لارتداء النظارات الطبية .. أصول

يختار الكثيرون منا ألا يرتدوا نظاراتهم الطبية في بعض الأحيان، لأسباب مختلفة، كالراحة أو الأناقة أو حتى الخوف من أنَّ ارتداء النظارات سوف يجعل رؤيتنا أسوأ. حين يتقدم بنا العمر، تبدأ أبصارنا بالتدهور، لكنَّ الأمر لا يتعلق كثيراً بارتداء النظارات، وإنما بآثار كبر السن.

فهناك سببان أساسيان يجعلان الناس يرتدون النظارات: إما الإصابة بقصر النظر وإما بُعد النظر.

فالأشخاص المصابون بقصر النظر تكون مُقَل أعينهم أطول من اللازم، فيتركَّز الضوء أمام شبكية العين، ويسمح لهم برؤية الأشياء القريبة، لكنهم يجدون صعوبة في رؤية الأشياء البعيدة.

أما المصابون ببُعد النظر، فتكون مُقَل أعينهم أقصر من اللازم، فيتركز الضوء خلف الشبكية، وهو ما يجعلهم يستطيعون قراءة اللافتات البعيدة في الشارع، لكن لا يستطيعون رؤية الأشياء القريبة.

تلعب النظارات الدور الذي تلعبه مُقَل الأعين سليمة الشكل، وهو السماح بتركيز الضوء الداخل إلى العين على الشبكية مباشرةً، لرؤية صور واضحة. وهي تساعد على تقليل الإجهاد الزائد من على عضلات العين.

ومن المفاهيم الخاطئة الشائعة عن سوء البصر، أنه يحدث بسبب عضلات العين الضعيفة، لكن في الحقيقة، تحمي عضلات العين العدسة، إلى حد ما، لتحاول تركيز الضوء على المكان الصحيح. وتتقلص تلك العضلات أو تنبسط لدرجة معينة فقط؛ لتلائم وظيفة العين.

منذ عقود، كان أطباء البصر يعالجون الأطفال المصابين بقصر النظر بأن يصفوا لهم نظارات ذات قياس أقل من اللازم، أو نظارات تصحح الرؤية جزئياً فقط؛ لمنع البصر من أن يزداد سوءاً. وهذا لأنَّ أعين الأطفال لم تُتم نموها بعد، وهي عادة تزداد طولاً مع نموها داخل الجمجمة. وكان الأطباء يخشون أنَّ هذا قد يجعل حالات قصر النظر لديهم تزداد سوءاً.

لكن في عام 2002، أثبتت تجربة طبية أنَّ الأطفال الذين قد مُنحوا عدسات نظارات ذات قياس أقل من اللازم، ساءت رؤيتهم في النهاية. وكانت النتائج صادمة لدرجة أنَّ الباحثين اضطروا إلى إيقاف الدراسة مبكراً لأسباب أخلاقية.

ذلك لا دليل على أنَّ النظارات ذات القياس الأقل من اللازم تساعد المرضى، وقد توقف أطباء العيون عن وصفها علاجاً.

ربما نحتاج نظارات ذات قياس أقوى حين يتقدم بنا العمر؛ إذ تزداد أعيننا صلابة، وهو ما يُصعِّب عليها مهمة تغيير التركيز.

لذا فلنتوقف عن لوم نظاراتنا؛ فلا ذنب لها في ذلك.

اترك تعليقاً