جيش الدفاع الاوروبي ..

 

أثار دعم المستشارة أنجيلا ميركل لمطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنشاء قوة أوروبية مشتركة، حالة من الاندهاش، خاصة أنها كانت أشد منتقديه في برامج إصلاح اليورو.

 

محمود نبيل

 

لم تُسلط الأضواء على سياسات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على مدى تاريخها في العمل على رأس القيادة في برلين، بقدر ما تشهده الفترة الحالية، والتي تمثل السطور الأخيرة لميركل في المستشارية الألمانية، وذلك بعد إعلانها تنازلها عن قيادة الحزب الديمقراطي المسيحي csu.
التركيز على سياسات ميركل لم يكن منحصرًا في أدائها الداخلي أو التعامل مع الملفات المختلفة محليًا، ولكن امتد لمناقشاتها على المستوى الأوروبي، لاسيما في ظل تبني عدد من البلدان الأعضاء لحملات مختلفة سياسيًا، كان أبرزها دعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنشاء قوة عسكرية أوروبية مشتركة.
ولم يكن دعم فرنسا للتوجه العسكري السياسي في القارة الأوروبية هو الغريب في لقاء ماكرون وميركل، إلا أن الحصول على دعم المستشارة الألمانية في هذا الصدد كان هو الأكثر لفتًا للانتباه، لاسيما أن ميركل ظلت على مدار العام الماضي المعارضة الأقوى لكل مقترحات إيمانويل ماكرون بشأن خطط إصلاح الاتحاد الأوروبي، للحد الذي أحبط خطط الرئيس الفرنسي الحريص على إعادة التحالف بين باريس وبرلين إلى قلب الاتحاد الأوروبي، وذلك حسب ما جاء في صحيفة الجارديان البريطانية.

فضيحة تهز ألمانيا.. 65% من أسلحتها «لا تعمل»
وعلى الرغم من التوجه المعروف عن ميركل فيما يتعلق بالسياسات الفرنسية، فإن المستشارة دعمت دعوة ماكرون لقيام جيش أوروبي في خطاب أمام البرلمان الأوروبي، قائلة: “الأوقات التي يمكننا فيها الاعتماد على الآخرين قد مضت.. علينا أن ننظر إلى اليوم الذي نرى فيه جيشا أوروبيا”.
وحسب ما ورد في الصحيفة البريطانية، فإن دعم ميركل للشق العسكري كان أمرًا غير معهود، خاصة أن خلال فترة حكمها عانى الجيش الألماني من نقص التمويل والمعدات، وهو الأمر الذي كان بمثابة علامات استفهام للأوساط السياسية في برلين بعد الإعلان عن تأييد ماكرون.
وأشارت الصحيفة إلى التقرير الذي تسلمته الحكومة الألمانية بشأن القدرات العسكرية والأسلحة المستخدمة، والذي كشف أن 39% فقط من أسلحتها التي قامت بتصنيعها مؤخرًا يمكنها القيام بالمهام المطلوبة.
وأوضح التقرير الرسمي أن الجيش الألماني وقع في فضيحة بعد أن وضح عدم جاهزية معظم القطع العسكرية والحربية التي تم تصنيعها مؤخرًا للعمل.
وقال التقرير: “إن ما يزيد على ثلثي الأسلحة والمعدات العسكرية التي قامت ألمانيا بتصنيعها في الآونة الأخيرة تعاني أخطاء جسيمة”، مؤكدًا أنه يمكن استخدام 38% من أصل 97% من المعدات العسكرية الثقيلة التي تم تسليمها إلى القوات المسلحة الألمانية في عام 2017.

قدرات الجيش الضعيفة تدفع برلين لزيادة الإنفاق
وترى الصحيفة البريطانية، أن دعم ميركل لتشكيل الجيش الأوروبي الموحد كان فرصة خالية من المخاطر نسبيًا للمستشارة الألمانية لدعم ماكرون، خاصة أن اتخاذ أي خطوات فعلية في هذا الملف لن يتم قبل سنوات طويلة، وهو ما يعني أن تلك الإجراءات قد يُكتب لها النجاح بعد انتهاء ولايتها في المستشارية الألمانية.
وعلى الرغم من كون ميركل لم تذكر اسم ترامب صراحةَ في كلمته بالبرلمان الأوروبي، إلا أن التوجه الواضح لسياسات المستشارة الألمانية الداعمة لماكرون، كان واضحًا من خلال العمل والتذكير بويلات الحرب العالمية الثانية، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأمريكي سابقًا خلال تحفيزه لمنطقة اليورو على زيادة الإنفاق العسكري.
وقالت ميركل: “في الوقت الذي يموت فيه أصوات يتذكرون أهوال الحرب العالمية الثانية، أشعر بالقلق من أن الخطاب الذي نسمعه حول العالم هو فرنسا أولاً، أو أمريكا أولاً، أو ألمانيا أولًا.. من خلال العمل معًا فقط كنا قادرين على ترك أهوال الحرب العالمية الثانية وراءنا، وعندما نعمل معًا مجددًا.. سنظهر أننا سنحقق الاستفادة”.

ميركل.. أولى ضحايا ترامب في قمة «الناتو»
وأرجعت التليجراف هذا التوجه، إلى أن قرار ميركل بالتنحي عن منصبها كزعيم لحزبها الديمقراطي المسيحي في شهر ديسمبر ربما يكون قد خفف بعض الضغوط، وهو الأمر الذي منحها القدرة على توجيه سياساتها لما تراه صحيحًا بشكل فعلي، والتجرد من أي اعتبارات سياسية.

القدرات العسكرية الألمانية
حسب ما تنشره وزارة الدفاع ، فإن القدرات التصنيعية التي تتمتع بها ألمانيا ينصب تركيزها على الوحدات البحرية، وبشكل خاص صناعة الغواصات، وهو المجال الوحيد تقريبًا الذي يشهد تفوقًا للألمان على أقرانهم من المصنعين العسكريين.
وتماشيًا مع القواعد الدولية ما بعد الحرب العالمية الثانية، تضع ألمانيا قيودًا واسعة على عمليات تصديرها للأسلحة، والتي في الغالب ما تنحصر في معظمها بإنتاج البنادق الآلية والذخيرة، إلا أن المنتج العسكري المشهود بكفاءته بشكل رئيسي في الصناعات الدفاعية الألمانية، هي الغواصة “تايب 42” التي تصدرها برلين لعدد كبير من الدول حول العالم.
وبلغ إجمالي الإنفاق العسكري لألمانيا في 2018 نحو 44.5 مليار دولار، كما وصل إجمالي القوات العاملة بجيشها إلى 220 ألف شخص.