طب الأعشاب .. دواء بديل أم وهم قاتل؟

بعد تدوال انباء عن القبض علي احد الصيادلة وهو متخصص في العلاج بالأعشاب الطبيعية بتهمة بيع أدوية غير مصرح باستخدامها حسب اتهامات النيابة العامة ووزارة الصحة، فهناك من فرح لهذا القرار بسبب عدم فائدة الأدوية التي يبيعها ويروج لها لان استخدامهم لكثير من وصفاته العلاجية لم يأت بأية نتائج ايجابية.

ومن ناحية أخري فهناك من يري أن الامر ما هو إلا مؤامرة كبري من شركات الأدوية العالمية ومافيا تجارة الأدوية الذين رأوا أن جماهيرية العلاج بالأعشاب والطب البديل ستقضي علي سوق تجارة الأدوية.

هذه القضية تجعلنا نفتح ملف التداوي بالأعشاب الطبية أو الطب البديل ونرصد فوائد الأعشاب الطبية وأضرارها ورأي العلم فيها، ولكي يتضح لنا سبب محاربة شركات الأدوية لها هل علي حق ورأي علمي سليم أم لأن الطب البديل سحب البساط من تسلط شركات الأدوية لبخس سعره وتهافت الناس عليه.

 

ما هو طب الأعشاب ؟

طب الأعشاب أو الطب البديل هو أحد فروع الطب الذي يعتمد على استعمال أعشاب موجودة في الطبيعة وتأثيراتها الطبية في علاج الأمراض ، وتستعمل الأعشاب من مختلف أرجاء العالم القديم ، ويعود طب الأعشاب إلى مصر القديمة وبلاد الرافدين التي استعملت الأعشاب المحلية المتوفرة.

وتعود أول معرفة لأوروبا بطب الأعشاب لليونان القديمة حيث وضع “ديسقوريدس” أول تصنيف لأعشاب المنطقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعد “الأدريسي” و”ابن البيطار” أشهر الأطباء العرب القدماء الذين صنفوا الأعشاب وألفوا الكتب في آثارها الطبية. ولكن الأطباء العرب اعتمدوا كثيراً على الأعشاب ، بحيث لا يخلو مؤلف طبي عربي من ذكر الأعشاب المفيدة.

في المجتمعات غير الصناعية يعتبر طب الأعشاب أمرا روتينيا وأحيانا حتميا. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية (WHO) أن 70 ٪ من سكان العالم يستخدمون حاليا الأعشاب كعلاج طبي أولي. فمن الممكن أن احد أسباب ذلك هو أن الأدوية غالية الثمن والأعشاب هي رخيصة نسبيا، نظرا لأنه يمكن أن تزرع في كثير من الأحيان من بذور تم جمعها في البرية أو تم شراؤها بثمن قليل.

 

وتعرّف منظمة الصحة العالمية (WHO) الطب التقليدي على أنه:

”مجموعة الممارسات والمناهج والمعارف والمعتقدات الطبية التي تتضمن استخدام الأدوية والأساليب العلاجية الروحانية والتقنيات اليدوية والتمارين القائمة على النباتات والحيوانات والمعادن، والتي تُطبق بصورة فردية أو جماعية للمداواة والتشخيص والوقاية من الأمراض أو الحفاظ على الصحة”.

وفي بعض الدول الآسيوية والإفريقية، يعتمد ما يصل إلى 90% من السكان على الطب التقليدي في تلبية احتياجات الرعاية الصحية الأولية الخاصة بهم. وعند تبنيه خارج ثقافته التقليدية، كثيرًا ما يسمى الطب التقليدي الطب البديل والتكميلي.

 

فوائد الطب البديل

بينت دراسة أعدها خبراء من منظمة الصحة العالمية حول طب الأعشاب أن اللجوء للنباتات والأعشاب الطبية في العلاج سيوفر بدائل رخيصة الثمن لأدوية مصنعة باهظة الثمن تكلف ميزانيات الصحة الكثير.

ويمكن دمج الأدوية العشبية مع الأدوية الكيميائية المصنعة ليتسنى الاستفادة من الجوانب الإيجابية من كلا النوعين من العلاج، وبذلك تتوفر لدينا أدوية مأمونة رخيصة الثمن تفيد في مقاومة وعلاج الكثير من الأمراض المزمنة، كما هي الحال في النموذج الصيني والهندي، لذلك عقدت الكثير من المؤتمرات العالمية كان أهمها مؤتمر “ماستريخت” بهولندا الذي كان تحت رعاية منظمة الصحة العالمية WHO وحضره ممثلون لأكثر من 100 دول.

وحديثا أصبح الاتجاه إلى التداوى بالأعشاب الطبية صيحة تطلقها المعاهد العلمية في البلاد المتقدمة هربا من الآثار السمية المدمرة للكيمائيات الدوائية، فنجد في بلاد الشرق الصين والهند على رأس الدول الشرقية التي اهتمت وما زالت تهتم بطب الأعشاب وتوجد له كليات تدرسه وتخرج أطباء وصيادلة متخصصين في العلاج بالأعشاب الطبية.

فهناك لا يستطيع أي شخص ممارسة المهنة إلا بعد نيله شهادة أكاديمية بعد 3 ـ 4 سنوات من الدراسة في الطب الطبيعي، وفي الغرب نجد أن ألمانيا هي أكثر الدول الأوربية اهتماماً بالأعشاب الطبية ويوجد بها أكثر من 3500 دواء عشبي تصرف للمرضى من الصيدليات وتليها فرنسا وانجلترا والولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد بها أكثر من 2000 دواء عشبي، وكذلك كندا واستراليا وكل هذه البلاد بها كليات ومعاهد تدرس هذا العلم، واتحادات وهيئات على أعلي مستوى لتنظيم مهنة التداوى باستخدام الأعشاب الطبية.

 

أضراره

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن “الاستخدام غير الملائم للطب التقليدي أو الممارسات التقليدية يمكن أن يكون له آثار ضارة أو سلبية” وأنه “لا بد من إجراء المزيد من الأبحاث للتثبت من فاعلية وسلامة” العديد من الممارسات والنباتات الطبية المستخدمة في أساليب الطب التقليدي. وتتضمن المجالات الرئيسية التي تدرس الطب التقليدي طب الأعشاب والطب السلالي وعلم النبات العرقي وعلم الإنسان الطبي.

اتفق الأطباء علي فوائد الأعشاب والنباتات الطبيعية، ولكن أكدوا علي أن يكون استخدامها وفق أسس علمية وفي حال إعطائها للأطفال بشكل عشوائي، فقد تسبب مشكلات في النمو أو عدم تحمّل هضمي، وإقياءات معدة، أو حساسيات أو اندفاعات جلدية، وتأثيرات عصبية، هناك أدوية تعطى كمهدئات للأطفال تنومهم ولا يدرك الأهل مخاطر الأعشاب على صحتهم كونها أعشاب طبيعية، والمعروف أنها لا تضر ولكن هذه الأعشاب “المهدئات” إذا تم تناولها بشكل خاطئ قد تفقد الطفل النمو الروحي والحركي.

وقد صرح وكيل مبيعات لإحدى الشركات المعروفة ببيع الأدوية العشبية ولديه خبرة 40 عاماً في مجال التداوي بالأعشاب قال “يوجد الكثير ممن يمارس هذه المهنة، ولا يمتلك الخبرة الكافية، وإن الاستعمال العشوائي للأعشاب يؤدي إلى مشكلات صحية كبيرة”.

اتفق الجميع علي أهمية الأعشاب في دخولها ضمن أساليب العلاج، ولكن يجب أن تكون بحرص وتحت أيدي متخصصين في طب الأعشاب حتى لا يتعرض أحد لأي أذي.حيث تكمن المشكلة في بلدنا أننا لم نهتم بالتخصص والاعتماد علي الاجتهادات والأخذ بمقولة “إسئل مجرب ولا تسئلش طبيب”.

اترك تعليقاً