رمضان .. والجالية

 

الدليل ـ برلين

 

عدت يا رمضان .. فأهلا بك ضيفا عزيزا .. ليت أهلنا في ألمانيا هذا العام يا رمضان يتعلمون ما معنى التضامن ..

 

فالتضامن قيمة أخلاقية و شعور وواجب إنساني نبيل لا يمكن أن يؤمن به ويتحلّى بخصاله إلا من كانت له شخصية مفعمة بالإنسانية وبالحسّ الاجتماعي المرهف وهو علاقة اجتماعية ورباط بين الأفراد ، وهو علاقة حضارية بين المجموعات.

التضامن مسؤولية الأفراد والجماعات، كل حسب موقعه وإمكانياته، والتخلي عن روح التضامن  تخلي عن روح الإنسانية. ولا يتأتى ذلك إلا بالتعاون والتآخي والتكافل والتآزر في مختلف الحالات والوضعيات.  إن التضامن قيمة إنسانية مطلقة لا تتقيد بدين أو لون أو عرق أو لغة بقدر ما هي شعور سامي يستحث صاحبه على توكيل إنسانيته وإثبات ارتباطه بالآخر.  فطاقة الفرد لا ترقى أبدا إلى قدرات الجماعة حيث يظل محتاجا إلى الدعم والمساندة في مواجهة ما يتخطى حجم إمكانياته.

من ثمار التعاون:  تحقيق الخير و تجديد الطاقة، فكثيراً ما يخمد الحماس وتضعف الهمم، ويضوي التجديد، ويكل الفكر، ويقل الإنتاج، وتتأخر النتائج، فإذا ما تلاقى أهل الهدف الواحد انبعثت الهمم من جديد وتجددت الطاقة وعادت الحيوية مرة أخرى ، فشحذ الهمم إلى التسابق يؤدي إلى التقدم والإنتاج والتفوق.

والتضامن في الحقيقة هو ما ينقص الجالية العربية في ألمانيا  … لا ينقصها العدد أو العدة، لا ينقصها الأموال أو الأفكار أو الأهداف أو المواهب. لقد أدت أنانية الأفراد والمجموعات إلى الحالة التي وصلت إليها الجالية العربية بأكملها. الكل يعلم أن هناك خطأ ما في طريقة إدارة الأمور داخل الجالية، فالصراعات الشخصية كثيرة، وصراع التوجهات السياسية في البلاد الأم أتت معنا إلى هنا لتزيد حالة ترنح وتخبط الجالية في إدارة شؤونها، أو على الأقل الحفاظ على حد أدني مشترك في العمل والتعامل.

لم تعد الجالية و أفرادها يهتمون بما هو مفيد للجميع، أصبحت لديهم نظرة ضيقة وأنانية في حساب الأمور، كل يريد استفادة شخصية ومباشرة. والأمثلة على هذه الحالة المرضية من داخل الجالية كثيرة.

 

الانفتاح على الآخر

علينا أن نعرف أن هناك نظرة سلبية للإسلام والمسلمين في المجتمع، جانب كبير منها ناجم عن عدم فهم الآخر بسبب الانعزال عن الحياة في مجتمع جديد أو لضعف الجهد في شرح طبيعة منظومة القيم والأخلاقيات التي تحكم حياة المسلم بأسلوب يتفهمه الآخر ويحترمه حتى وإن اختلف معه.

إن نموذج الاختلاط بالمجتمع الغربي دون خوف هو أفضل النماذج، وهو ما يكسب المسلم احترام الآخرين ويعطي دليلاً على مدى قوة وثبات المعتقد والهوية دون خوف من انهيار أو اضمحلال أو ذوبان في ثقافة ، وما أضاع هيبة العرب والمسلمين إلا نحن بتخاذلنا وضعف حجتنا أمام الآخر فضلاً عن رضانا بالذل والمهانة وتهميشنا في اتخاذ القرار حتى داخل بلادنا.

لابد وأن نعترف بأن المشكلة فينا نحن كعرب ومسلمين، فنحن نظراً لحالة القمع التي تشهدها كافة الدول العربية وأغلب الدول الإسلامية لم نعتد على قبول، بل ونتعجب من مثل هذه القرارات التي تتخذها وتعتمدها الحكومات بناء على تصويت المواطن، حتى وإن تسببت لها في أزمات دبلوماسية أو اقتصادية، فالمواطن هنا هو صاحب الحق والقرار الأول والأخير في إرساء ما يشاء من قوانين أو اتفاقات هامة تمس حياته دون أن تمارس الدولة أي سلطة أبوية عليه باعتباره “غير ناضج ديمقراطيا”، كما يقول بعض حكام العرب، أو أنه غير مستعد بعد لاتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بحياته اليومية كما يقول السادة  خبراء  تزوير الانتخابات .. أي انتخابات مهما كانت صغيرة حتى وإن كانت لنادي أعضاء هيئة تدريس !!

 

رمضان بلا حرب

مع ضعف الرابط الاسلامى بين العرب عادت الجاهلية القبلية تطل بوجهها القبيح من جديد ، ولكنها عادت بالمساوئ فقط دون الحسنات، فقد كان العرب فى الجاهلية يحترمون الاشهر الحرم، وأقصى ما كان يفعله بعض العرب للتحايل هو تقديم شهر رجب أو تأخيره كى لا يتهمهم أحد بالقتال فى شهر حرام.

أما بعض العرب اليوم فلا شيء عندهم محرم ، كل شيء مباح ، فالحرب طوال العام ، وهو شيء يتنافى مع الفطرة التى فطر الله الناس عليها ، فعدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ، حرم الله فيها القتال بين الناس من أجل مصلحة الناس ، ولكننا نجدهم فى العراق وفى اليمن وفى سوريا وفى ليبيا يتقاتلون حتى فى أيام الاعياد.

لنجعل شهر رمضان شهر سلام لكل العالم ، تتوقف فيه الحروب بين الافراد والعائلات والقبائل والدول والتحالفات الدولية ، وليكن الحضيض والانحدار الذى وصل اليه البعض فى الصراعات العربية – العربية هو نهاية قاع السقوط بالنسبة لبعض العرب ولبعض المسلمين ، ولنبدأ فى الصعود بقيم السلام والحق والعدل والخير للجميع.

وليكن ن شهر رمضان المعظم هو ايام هدنة يتوقف فيه القتال ولندع المساجد تمتلئ بالمصلين فى العشاء والتراويح والفجر وكل الأوقات دون خوف، لندع الأطفال يعيشون كأطفال مثل بقية أطفال العالم ولندع النساء يعشن كنساء مثل بقية نساء العالم ،

ولا داعى لأن نتعجل قتل بعضنا البعض فكلنا راحلون عن هذه الدنيا آجلاً أو عاجلاً.

 

فهل علمتنا رمضان كيف نتضامن لندافع عن حقوقنا ؟ …