التغذية القسرية تضع الأسرى على سكة الموت

مع دخول إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام يومه الثاني والعشرين، بمن فيهم أسرى مرضى، يصبح خبر استشهاد أي أسير متوقّعاً في أية لحظة، وهذا ما دفع أوساطاً فلسطينية وذوي الأسرى لقرع جرس الإنذار وإشعال الضوء الأحمر، وإطلاق نداءات الغضب من أجل إنقاذ الأسرى من خطر الموت.

ولم يعد الجوع وحده هو الخطر الذي يهدّد حياة الأسرى الفلسطينيين المضربين، ففي حال نفّذت إدارات سجون الاحتلال تهديدها باستخدام التغذية القسرية، فإنها بذلك تضع حياة أي أسير تستخدم معه هذا الأسلوب على سكّة الموت.

وتعني التغذية القسرية «إدخال المواد المغذية إلى جسم الإنسان عنوة وبعكس إرادته الحرة عن طريق الجهاز الهضمي، أو مباشرة إلى مجرى الدم». وأوضح في بيان «أن هذا النوع من التغذية يتم باستخدام طرق مختلفة منها إدخال أنابيب التغذية إلى المعدة عن طريق الأنف وحقن المواد الغذائية من خلالها بقوة إلى المعدة، أو عن طريق إدخال المواد الغذائية والسوائل عن طريق الحقن في مجرى الدم (الأوردة، الأوعية الدموية)»، كما يشرح رئيس وحدة الجهاز الهضمي في مجمع فلسطين الطبي حسام النادي.

تجربة مريرة

الأسرى الفلسطينيون لهم تجربة مريرة مع التغذية القسرية، حيث استشهد منهم ثلاثة أسرى بسببها، وهم راسم حلاوة من جباليا شمالي غزة في 20 يوليو 1980، خلال إضراب سجن نفحة. وبعده بأربعة أيام استشهد في نفس السجن والإضراب الأسير علي الجعفري من نابلس، وتبعهم إسحاق مراغة في 16 نوفمبر عام 1983 حيث استشهد متأثراً بالتغذية القسرية في إضراب نفحة.

وأقرت الكنيست الإسرائيلية العام الماضي بالقراءة الأولى قانوناً يسمح بتغذية المضربين عن الطعام رغماً عنهم، وسط معارضة من أطباء إسرائيليين كونه يتنافى مع الحقوق الإنسانية.

وما من شك في أن تطبيق هذا القرار على الأسرى المضربين سيكون له تداعيات خطيرة وانعكاسات سلبية على واقع الحركة الأسيرة التي تعتبر الإضراب من أهم الوسائل السلمية في التعبير عن الرأي والاحتجاج والمطالبة بالحقوق داخل السجون.

جهات تعارض

العديد من المنظمات الحقوقية والطبية أجمعت على مخالفة التغذية القسرية الأسلوب لمبادئ حقوق الإنسان، لأن القانون الدولي يكفل للأسير حق الخصوصية وحرية التحكم في جسده والإضراب عن الطعام، في حال تعرضت حقوقه للانتهاك. ومنها مثلاً إعلان مالطا الخاص بالإضراب عن الطعام والصادر عن الجمعية الطبية العالمية في نوفمبر 1991 والموقع من 43 جمعية طبية عالمية، أكد ضرورة أن يكون التدخل الطبي لصالح المُضرب وبموافقته الصريحة أو الضمنية، ومن دون تدخل طرف ثالث، كما نص الإعلان في مبادئه على أن التغذية القسرية لا يمكن قبولها أخلاقياً.

واعتبرت مجموعة قانونية أميركية تعرف باسم «مشروع الدستور» وتضم ديمقراطيين وجمهوريين قالت إن التغذية القسرية في غوانتانامو سوء معاملة يجب أن يتوقف، حتى إن بعض المؤسسات الإسرائيلية نفسها حرمت استخدام هذا الأسلوب، واعتبرته مخالفاً للأخلاق.

عصيان مدني

يأتي ذلك فيما دعت اللجنة الوطنية الفلسطينية لإسناد إضراب الأسرى إلى إعلان عصيان مدني واسع ضد إسرائيل في الضفة الغربية. ودعت اللجنة، في بيان لها بهذا الخصوص إلى أن تشمل حالة العصيان إغلاق الطرق الالتفافية في وجه الجيش الإسرائيلي ومستوطنيه والانطلاق من كافّة القرى والمخيمات والمدن إلى أقرب نقطة من الطرق الالتفافية وإغلاقها إغلاقاً كاملاً.

كما طالبت بمقاطعة البضائع الإسرائيلية بشكل كامل ومطلق ومنعها من الأسواق الفلسطينية والتصدي المباشر لدخولها، وإتلاف هذه البضائع اعتباراً من بعد غد الأربعاء كمهلة أخيرة لإفراغ رفوف المحلات والمخازن من هذه السموم.

وحثت اللجنة على الاعتصام في مقار اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم الاثنين، والاعتصام أمام مقار الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة العاملة في فلسطين غداً الثلاثاء، وإعلان إضراب تجاري حتى الساعة 12 ظهراً الخميس المقبل.

اترك تعليقاً