شخصية العدد: الفنان توفيق الدقن

”أحلى من الشرف مفيش”، ”العلبة دي فيها ايه”، ”الو الو يا همبكة”، ”يا عيني على الصبر”، ”صلاة النبي أحسن”، كلها إفيهات لشرير السينما الظريف، الذي رغم مرور سنين طويلة على رحيله إلا أنه مازال حاضرا بيننا يتذكره الجمهور، هو توفيق أمين محمد أحمد الشيخ الدقن، ولد فى مركز ”بركة السبع” محافظة المنوفية، وانتقلت أسرته إلى صعيد مصر ليعيش في المنيا طفولته وبداية مرحلة الشباب.

بدل فاقد

في الوقت الذي كانت تستعد فيه الأسرة لاستقبال طفل جديد، كانت ودعت طفلا آخر اسمه ”توفيق” بلغ من عمره 3 سنوات، وبوفاته قرر الأب الا يستخرج شهادة وفاة له ولا شهادة ميلاد للمولود الجديد ليعيش توفيق الدقن باسم شقيقه وبعمر يزيد عن عمره الحقيقي بثلاث سنوات، لذلك كان توفيق دائما يقول ”أنا عشت حياتي بدل فاقد”.

صدفة

”الفن ليس سهل كما يتصوره كثيرون انما هو مشوار طعامته في شوكه، كالوردة حلاوتها في الشوك اللي بيلفها”، هكذا كان يرى توفيق الدقن الفن، مؤكدا أن الصعوبات التي واجهها الفنان هي التي تمنحه ثقل.

لم يكن توفيق عاشقا للفن أو هاوي له فقد كان يميل إلى الرياضة ولعب كرة القدم والسلة والبوكس، وكان كما يقول عن نفسه شابا منضبط منضم إلى جمعية الشبان المسلمين في المنيا وبعدها في مصر، إلا أن الصدفة لعبت دورها في تغيير مسار حياته ليكون واحد من أشهر نجوم السينما المصرية والعربية، ونجم مسرحي من الطراز الأول.

دخل الدقن إلى عالم الفن عن طريق الصدفة، عندما كانت تنظم جمعية الشبان المسلمين احتفالا فنيا، ومسرحية فتغيب احد أبطال العرض بسبب مرضه، وأثناء بحثهم عن شخص يؤدي الدور، مر الدقن من أمام الفنانة روحية خالد لتصر على أن يقوم هو بهذا الدور، وقامت بإقناعه بنفسها بعدما رفض عرض صديقه رئيس الفرقة.

احتراف الفن

بعد حصوله على البكالوريا عمل مديرا في مصنع للألبان لمدة خمسة أشهر، حتى استطاع والده الذي كان يعمل مفتش إداري في النيابات أن يعينه في نيابة المنيا ككاتب، وهو نفس العام الذي توفي فيه والده ليصبح الدقن مسئولا عن أسرة بأكملها ويقرر أن ينتقل هو وأسرته إلى القاهرة، فيستبدل عمله بنيابة المنيا بعمل آخر في السكة االحديد.

أثناء وجوده في القاهرة كان له صديق هو الفنان صلاح سرحان، كما تعرف على عدد آخر من الفنانين من بينهم فريد شوقي، عبد المنعم مدبولي، وشجعه الجميع على الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية والذي كان مولود جديد يبحث عن طلاب لعامه الأول، ولكنه فشل مؤكدا أن اللجنة كانت تريد عددا معين واختارتهم من بين الفنانين الذين لهم ثقل في الوسط الفني ومحترفين للفن مثل الفنانن فريد شوقي وصلاح سرحان.

وفي السنة الثالثة من المعهد فوجئ توفيق بأغرب تليغراف رآه في حياته، كان التليغراف من الفنان المسرحي الكبير زكي طليمات يستدعيه ليلتحق بالدفعة الثالثة للمعهد، لينجح توفيق في هذا العام دون اختبار حقيقي، وبعد تخرجه التحق بالمسرح الحديث، ثم انضم لفرقة الفنان إسماعيل ياسين، وبعدها أصبح موظفا في المسرح القومي.

قدم توفيق عدد كبير من الأعمال المسرحية التي تجاوزت المائة عمل، منها روايات كانت بطولته المُطلقة، على عكس السينما التي لم تمنحه البطولة المُطلقة إطلاقا ولكنها صنعت منه نجما كوميديا، ووضعته بين الأشرار الظرفاء، الذين يجسدون أدوار الشر ومع ذلك لا يستطيع الجمهور أن يكرههم، بسبب خفة الظل التي يضفيها على الشخصية والإفيهات التي ظلت حتى يومنا هذا راسخة في ذهن الجمهور يرددها ويبتسم متذكرا توفيق الدقن.

البلطجي

اشتهر الدقن خلال مشواره الفني بتقديم دور اللص والبلطجي ”العربيد”، ولأن الجمهور وقتها كان يتأثر بآداء الفنانين لدرجة لا تجعلهم يفصلون بين حياته الخاصة وبين ما يقدمه على الشاشة، فكان ينعته البعض ”باللص السكير”، حتى وصل إلى والدته ان ابنها اصبح سكير ولص، فصدقت الأم واعتقدت أن ابنها ”الملتزم” ضل طريقه في القاهرة، وقبل ان يستطع شرح الأمر لها ماتت غاضبة منه وعليه.

أشهر أفلامه

كان أول ظهور لتوفيق الدقن في السينما من خلال فيلم ”ظهور الإسلام” عام 1951، أما أخر أفلامه فكان اشتراكه في فيلم ”المجنون”، ومن أشهر أفلامه ”سر طاقية الإخفاء”، ”ابن حميدو”، ”بورسعيد”، ”الشيماء”، ”على باب الوزير”، ”خلخال حبيبي”، ”سعد اليتيم”، ”الشيطان يعظ”، ”البحث عن فضيحة”.

رحل الفنان القدير توفيق الدقن عن عالمنا في شهر نوفمبر عام 1988، تاركا أعمال فنية جعلت ذكراه خالدة.

.