طب المسنين .. عِلم الشيخوخة

كلنا سنكبر في يوم من الأيام، وستصبح التغیرات الفسیولوجیة أمرا لابد منه، كما ستحدث أيضا تغییرات انفعالیة وعقلیة عند كبار السن، فالعملیات الفسیولوجیة لا يمكن إيقافھا برغم أن بعض التمارين الرياضیة قد أفادت في تأخیر آثار كبر السن.

طب المسنین أو طب الشیخوخة ھو فرع من فروع الطب الذي يھتم بصحة كبار السن والمسنین، ويقدم علاج للأمراض الشائعة في ھذه السن المتقدمة وعلاج الإعاقات المترتبة علیھا. كانت أمراض الشیخوخة تندرج تحت الأمراض الباطنیة في بداية الأمر، ثم أصبح فرعاً قائماً بذاته

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمیة فإن كلمة مسن تطلق لكل من ھو أعلى من 65 عاماً  .. وطب المسنین يھتم بالمحور الصحى والخدمات الصحیة المراد تقديمھا للمسنین والحقوق والتشريعات الصحیة التى تضمن لھم حقوقھم، لتقديم رعاية صحیة متكاملة لكبار السن.

لماذا طب المسنین؟

ـ جاء فصل طب المسنین عن طب الأمراض الباطنیة وذلك للتركیز بشكل أعمق على مشاكل المسن وتوجیه الاھتمام الخاص به، ونشر وتشجیع مفھوم الشیخوخة النشطة وذلك بتغییر الفكر المجتمعى والذى يعتمد فى تعامله مع كبار السن على أن دورھم قد انتھى فى المجتمع وھذا خطأ كبیر

 -زيادة معدلات العمر، بل وھناك توقعات لزيادة معدلاتھا أكثر بفضل الطب الحديث والاكتشافات العلمیة المرتبطة به

 -تغیر مفھوم الحیاة ما بعد التقاعد عن ذى قبل، واعتبارھا مرحلة جديدة في حیاة الإنسان ملیئة بالنشاط والحیوية والإنجاز

 -وجود احتیاجات خاصة للمسن، فكبار السن لھم مشاكل واضطرابات صحیة تخصھم مثل الحالات المرضیة المزمنة وتداخل الأدوية لتعدد المشاكل المرضیة فى ھذه السن المتقدمة.

المھام التى تقدم من خلال ھذا التخصص

ـ التقییم الشامل للمسن:  ينطوي التقییم الشامل للمسن على تقییم شامل للفرد متعدد الأبعاد من قبل عدد من المتخصصین في العديد من التخصصات في صح ة كبار السن. وعادة ما ينتج عن ذلك وضع قائمة بالاحتیاجات والقضايا التي ينبغي معالجتھا، جنبا إلى جنب مع خطة رعاية ودعم فردية مصممة خصیصا لاحتیاجات الفرد ورغباته وأولوياته.

ومن المعتاد وصف المجالات التي تشمل “التقییم المتعدد الأبعاد” على النحو التالي:

ـ الأعراض الجسدية (التي يجب أن تشمل الألم) والأمراض الكامنة

ـ أعراض الصحة العقلیة (بما في ذلك الذاكرة والمزاج وسوء التنظیم)

ـ مستوى النشاط الیومي، سواء للعناية الشخصیة (خلع الملابس، والتنقل) ووظائف الحیاة (الاتصالات والطھي والتسوق .. ) الخ.

ـ شبكات الدعم الاجتماعي المتاحة، سواء غیر الرسمیة (العائلة والأصدقاء والجیران) والرسمیة (مقدمي الرعاية الاجتماعیة)

البیئة المعیشیة

– حالة السكن والمرافق والراحة، القدرة على استخدام التكنولوجیا وعلى استخدام وسائل التنقل.

ـ مستوى المشاركة الفردية، أي الدرجة التي يكون للشخص أدوارا نشطة، وتشمل أيضا مخاوف خاصة، مثال: الخوف من “السرطان” أو “الخرف” .. وتساعد معرفة ھذه الأمور وضع خطة الرعاية والدعم المتطورة.

ـ الآلیات التعويضیة التي يستخدمھا الفرد للتغلب على الضعف.  ومعرفة ذلك يسمح لخطة الرعاية والدعم بدمج استراتیجیات لتعزيز ھذه القدرة على الصمود

ـ تقديم المتابعة المباشرة والإشراف على برنامج رعاية المسنین ( يمكن في بعض المھام أن ينیب عنه بعض أعضاء الفريق ذوي التدريب المتخصص في رعاية المسنین.

ـ تقديم التثقیف الطبي للمريض وعائلته ومقدمي الرعاية.

الشیخوخة السلیمة:

إن وصف البعض بأنھم يعیشون شیخوخة سلیمة خالیة من وجود حالات مرضیة جسمیة أو عقلیة واضحة، لا ينفي التغیّر في عضو أو آخر من أعضاء الجسم. فھذا التغیّر ھو أمر طبیعي ومنتظر في مرحلة الكبر.

والشیخوخة، وإن كان يتفاوت درجة بین مسن وآخر تبعاً لاستعدادات الفرد الطبیعیة وتبعاً للمؤثرات الإيجابیة أو السلبیة التي رافقت مسیرته الحیاتیة. فھذه التغیّرات تزداد سلبیة كلما أسرف الفرد في استخدام طاقاته الجسمیة والنفسیة، وكلما كثر تعرّضه لمصادر الشدة والإجھاد في مراحل حیاته السابقة.

الشیخوخة المريضة:

العلل والأمراض الجسمیة التي تصیب المسنین كثیرة، منھا ما ھو طارئ، أو ما قد يأتي نتیجة حتمیة ونھائیة لعملیة تدريجیة من التغیرات العضوية المرضیة، كأمراض القلب والشرايین والكلى والكبد والأمراض السرطانیة… ومھما كانت الحالة المرضیة فإنھا تؤدي الى اختلال في توازن المسن مع ظروف حیاته، فالمرض يجلب له شعورا بالعجز والقلق والاكتئاب، وقد يكون بداية تحوّل جذري في سلوكه وتصرفاته وانفعالاته وعلاقاته مع الغیر.

ولعل من أھم خصائص الأمراض الجسمیة في الشیخوخة ارتباطھا المباشر وغیر المباشر بالعلل النفسیة والعصبیة والعقلیة، وقد يكون ھذا الارتباط وثیقاً بحیث يصعب التفريق بین ما ھو جسمي من الأعراض المرضیة، وبین ما ھو عارض من أعراض الشیخوخة في حد ذاتھا.

الشیخوخة والتغیرات التى يمر بھا الإنسان:

من أعراض الشیخوخة تدھور تدريجي في القدرات العقلیة على مدى سنوات طويلة لدرجة تؤثر على كفاءة المسن الاجتماعیة والعمل. كما تتدھور القدرة على التذكر، والقدرة على التفكیر المجرد، والحكم واللغة، كما تتدھور الشخصیة، وصعوبة تذكر الأشیاء ھي العرض الرئیسي للشیخوخة، فمثلا قد ينسى المسن استكمال شيء بدأ في عمله، بعد أن يكون قد تركه لشيء آخر لفترة قصیرة، فالشخص الذي بدأ يملأ يراد الشاي بالماء يمكن أن يترك الماء يسقط دون انقطاع لتركه لأي سبب طارئ، وقد ينسى الأب اسم ابنه أو ابنته، وقد لا يتذكر الآباء أن لھم أطفالاً أصلاً، وتبدأ النظافة تسوء والمظھر يختل، عندما ينسى المسن آخر مرة دخل فیھا الحمام، كما قد يفقد القدرة على ارتداء ملابسه.

وھناك العديد من الاضطرابات المرضیة التى قد تصاحب تدھور وظائف أعضاء جسده، والتى تتطلب رعاية طبیة بجانب رعاية المنزل.

أمراض الشیخوخة:

ـ مرض الزھايمر (النسیان): ھو حالة مرضیة تصیب الخلايا العصبیة في المخ وتؤدى إلى إفسادھا وإلى انكماش حجم المخ.  كما يصیب الجزء المسئول عن التفكیر والذاكرة واللغة.

وغالبا ما يحدث للأشخاص فوق سن الستین، ولكنه يمكن أن يصیب أشخاص في سن الأربعین. ويتسبب في أمراض أخرى (اختلال العقل) وانخفاض القدرات العقلیة لكبار السن.

ـ ھشاشة العظام:  ھشاشة العظام ھى حالة ضعف أو نقص في كثافة العظام والتي تؤدي إلي ھشاشتھا وسھولة كسرھا. تحتوي العظام علي معادن مثل الكالسیوم والفسفور والتي تساعد علي بقاء العظام كثیفة وقوية. وھشاشة العظام فى سن الشیخوخة تحدث نتیجة نقص الكالسیوم بسبب تقدم العمر وعدم وجود توازن بین العظام التي تنكسر والعظام التي تنمو من جديد. وكلمة الشیخوخة تعني أن ھذه الحالة لا تحدث إلا في الأعمار الكبیرة وھى عادة تحدث للأشخاص فوق سن السبعین، وتتضاعف عند السیدات أكثر من الرجال.

ـ مشكلة الخرف: مشاكل الخرف لا تتعلق بالذاكرة وحدھا، كما قد يظن البعض، وإنما ھي نقص في القدرات العقلیة التي تشمل النسیان والقدرة على التحلیل والتوجه في الزمان والمكان والتفكیر ، إضافة إلى الذاكرة.

ـ المشاكل النفسیة: تظھر مشاكل نفسیة قد لا يلحظھا حتى الطبیب عند المسن. وھي غالبا ما تكون إكتئابا وإما قلقاً، اللذان يتمثلان فى الخوف من الوحدة والمستقبل والموت. وتبرز مشكلة الأرق عند المتقدمین في السن التي يكون باطنھا قلقاً فلا يتمكنون من النوم، أو اكتئاباً، فیستیقظون باكرا يومياً.

 -مشكلة سلس البول: يواجه المسن مشاكل سلس البول (التبول اللإرادى)، خاصة النساء منھم. وتنقسم إلى عدة أنواع، منھا المرتبط بالمجھود والحركة، ومنھا الوظیفي وسواه، ما يؤثر على ھبوط المثانة ويؤدّي إلى التھابات والحاجة إلى ملازمة المنزل وعدم الرغبة فى الخروج منه

ـ ضعف السمع:  يعتبر ضعف السمع ثالث أكبر مشكلة في المسنین، ويكون أكثر في الرجال عنه في النساء وتكرار عدم القدرة علي سماع الآخرين يعطي المسن الشعور بعدم التواصل معھم ويشعره بالإحباط والعزلة.

ـ ضعف الرؤية:  يعانى كبار السن من مشاكل في النظر يكونون معرضین للسقوط بنسبة الضعف مقارنة بالذين لا يعانون من مشاكل في النظر وذلك لأھمیة النظر في توازن الجسم. يوجد الكثیر من أمراض العین التى يصاب بھا المسن مثل المیاه البیضاء والجلوكوما أو المیاه الزرقاء.

ـ مشكلة السقوط:  غالبیة حالات السقوط عند كبار السن تكون بسبب المخاطر البیئیة المحیطة بھم وغالبا ما تكون في المنزل مثل الإضاءة الخافتة، الأسطح التى تعرض للانزلاق، الأثاث القابل للسقوط والمفارش المتحركة، أو قد يكون لإصابات مرضیة مباشرة كالجلطات الدماغیة وغیرھا.

ـ مرض الشلل الرعاش:  ھو اضطراب فى المخ يصیب الإنسان بصعوبة فى الحركة والمشي وقدرات التنسیق، ومن أھم سماته اھتزاز أطراف الإنسان مثل الیدين. ينسب تسمیة ھذا المرض إلى الطبیب الإنجلیزي “جیمس باركینسن” فى عام 1817 والذي قام بتشخیصه لأول مرة.  يصیب ھذا المرض ما يقرب من حوالي 2 من كل ألف شخص وخاصة بعد سن الخمسین.

الشلل الرعاش من أكثر الاضطرابات العصبیة شیوعاً عند تقدم الإنسان فى العمر، لكنه قد يصیب صغار السن من الشباب، وھو نادر الحدوث بین الأطفال ويصیب كلاً من الرجال والنساء.

ـ مشكلة الإجھاد:  يصاب كبار السن بالإجھاد والتعب عند بذل نشاط بدنى وخاصة فى ظل درجات الحرارة العالیة جدا. فمع ارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة  يصعب تنظیم درجة حرارة الجسم، والتي يمكن أن تزداد بشدة من خلال المجھود البدني والتعرض المكثف للحرارة المرتفعة. كما يؤدي ارتفاع نسبة الرطوبة إلى خلل في الوظائف المسئولة عن تنظیم درجة حرارة الجسم. إن عدم القدرة على تنظیم درجة حرارة الجسم والتخلص منھا قد يؤدي إلى الإصابة بعدد من المشكلات الصحیة المتعلقة بالحرارة مثل الإجھاد الحراري وضربة الشمس.

.