للكبار فقط .. عش طويلا

يقول البعض إنك لن تبلغ سنًّا معينة إلا إذا كنت تشعر أنك في هذه السن. هذا الأمر يبدو صحيحًا؛ فالشعور بأنك أصغر سنًّا من عمرك الحقيقي قد يساعدك في الواقع على العيش لفترة أطول.

محمد رضا

.

الخلود؛ كلمة السر التي يبحث عنها العلم على مر القرون، ومنذ بدء الخليقة.

ربما تبدو فكرة الخلود أقرب للخيال منها للحقيقة، لكنها كانت الدافع وراء التطور العلمي، خصوصًا في مجال الطب والصحة، والتي جعلت متوسط عمر الإنسان يزداد تدريجيًّا خلال القرون الماضية.

منذ عام 1800، أصبح متوسط ​​العمر في العالم متقاربًا بين الدول. العديد من البلدان التي كانت تعاني من انخفاض متوسط عمر الإنسان تمكنت من اللحاق السريع بركب الدول الأكثر تقدمًا. ومنذ عام 1900، زاد متوسط ​​العمر المتوقع في العالم بأكثر من الضعف، وهو الآن أعلى من 70 عامًا.

ومع هذا، عاد العالم إلى عدم المساواة في متوسط ​​العمر المتوقع بصورة أكبر داخل البلدان وخارجها. في عام 2019، كان متوسط عمر الإنسان في جمهورية أفريقيا الوسطى حوالي 53 عامًا، بينما كان متوسط ​​العمر المتوقع في اليابان أكثر من هذا بحوالي 30 عامًا. هذا الأمر يتعلق بأمرين، الأول هو مستوى الخدمات الصحية المقدمة في الدولة، وبالطبع يظهر هذا العامل بقوة في الدول الأكثر تقدمًا.

بينما العامل الثاني هو أسلوب الحياة الذي يتبعه الشخص، وهو أمر ليس بدرجة الصعوبة نفسها التي يمكن أن نتخيلها، بل إنه عامل متوافر لغالبية سكان العالم، ويمكنهم الأخذ به عبر تغيير بعض العادات الضارة، والتركيز على عادات أكثر كفاءة غير مكلفة. السطور التالية، تستعرض خمس عادات قد ترفع من متوسط عمر صاحبها.

نشاط أقل للمخ .. استرخِ ولا تستهلك عقلك

ما الذي يتمتع به الأشخاص الذين يعيشون لفترة أطول بشكل عام؟

أوضحت الدراسات الحديثة أن هؤلاء يتمتعون بمستوى منخفض من النشاط العصبي، مقارنة بأولئك الذين لديهم حياة أقصر، ويقصد بالنشاط العصبي كل شيء بدءًا من مجرد ارتعاش الجسم وحتى تحريك الذراعين والتفكير. ويبدو أن البروتين المعروف بحماية الدماغ ـ عند كبار السن ـ من الخرف مسؤول عن هذا الاختلاف، وهو اكتشاف قد يمهد الطريق للعقاقير المخصصة لزيادة العمر.

ودرس الباحثون أنسجة المخ من مئات البشر الذين يتمتعون بصحة جيدة، والذين ماتوا بين سن 60 و100 عام. وعندما قارنوا عينات من أولئك الذين ماتوا قبل سن 80 مع أولئك الذين بلغوا 85 عامًا على الأقل، اكتشف الفريق أن أولئك الذين عاشوا عمر أطول لديهم عدد أقل من الجينات المرتبطة بالإثارة العصبية.

ووجدت دراسة أخرى أن التوتر والضغط العصبي زاد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية. بالإضافة إلى ذلك فإنه يؤدي إلى تغيرات كيميائية في الجسم تسبب إطلاق المزيد من الجزيئات الضارة التي يطلق عليها «الجذور الحرة»، والتي يمكن أن تسبب الضرر للأعضاء، وترفع ضغط الدم، وتؤدي إلى تغيرات عاطفية، وتلف الجينات؛ مما يؤدي إلى حدوث طفرات ترفع من احتمال الإصابة بالسرطان أو الصدفية. وفي المقابل فالتخفيف من التوتر يمكن أن يساعد أيضًا في تحسين النوم والعلاقات الشخصية، وتقليل الإفراط في تعاطي المخدرات والكحول.

اجعل من القهوة مشروبك المفضل

ربما تكون هذه النصيحة هي أجمل ما سمعه عشاق الكافيين في كل مكان، إذ إنك ستحصل على حياة لفترة أطول دون التضحية بمشروبك المفضل. فكوب قهوتك المفضلة اليومي يحتوي على فوائد صحية، ليس فقط المرتبطة بنشاطك الذهني وزيادة التركيز، بل يمكن بالفعل أن تطيل حياتك.

وتشير بعض الأبحاث إلى أن التناول المعتدل للقهوة قد يحارب داء السكري من النوع الثاني، وقد يقلل أيضًا من خطر الإصابة بالخرف وأمراض القلب. ووجدت دراسة من «جامعة هارفارد» أن أولئك الذين يشربون القهوة بانتظام يقل لديهم خطر الوفاة. كما أن القهوة تحفز أيضًا الجهاز العصبي، وترفع معدلات الأيض، وتزيد من أكسدة الأحماض الدهنية، والتي يمكن أن تساعد في تخفيف الوزن.

ـ تناول المكسرات.. التسلية لا تضر

على الرغم من أنك قد تعتقد أن المكسرات هي وجبات غير صحية لأنها كثيفة السعرات الحرارية، فإن العكس هو الصحيح، إذ إن لها بالفعل دورًا رئيسيًّا في كيفية العيش لفترة أطول. ووجدت دراسة من «جامعة هارفارد» أن الذين يتناولون الجوز (عين الجمل) يوميًّا كانوا أقل عرضة للموت خلال الدراسة بنسبة 20%. وعلى وجه التحديد، فقد انخفضت معدلات الوفيات الناجمة عن السرطان، وأمراض القلب، وأمراض الجهاز التنفسي.

وأظهرت أبحاث أخرى أن للجوز دورًا كبيرًا في صحة القلب؛ بسبب كمية مضادات الأكسدة التي يحتوي عليها. ويقول علماء إن المكسرات يمكن أن تعزز صحة الدماغ أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، تعد المكسرات مصدرًا كبيرًا للبروتين النباتي. وإضافة بضع حبات من المكسرات في وجبة الفطور تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى النصف. لا يهم أي نوع من المكسرات: الجوز أو اللوز، فقط تناولهم في الصباح.

ـ زِد من البهارات والتوابل في طعامك

قد يفاجئك أن بعض التوابل قد توصف لفوائدها الصحية وتأثيرها في عمر الإنسان. يحتوي الكركم على خصائص مضادة للالتهابات لا تصدق، والتي قد تحارب أمراض مثل آلام المفاصل، وتعزز من صحة القلب. لاحظ أنه يمكن للالتهابات أن تسرع من عملية الشيخوخة، لذا فإن أي شيء يقلل الالتهابات قد تساعد في إبطائها.

وتعد القرفة أيضًا من البدائل الصحية الأخرى. قد تحسن القرفة حساسية الأنسولين في الجسم، مما يساعد على تقليل خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. كما أن الاستهلاك المنتظم لها قد يقلل أيضًا من مستويات الكوليسترول المنخفض الكثافة.

وجدت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين يتناولون الفلفل الحار كانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة 13%، عن أولئك الذين لا يتناولونه.

ـ ادعم الآخرين .. العامل النفسي له مفعول السحر

يعد التواصل مع الآخرين من أهم عوامل تخفيف الإجهاد، والذي يمكن أن يساعد في تحسين صحتك  والحفاظ عليها، على المدى الطويل. وأفضل طريقة لتسخير هذه الفوائد هي بالتركيز، ليس على نفسك، ولكن على الآخرين. وأظهرت دراسة أجريت على كبار السن أن أولئك الذين شاركوا في مساعدة الآخرين ودعم الآخرين انتهوا إلى عيش حياة أطول.

وفي المقابل، لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا الرعاية والدعم، إذ إن منح المساعدة يزيد من عمرك، بينما تلقي المساعدة يقلل من طول حياتك. وإلى جانب خفض التوتر، فإن مساعدة الآخرين يمكن أن تؤدي إلى تقليل الالتهابات في الجسم، والتي – كما ذكرنا سابقًا- يعد مقدمة للمرض. الأفراد الذين يعيشون نمط حياة مليء بالإلهام والتعاطف والإيثار، لديهم مستويات منخفضة بشكل مدهش من الالتهابات، كما ذكرت الأبحاث العلمية.

وأظهرت دراسة تاريخية من «جامعة ميشيغان» زيادة خطر الوفاة بين الأشخاص الذين لديهم كمية منخفضة من الأصدقاء والعلاقات الشخصية ، وأيضًا من قلة جودة العلاقات الاجتماعية. يرتبط الرابط الاجتماعي بالعواطف الإيجابية والعديد من الفوائد الصحية، بما في ذلك وظيفة مناعية أفضل للجسم.

.