هل يتم إعادة اللاجئين السوريين ؟

الدليل ـ برلين

 

على وقع سماعهم لأخبار المجازر والحصار في دوما وإدلب والغوطة الشرقية ومناطق أخرى ، يتابع  اللاجئون السوريون في الدول الغربية تصريحات توصف بـ«المجنونة»، تتفوه بها شفاه شخصيات من اليمين المتطرف في أوروبا، وتفيد بأن «الوضع في سوريا أصبح آمنًا»، لذا عليهم العودة.

ويستخدم هؤلاء المتطرفون ورقة اللاجئين السوريين في صعودهم السياسي لهذا الحد ، الذي يعني إلقاء ملايين من اللاجئين في وضع خطير عند ترحيلهم وإعادتهم إلى بلادهم، بزيادة موجة دعوات تتناغم مع سياسات اليمين الصاعد القائمة على أن الحرب في سوريا انتهت ولا مبرّر للبقاء.

 

في الدنمرك  عجل حزب «الشعب» بمناقشة قانونية إعادة اللاجئين السوريين إلى مدينة الرقة التي تعرضت لتدمير كامل بعد تحريرها من «تنظيم الدولة»، حيث يرى هذا الحزب الذي يحتل المرتبة الثانية بين الأحزاب الدنمركية المعارضة أنه «حان الوقت للاجئين السوريين القادمين من منطقة الرقة بالعودة إلى ديارهم» حسب ما قال زعيم الحزب مضيفًا: «لا أفهم لماذا لا يقف السوريون في الدنمرك، كغيرهم من أبناء بلدهم، أمام بيوتهم، وبمساعدة من الدانمرك؛ للمشاركة في إعادة إعمار بلدهم؟».

وأعاد اليمين الدنمركي الحديث عن ترحيل السوريين ليبدو أنه لن يتراجع عن مساعيه في إعادة اللاجئين، وربط تلك المسألة بالتفاوض على الموازنة العامة للبلاد، حيث يطالب بتقليص موازنة دمج اللاجئين في المجتمع الدنمركي على اعتبار أن إقامتهم مؤقتة، وسيغادون إلى سوريا، ولم يتوان اليمين المتطرف في الدنمرك وسط المعارضة غير القوية أمامه عن ترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية الدخول في مفاوضات مع النظام السوري؛ بغية إعادة السوريين على اعتبار أن ذلك هو البديل الوحيد؛ إذ يسعى هذا اليمين، الذي يملك نفوذًا على سياسات الحكومة، للحصول على تنازلات بشأن ترحيل اللاجئين بدءً بالسوريين الذين تعود أصولهم إلى الرقة، ثم استكمال الطريق لإعادة بقية السوريين الحاصلين على ما يعرف بـ«حماية مؤقتة».

 

في ألمانيا بالرغم من موقف الحكومة الداعم لقضايا اللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم قرابة 700 ألف سوري ، لا يمكن الاستهانة بدعوات حزبي «الاتحاد المسيحي» الديمقراطي المسيحي، برئاسة ميركل، و«الاجتماعي المسيحي البافاري»، بزعامة زيهوفر، التي تتعالى لترحيل السوريين إلى وطنهم بداية من الصيف القادم، والذي نجم عنها تقدم ولايتي: سكسونيا، وبافاريا، الألمانيتين، بطلب إعادة تقييم الوضع في سوريا من مؤتمر وزراء داخلية الولايات الألمانية، وهو طلب يحظى بدعم من جميع الولايات الألمانية التي يحكمها الاتحاد المسيحي، بل وصل الأمر لتقدم حزب «البديل من أجل ألمانيا» بطلب للبرلمان الألماني يدعو فيه الحكومة الألمانية إلى التفاوض مع نظام الأسد حول اتفاقية لإعادة اللاجئين؛ إذ يحاول هذا الحزب اليميني المتطرف عقد اتفاقية مع النظام السوري من أجل إعادة السوريين إلى بلادهم مع تأكيده أن الاتفاقية تضمن عدم إلحاق الضرر بهم، وإيوائهم في الأماكن الهادئة في سوريا.

 

في السويد، التي باتت تشدد قوانين اللجوء أكثر ؛ إذ أعلنت الحكومة في 2016 عن نيتها طرد عشرات آلاف اللاجئين، واتخذت قرارات فعلية بطرد آلاف الأفغان والعراقيين المرفوضة طلبات لجوئهم، بل أعلنت في مايو (أيار) الماضي عن مواصلة تنفيذ إجراءات طرد حوالي 80 ألف لاجئ ومهاجر وصلوا إليها في العام 2015، ويشكل اللاجئون السوريون 90% من طالبي اللجوء في السويد، وتوافق السويد على ما يقرب من نصف طلبات اللجوء المقدمة إليها فقط، فيما تنذر المرفوض طلباتهم بالمغادرة الطوعية، أو الطرد بالقوة، وهو ما يدفع هؤلاء إلى الفرار من أماكن الاحتجاز العائدة لوكالة الهجرة الحكومية؛ حيث تكلل رحلة تواريهم عن أنظار الأجهزة الأمنية بمخاطر عدة.

 

في اليونان، فقد اتخذت خطوات تخص اللاجئين في سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما قررت محكمة إدارية – في سابقة خطيرة – ترحيل لاجئين سوريين بشكل إجباري، حيث تأثر أكثر من 750 سوريًا بالحكم الذي أصدرته محكمة «مجلس الدولة» والقاضي بإعادتهم إلى تركيا التي عبروا منها إلى اليونان العام الماضي، وعلى اعتبار أنها بلد آمن بالنسبة لهم، وهو ما نفته مجموعات حقوقية أكدت بأن الافتراض خاطئ وسط غياب الضمانات بحصول اللاجئين السوريين على مأوى وعمل في تركيا، واحتمال تعرضهم إلى انتهاكات واستغلال.

 

هل سوريا آمنة الآن؟

يروَّج اليمين المتطرف في الدول الغربية كما أسلفنا لفكرة أن سوريا باتت آمنة وخالية من التنظيمات الإرهابية، مع استمرار الترويج للمواقف المعادية ضد هؤلاء اللاجئين، ويستمر ذلك بالرغم من أن منظمات معنية بشئون اللاجئين، وأهمها هيئة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تشدد على أن الوضع لن يتغير كثيرًا في سوريا في عام 2018، حيث إن «جميع المناطق في البلاد معنية مباشرة، أو بصفة غير مباشرة بالحرب والعنف، وعلى هذا الأساس لا يحق لأي بلد أن يرحل لاجئين ضد إرادتهم إلى هناك».

 

إن لم يكن هناك حل نهائي للصراع في سوريا بما يضمن انتهاء العمليات العسكرية، وضمان سلامة المدنيين، والبدء بإعادة الإعمار، لن يكون هناك ترحيل لأحد، ولن يجبر أحد على الرحيل حسب القانون.

اترك تعليقاً