قلب الأسرى ينبض في الشارع الفلسطيني

لا توجد قضية توحّد الفلسطينيين وتنحي خلافاتهم مثل قضية الأسرى. فما يسمعه المراقبون من وصف الفلسطينيين لحالة الإضراب التي عاشوها أمس، يعيد للأذهان أيام الانتفاضة الكبرى (1987-1993).

حيث كان الشارع صدى لبرنامج القيادة الوطنية الموحدة والفعاليات التي كانت توزّع في بيانها الشهري. كانت الشوارع الفلسطينية أمس نابضة ولسان حالها يقول: قلب الأسرى مرّ من هنا.

في اليوم الثاني عشر لمعركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، يرتفع منسوب الخطر. صحيح أنه من السابق لأوانه الحديث عن خطر الموت في مثل هذا التوقيت، لكن هذا ينطبق على إنسان في وضع صحي طبيعي.

لكن إذا علمنا أن ثمة أسرى مرضى بين المضربين عن الطعام، فإن التحذير من إمكان سقوط شهداء يبدو ذا مصداقية عالية. الاحتلال نفسه يعرف أكثر من غيره هذه الحقيقة.

حيث إن الأسرى في حالة الإضراب يرفضون الخضوع لأية فحوص طبية ويرفضون تلقي أية علاجات، ذلك أنهم يخوضون الإضراب بإرادتهم وقرارهم الحر، وهو قرار تضحوي لا سقف له ولا محاذير بما في ذلك التضحية بالحياة نفسها لأجل حياة أفضل لأجيال.

التزام شامل

أمس لبى الفلسطينيون دعوة الإضراب العام والشامل تضامناً مع قرابة 1800 أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام يدخل اليوم يومه الثاني عشر، وينضم إليه مجموعات جديدة كل يوم وفقاً لبرنامج معد مسبقاً.

في وسط مدينة رام الله، مقر السلطة والعاصمة المؤقتة، حيث تجمّع عشرات من الفلسطينيين في خيمة اعتصام للتضامن مع المضربين، كانت الشوارع خالية تماماً مع إضراب وسائل النقل العام وإغلاق المحلات أبوابها بالأقفال. وبدت الشوارع التجارية والأرصفة التي تكون مكتظة في العادة هادئة تماماً. مراقبون لخصوا المشهد بكلمتين: شلل تام.

الإضراب شل كل مناحي الحياة في مدن الضفة الغربية وأريافها، وهذا ينطبق على مدن طولكرم وقلقيلية والخليل وسلفيت وجنين وغيرها، فيما شهدت خيام الاعتصام المقامة وسط المدن وجوداً للمتضامنين مع الأسرى.

الفلسطينيون ليسوا حديثي العهد بهذه الوسائل النضالية، بل هم من أكثر شعوب الأرض خوضاً لها، وفي مثل هذه الفعاليات النضالية تلتزم بالإضراب كل القطاعات كالنقل والمخابز والمتاجر، وكل القطاع الخاص والمؤسسات التجارية وكذلك المؤسسات التعليمية.

وحين تسأل موظفاً أو تاجراً عن التزامه بالإضراب يقول لك:«يمكننا التضحية بيوم واحد من أجل أسرانا الذين قدموا سنوات عديدة من حياتهم لأجلنا».

انضمام متدرّج

الإضراب عن الطعام صيرورة وليس خطوة، وهو معركة مفتوحة لا نهاية لها إلا برضوخ الجلاد والمحتل لمطالب الأسرى الذين لا يمثّلهم في التفاوض حول الإضراب إلا قيادتهم داخل الأسر وليس أي جهة خارجه.

الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات وجّه لجميع الأسرى دعوة بالانضمام المتدرج للإضراب المفتوح إلى أن يشمل جميع الأسرى، وربط بين استمرار الإضراب والهبة الشعبية في الضفة الغربية وصولاً إلى 15 مايو الذي يصادف ذكرى النكبة.

حيث قال سعدات إن 15 مايو سيكون يوماً مشهوداً من أيام نضال الشعب الفلسطيني.

قمع

أفاد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين كريم عجوة، الذي قام أمس بزيارة الأسير المضرب عن الطعام نصر أبو حميد المحكوم عليه بالمؤبد، والأسير المريض سعيد مسلم، أن وحدات القمع الإسرائيلية اقتحمت الثلاثاء غرف المضربين (1+2+3) بسجن عسقلان، واعتدت على الأسرى بسبب رفضهم الوقوف للتفتيش ورفضهم للتفتيش العاري، وجراء هذا الاعتداء الوحشي أصيب 5 أسرى.

اترك تعليقاً