ماذا تعرف عن “عمر الخيام” ؟

معتز دياب

عمر الخيام هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام، وعرف باسم الخيام لأنه لقب والده حيث كان يعمل في صناعة الخيام، وهو عالم وفيلسوف وشاعر فارسي مسلم، ويذهب البعض أن عمر الخيام من أصول عربية، ولقد ولد عمر الخيام في مدينة نيسابور بخراسان في إيران في 18 مايو سنة 1048م وتوفي بها في 4 ديسمبر عام 1131م عن عمر 83 سنة، وقد نبغ الخيام في الرياضيات والفلك واللغة والفقه والتاريخ.

نشأته وحياته

كانت مدينة نيسابور التي ولد فيها عمر الخيام إحدى المدن الرائدة في خراسان خلال العصور الوسطى والتي وصلت إلى الذروة في الازدهار في القرن الحادي عشر في عصر الدولة السلجوقية، فقد كانت مركزا رئيسيا للديانة الزرادشتية والذين اعتنقوا بعد ذلك الإسلام، هذا وقد أمضى عمر الخيام حياته في مدينة نيسابور وكان يدرس مع صديقين وتعاهد الثلاثة على أن يساعد من يوافيه الحظ الآخرين وبالفعل عندما أصبح صديقه “نظام الملك” وزيرا للسلطان ألب أرسلان خصص لعمر الخيام مبلغا من المال يتقاضاه من بيت المال كل عام ما ساعد عمر الخيام على التفرغ للبحث والدراسة.

قضى عمر الخيام طفولته في نيسابور وتم تقدير مواهبه من قبل أساتذته الأوائل الذين أرسلوه إلى الإمام “موفق نيسابوري” وهو أعظم مدرس ومعلم في منطقة خراسان والذي كان يدرس لأولاد النبلاء.

سافر الخيام بعد دراسة العلوم والفلسفة والرياضيات وعلم الفلك في نيسابور إلى مدينة بخارى في عام 1068 حيث كان يتردد على مكتبة الفلك المرموقة، وفي عام 1070م انتقل إلى مدينة سمرقند حيث كان يعمل “أبو طاهر” حاكم ورئيس القضاة في المدينة، وقام  الخيام بأعماله الجبرية الأكثر شهرة وهي رسالة في “براهين الجبر والمقابلة”.

دخل  الخيام في خدمة السلطان “ملكشاه الأول” وذلك في عام 1073م وهو في سن السادسة والعشرين من عمره ثم سافر بعد ذلك إلى أصفهان بدعوة من قبل وزير نظام الملك في عام 1076م وذلك بهدف الاستفادة من المكتبات ومراكز التعليم هناك، وفي ذلك الوقت بدأ الخيام في دراسة أعمال عالم الرياضيات اليوناني “إقليدس” وشرع في إنشاء مرصد فلكي لإجراء عمليات رصد فلكية دقيقة تهدف إلى مراجعة التقويم الفارسي القديم.

بعد وفاة ملكشاه ووزيره فقد الخيام التأييد وانطلق إلى مكة من أجل أن يحج ثم عاد إلى نيسابور مسقط رأسه بعد تدهور حالته الصحية وقيل إنه عاش في عزلة عن الناس حتى توفي عن عمر يناهز 83 عاما في مدينة نيسابور في 4 من ديسمبر عام 1131م ثم دفن في قبر قد تنبأ بموقعه في شعره في بستان تسقط فيه الأزهار مرتين في السنة ويطلق على هذا المكان الآن “ضريح عمر الخيام”.

عالم رياضيات

رغم أن عمر الخيام مشهور كشاعر إلا أنه اشتهر بين علماء الرياضيات بالجبر وهو صاحب التقويم الفارسي المتبع إلى هذا اليوم، وهو أول من استخدم الكلمة العربية “شيء” التي تكررت في القرآن الكريم وقد استخدمها عمر الخيام للدلالة على الكلمة التي رسمت في الكتب العلمية البرتغالية “xay” والتي بالتدريج استبدلت إلى الحرف الأول “x” الذي أصبح رمزا عالميا للعدد المجهول.

كان  الخيام أول من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وترجع شهرته أيضا لقدرته على حل معادلات من الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية، وقام أيضا بتنظيم المعادلات التكعيبية وبحث في نظرية ذات الحدين عندما يكون الأس صحيحا موجبا ووضع طرقا لإيجاد الكثافة النوعية.

ومن أهم مؤلفاته باللغة العربية “شرح ما أشكل من مصادرات كتاب إقليدس- الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية- رسالة في الموسيقى”.

عالم فلك

برع عمر الخيام في علم الفلك أيضا وطلب منه السلطان ملكشاه سنة 467 هجرية/1074م مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم وبالفعل وضع الخيام تقويما سنويا بالغ الدقة ويقول المؤرخ جورج سارطون إن تقويم الخيام كان أدق من التقويم الجريجوري، وقد تولى الخيام الرصد في مرصد أصفهان.

قاد عمر الخيام مجموعة من علماء الفلك حيث توصل في عام 1079م مع فريقه إلى عمليات قياس طول السنة بدقة مذهلة وعبروا عنها بـ14 خانة 365.2421985815 يوما، وفي الواقع فإن هذا الرقم دقيق في خاناته الثماني الأولى وفقا لأكثر القياسات الحديثة دقة ويحدث خلاف في السنة الثامنة من سنة لأخرى.

.