الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية والعربية في برلين في مئوية بلفور ” تصريح بلفور مشروع استعماري” .

م. تيسير الخلف

 

في الذكرى المئوية لتصريح ووعد بلفور تؤكد الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية والعربية في برلين على بطلان وعدم شرعية هذه الكارثة التي أدت إلى نكبة شعبنا  العربي الفلسطيني وساهمت في صناعتها الدول الإستعمارية وكان عنوانها تصريح بلفور في 02/11/1917 على لسان وزير الخاجية البريطاني آنذاك.

إن تصريح بلفور هو أهم حدث في التاريخ الصهيوني وهو تصريح من صناعة الغرب ـ فرنسا ، إيطاليا ، أمريكا ـ حيث مشاركتهم في صياغته والموافقة عليه وقد أراد الغرب الإستعماري بذلك زرع هذا الكيان في قلب العالم العربي لتفتيته وشرذمته وتقطيع أوصاله لتحقيق مصالحه الإستعمارية.

فذكرى مئوية تصريح ووعد بلفور تستدعي أبناء أمتنا إلى الذاكرة لتعريف العالم من خلاله بما أحل بشعبنا العربي الفلسطيني من كوارث عام 1948 بنكبته وقتله وتشريده واحتلال أرضه وهدم قراه وغدت نكبة متجددة ليومنا هذا نعيش فصولها على مدار الساعة ، حيث أكثر من ستة ملايين فلسطيني يعيشون التشرد واللجوء والشتات إلى يومنا هذا.

نكبة شعبنا ابتدأت قبل إطلاق بلفور تصريحه عام 1917 في إقامة وطن قومي للصهاينة في فلسطين ، فقد حاولوا قبل ذلك الضغط على السلطان عبد الحميد من أجل تحقيق ذلك، وهناك رسالة هيرتسل المشهورة للسلطان عبد الحميد بخصوص ذلك ، وكان رده عليهم واضحا ، بأن لو أعطتموني كنوز الدنيا فلن أمكّنكم من فلسطين، واستمر عمل الدول الإستعمارية بعد ذلك لتحقيق أهدافهم الخبيثة وتمكين الصهاينة من فلسطين ، وعقدوا اجتماعات عديدة من أجل تحقيق ذلك الأمر في بعض الدول الأوروبية كذلك في القيصرية الروسية من أجل فرض وتأسيس دولة للصهاينة في فلسطين بقيادة هيرتسل، وروّجوا لروايتهم بأن”فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”،وتصدرت بريطانيا العظمى تنفيذ هذه المخططات بأن أعطوا ملك ما لا يملكونه لمن لا يستحق،في تصرف فرض بقوة السلاح وهو غير قانوني وغير أخلاقي وغير إنساني. لقد عملت بريطانيا منذ الإنتداب على فلسطين على تمكين عصابات الصهاينة ودعمهم بالسلاح وتدريبهم عسكريا، وسهّلت جلبهم إلى فلسطين من كل أنحاء العالم من أجل قيام هذا الكيان الغاصب وشرعنة وجوده ، حيث حرصت على أن يتضمن صك الإنتداب عام 1922 نص روح التصريح وتطبيقه وصادقت عليه عصبة الأمم أنذاك ( بريطانيا ، إيطاليا ، أمريكا واليابان) لإضفاء الصبغة القانونية عليه.

لقد ابتدأت بذلك نكبة شعبنا وتشريده وقتله والإستيلاء على أرضه ليشكل بذلك كارثة على وحدة وطننا العربي.

ولم تكتفي بريطانيا بما صنعته من جريمة بحق شعبنا منذ مئة عام ، فها هي اليوم تؤكد على استمرار هذه الجريمة بدعوتها لحكومة الإحتلال يوم 07/11/2017 للإحتفال بمرور مئة عام على تصريح بلفور ، بدلا من أن تعتذر لشعبنا على فعلتها الإستعمارية مكتملة الأركان.

إن شعبنا العربي الفلسطيني يصر ومن خلال تحركاته في كل أماكن تواجده على فضح هذه الجريمة ومطالبة بريطانيا بالإعتذار والتعويض والتكفير عما فعلته بحق شعبنا، حيث اجتاحت الحملة الشعبية التي قادها ونظمها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ومركز العودة ومؤتمر فلسطينيي أوروبا ومعظم المؤسسات الفلسطينية الشعبية، من أجل القيام بتوعية الشعوب في العالم وسرد روايتنا وحشد الدعم الشعبي لصالح قضيتنا والضغط على الحكومات في العالم من أجل إنصاف شعبنا العربي الفلسطيني وقضيتنا العادلة.

إن الإمكانيات المتاحة اليوم هائلة وممكنة ويجب الإستفادة منها من أجل إيصال صوتنا، فعلينا العمل على بث مزيد من الوعي بين صفوف أبناء أمتنا حول كل مفاصل قضيتنا، وكيف نحافظ على التمسك بثوابتنا لاسترداد حقوقنا وتحميل المسؤلية لمن تسبب في نكبة أمتنا، وذلك من خلال الرعاية لهم وإيجاد البرامج والأدوات المتطورة التي تتماشى مع تصورات العصر وتواكبه، وقد شاهدنا كيف كانت المنصات الشبابية التي بقيت تعمل كخلية النحل في شتى العواصم في العالم، من أجل توحيد ورفع الصوت العربي الفلسطيني في كل الميادين،وفي الإعلام الإلكتروني وهم يغردون في الفضاء الإلكتروني وسبل التواصل الإجتماعي، ضمن الحملة التي أطلقها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، إضافة للعديد من الفعاليات والنشاطات والرسائل والندوات والمظاهرات الميدانية التي شهدتها عواصم العالم، في مئوية بلفور ،لإيصال صوتنا للعالم من أجل دعم قضيتنا ، ولنؤكد  للعالم على بطلان وعدم شرعية وعدم قانونية هذا التصريح والوعد ، ولنؤكد على حقنا في العودة والحرية والإستقلال وعلى حقنا في مقارعة المحتل بكل السبل والإمكانيات.

 

ومن جهتنا كمؤسسات وجمعيات فلسطينية وعربية في برلين، وأيمانا منّا بالعمل المشترك، وتوحيد الجهود ورصّ الصفوف، والوقوف في خندق واحد أمام غطرسة الإحتلال، تداعينا لعقد لقاء بهذا الخصوص في مقرالتجمع الفلسطيني في ألمانيا وذلك بتاريخ 03/10/2017،واتفقنا على القيام بعدة أنشطة وفعاليات في مئويّة بلفور، حيث كان بداية المبادرة الفورية من المؤسسات وجمعيات فلسطينية وعربية في برلين، القيام بإطلاق صفحة خاصة على سبل التواصل الإجتماعي للتعريف بوعد بلفور، كما وتم تنظيم إعتصام أمام السفارة البريطانية في برلين وتسليم رسالة المؤسسات بتاريخ 11/10/2017، كما وتم إنجاز ندوة بعنوان  “مئوية مشروع إستعماري لن ننسى ولن نسامح” وذلك بتاريخ 23/10/2017،  وتم عرض فيلم- طريق بلفور- ، وكذلك تنظيم وقفة إحتجاجية واعتصام أمام المفوضية اﻷوروبية في 27/10/2017 كما عقدت ندوة باللغة الألمانيّة موجّهة للجيل الثاني وللناطقين بالألمانيّة يوم 01.11.2017 وكانت بعنوان (مئوية بلفور… مشروع استعمار فلسطين).

 

وسيبقى نضال شعبنا تراكميا وستبقى قضيتنا حيّة ، ومن يعتقد بأن شعبنا سيعيش مئوية جديدة لتصريح ووعد بلفور الإستعماري فهو واهم ، فهذا شعبنا ما زال يقارع المحتل في القدس وفي الضفة المحتلة وفي غزة المحاصرة الصامدة وفي العمق الفلسطيني وفي المنافي والشتات ، فنحن شعب نصرّعلى التحرير والعودة ونيل الحرية والإستقلال، ونحن شعب لم يبخل بالتضحيات من أجل فلسطين، وقدّم الآف الشهداء والجرحى والأسرى وما زال ثابت الخطى على درب التحرير،وسيبقى شعبنا جبل لا يهزّه ريح، وستبقى فلسطين حرة عربية أبيّة، فالرّحمة للشهداء والحرية لأسرانا والشفاء لجرحانا.

 

الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية والعربية في برلين

 

اترك تعليقاً