق التلوث هذه على العملاء النهائيين، ولكن الشركات التي تضع أو تزود الوقود الأحفوري ووقود التدفئة.

ـ سيتم زيادة البنزين والديزل بحوالي 3 سنتات للتر، في الخطوة الثانية حتى عام 2026، ثم المتابعة إلى 9 إلى 15 سنتًا للتر.

ـ ينبغي أن تنخفض تكاليف الكهرباء تدريجيا. من عام 2021 ، يجب أن تسقط ضريبة “قانون الطاقة المتجددة”   Erneuerbare Energien Gesetz بمقدار 0.25 سنت لكل كيلووات / ساعة ، ثم بعد ذلك بعام بمقدار 0.5 سنت و 2023 بمقدار 0.625 سنت.

يجب تسريع التوسع في الكهرباء الخضراء.

ـ يجب على أي شخص يستبدل سخان زيت قديم بطراز أكثر ملائمة للمناخ أن يحصل على “بدل بديل” يصل إلى 40 بالمائة من التكاليف. يجب حظر تركيب سخانات الزيت الجديدة من عام 2026 – “في المباني التي يمكن فيها توليد حرارة صديقة للبيئة”.

لتفادي المصاعب الاجتماعية في تكاليف التدفئة ، يجب أن ترتفع إعانات الإسكان بنسبة 10 في المائة.

ـ من المقرر تقديم حافز ضريبي لتجديد كفاءة استخدام الطاقة للمبنى.

ـ تريد الحكومة جعل السفر بالسكك الحديدية أرخص وأقل تكلفة للرحلات الجوية. على سبيل المثال ، من المتوقع أن تنخفض ضريبة القيمة المضافة على تذاكر القطارات الطويلة من 19 في المائة إلى 7 في المائة اليوم.

في المقابل ، سيتم رفع ضريبة الحركة الجوية للإقلاع من المطارات الألمانية اعتبارًا من 1 يناير 2020. لم يتم ذكر تفاصيل الطرق التي تم ذكرها في الوقت الحالي. ـ من أجل زيادة الطلب الضعيف على السيارات الكهربائية ، يجب زيادة علاوة الشراء التي تحملها الحكومة الفيدرالية والمصنعون – للسيارات التي يقل سعرها عن 40،000 يورو. يجب أن تكون ضريبة السيارات موجهة أكثر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون عن ذي قبل.

.