الحركة الإسلامية في الداخل تلتحق بنتنياهو بانتخابات الكنيست المقبلة

سليم لقمان

قررت الحركة الإسلامية المتفرعة من جماعة الإخوان المسلمين، مخالفة النهج السائد في المجتمع العربي في إسرائيل، والتقارب مع حزب ليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو، في خطوة ستكون لها ارتداداتها االسلبية على الثقل العربي في انتخابات الكنيست القريبة.

وبالمقابل قررت ثلاثة أحزاب عربية، وهي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة برئاسة أيمن عودة، وحزب الحركة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي، وحزب التجمع العربي الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة، تشكيل قائمة موحدة للمشاركة في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية المقررة في مارس المقبل.

ويأتي ذلك بعد إعلان الحركة الإسلامية الجنوبية برئاسة منصور عباس الانشقاق عن القائمة العربية المشتركة، وخوض الاستحقاق الانتخابي بشكل منفصل تحت اسم “القائمة العربية الموحدة”، في خطوة تثير المخاوف من تأثيرها على نسب التصويت في المجتمع العربي داخل إسرائيل.

وكان انسحاب الحركة الإسلامية من التحالف العربي الذي نجح في فرض نفسه القوة الثالثة في انتخابات الكنيست الماضية، متوقعا، خصوصا بعد المواقف التي أبداها رئيسها منصور عباس، والتي تتناقض مع توجهات باقي الأحزاب العربية، خصوصا في علاقة بالتقارب مع حزب ليكود وزعيمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأيضا في موقفه من الأسرى الفلسطينيين الذين وصفهم في آخر تصريحات له بـ”المخرّبين”، الأمر الذي أثار غضبا واسعا في صفوف عرب 48.

وفي ردّه على أنباء حول زيارته لمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، قال عباس امس الاول الخميس “أن يتم وضعي في خانة دعم الإرهاب أو معانق للمخربين، فهذا عار من الصحة. ومن نشر أنني زرت السجون والتقيت بمخرّبين وعانقتهم، فهذا لم يحدث. أنا أدعم أجندة مدنية، عندي حلم للسلام والأمن المتبادل للشعبين والتسامح والشراكة بين الشعبين”.

وبدت تصريحات عباس موجهة بالأساس لمخاطبة ود اليمين الإسرائيلي. وتتهم القوى العربية الحركة الإسلامية التي تحمل فكر الإخوان المسلمين، بالحياد عن الثوابت وفتح المجال أمام نتنياهو والأحزاب الصهيونية لاختراق المجتمع العربي في إسرائيل، بحثا عن مغانم سياسية

وبدأ التحول في مواقف الحركة الإسلامية يظهر بشكل جلي حينما ناقضت باقي مكونات القائمة المشتركة في الكنيست، برفض التصويت على إسقاط حكومة نتنياهو، وقال عباس حينها إن إسقاط نتنياهو هو شعار انتخابي وليس هدفا للعمل البرلماني.

وأضاف “الواقع يفرض علينا التعامل مع الموجود وليس مع المرغوب”، ومضى يقول متسائلا “هل يعقل أن نبقى رافعين للشعارات وأن يكون أعلى سقف طموحاتنا إسقاط هذا أو ذاك بدلا من تغيير السياسات وإنجاح مطالب مجتمعنا العادلة”.

وتدحرجت مواقف الحركة الإسلامية إلى حد فتح الأبواب أمام معاقلها في مدينة الطيرة وأم الفحم في ديسمبر الماضي لنتنياهو الذي زار المنطقتين في خطوة أثارت ردود فعل متباينة في الشارع العربي.

ويعتبر نتنياهو، الذي ينظر للانتخابات المقبلة على أنها مصيرية ليس فقط في علاقة بمستقبله السياسي بل وأيضا في علاقة بالقضايا المرفوعة ضده، أن أحد مفاتيح النجاح في الانتخابات وتشكيل حكومة وفق النهج اليميني الذي يرجوه هو شق صفوف القائمة المشتركة، وأيضا محاولة الحصول على أصوات من المجتمع العربي تخول له الحصول على مقعد أو مقعدين، وهو أمر فارق بالنسبة إليه.

وكانت القائمة المشتركة التي حصدت في الاستحقاق السابق 15 مقعدا في الكنيست، مثّلت مصدر إزعاج كبير لنتنياهو، حيث لعبت دورا كبيرا في دعم خصومه من الوسط (تحالف أزرق أبيض بقيادة وزير الدفاع الأسبق بيني غانتس).

ودفع هذا الوضع ننتنياهو إلى محاولة استمالة الحركة الإسلامية التي تشكل أحد أقطاب القائمة المشتركة. ويرى مراقبون أن مواقف الأخيرة والتحولات الطارئة على مواقفها يعكسان عقلية نفعية بامتياز.

وتتمركز إحدى نقاط الانقسام الرئيسية في انفتاح عباس على العمل مع نتنياهو والقادة الإسرائيليين الآخرين من حزب ليكود لمعالجة القضايا القائمة منذ فترة طويلة مثل الجريمة والإسكان في المجتمع العربي في إسرائيل، الذي يشكل حوالي 20 في المئة من السكان.

ويقول عباس إن حركته تريد أن تحدد الأحزاب العربية “مع أي من رؤساء الأحزاب اليهودية الأخرى هي مستعدة أن تتعامل كبديل لنتنياهو من أجل تحصيل مطالب المجتمع العربي وحل مشكلاته”.

وفي المقابل يرى أمين عام الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة منصور دهامشة، أن الجبهة الإسلامية تبنّت “نهجا يختلف عن برنامجنا السياسي، وأصرّت على الدخول في مفاوضات مع حزب ليكود ومقايضة الموقف السياسي بمكاسب”.

ومن المتوقع أن تفوز الحركة الإسلامية ببضعة مقاعد في الكنيست. لكن، وفي سباق محتدّ حيث يجب على الفائز أن يجمع ائتلافا من 61 مقعدا لتحقيق أغلبية تؤهله لتشكيل حكومة، يمكن أن تظهر كصانعة ملوك غير متوقعة.

وتُظهر استطلاعات الرأي احتمال فوز حزب ليكود بزعامة نتنياهو بأكبر عدد من المقاعد دون تحقيق الأغلبية، لكنّ مقعدين اثنين قد يكونان كافيين لإحداث الفارق المرجو.

وقال أريك رودنيتسكي، وهو باحث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، “مع أخذ المأزق السياسي في الاعتبار، قد يلعب أي حزب عربي دور كاسر التعادل مقابل جني فوائد للمجتمع العربي. هذا هو الاعتبار السياسي الرئيسي بالنسبة إلى الحركة الإسلامية”.

وتتمتع الاقلية العربية في إسرائيل بالحق في التصويت، لكنها تواجه تمييزا واسع النطاق في الإسكان ومجالات أخرى. وتتمتع بعلاقات وثيقة مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، مما دفع العديد من الإسرائيليين اليهود إلى النظر إليها بريبة. وستكون انتخابات 23 مارس رابع انتخابات إسرائيلية في أقل من عامين. ويذكر أنه في حملات سابقة، اُتهم نتنياهو بالعنصرية والتحريض على الأحزاب العربية، لكنه اختار هذه المرة مغازلة العرب، وهو أمر اعتبره كثيرون محاولة لتسريع تفكيك القائمة المشتركة وتقليل الإقبال العام.

ويأمل نتنياهو في تشكيل ائتلاف حاكم يمدد بقاءه أكثر من 12 عاما في منصبه، ويستطيع من خلال ذلك الإبقاء على الحصانة من الملاحقة القضائية المرتبطة بتهم تتعلق بالفساد متورط فيها.

وقال رودنيتسكي إن حزب عباس يمكن أن يحقق نتائج جيدة بمفرده، إذ تبقى الحركة الإسلامية من أكبر الحركات الاجتماعية الشعبية الناشطة في المجتمع العربي. وأشار إلى تمتعها بقاعدة صلبة من الدعم الشعبي، لكنه تساءل عما إذا كان هذا سينعكس في عدد أصوات أكبر في الانتخابات؟

.