من ثقافة الترحيب إلى ثقافة الترحيل كيف حدث التغير؟

 

الدليل ـ برلين

 

هذا السؤال تختلف إجابته الآن عن إجابته مع بداية فترة تدفق اللاجئين على أوروبا، وهذا الاختلاف يعود إلى الإعلام والأحزاب اليمينية ، بالإضافة إلى أفعال اللاجئين العرب أنفسهم سواء كانت أفعال إيجابية أو أفعال سلبية.

في بداية تدفق اللاجئين على أوروبا لم تكن ردود الفعل سلبية لهذه الدرجة، فلماذا تغير الوضع من ثقافة الترحيب إلى ثقافة الترحيل؟

 

لقد لعبت ألمانيا دور القائد بين دول الاتحاد الأوروبى منذ ظهور أزمة اللاجئين السوريين حيث عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل عن أنه بدون قيادة رشيدة فإن الدول الأوروبية سوف تفشل فى حل تلك الأزمة التاريخية، ولقد عبرت عن ذلك أثناء إلقاء كلمتها أمام البرلمان بأنه من خلال التعاون الأوروبى سوف تحل تلك الأزمة وطالبت الدول الأوروبية باستقبال مزيدا من اللاجئين. ولقد استقبلت ألمانيا بدورها أكبر عدد من اللاجئين وبسطت شروط الدخول لأراضيها بشكل كبير، والذى ساهم فى دعم موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل هو ميل الرأى العام الألمانى ـ آنذاك ـ لمساعدة طالبى اللجوء خاصة من الدول التى عانت من الحروب الأهلية مثل سوريا والعراق وذلك على عكس توجهات الرأى العام الأوروبى، حيث مالت كثيرا من الدول إلى غلق حدودها فى وجه اللاجئين، وذهبت بعض الآراء بأن تبنى المستشارة الألمانية لسياسة الباب المفتوح هو لغرض اقتصادى ألمانى. فإنه من المعروف انخفاض معدل المواليد الألمان وارتفاع نسبة كبار السن، ومع زيادة تدفق اللاجئين فسوف تساهم فى حل تلك المشكلة، كما أن موقف الأحزاب اليمينية حتى لو كان معارضا لفكرة استقبال مزيدا من اللاجئين كان ليس له دورا كبيرا فى التأثير على السياسة الألمانية مثل فرنسا على سبيل المثال ، إلا أنه فى لحظة من اللحظات تغير الموقف الألمانى ….

 

إن العديد من وسائل الإعلام كان لها دوراً كبيراً في تشويه صورة اللاجئين خصوصاً بعد التفجيرات التى ضربت أوروبا، لكن التشويه الأكبر للاجئين في أوروبا هو بيد اللاجئين أنفسهم، فمثلاً عندما يقيم لاجئ لمدة 3 سنوات لم يستطع خلالها تعلم اللغة ، أو إيجاد عمل ، أو تعلم أي شيء مكتفياً بالمساعدات فقط، فإن هذا يزيد من ردود الأفعال السلبية تجاه اللاجئين.

أيضاً عندما يحصل لاجئ على مساعدات من الدولة ، ومن ثم لكي لا يدفع ضرائب أو لكي لا تخفض عنه المساعدات يعمل في البلد التي يقيم فيها بطريقة غير شرعية (العمل بالأسود) ويحصل على المال، ومن الجهة الأخرى يحصل على نفس المساعدات ويعالج هو وعائلته في المستشفيات ويدرس أولاده في المدارس، رغم قدرته على العمل ودفع الضرائب، هذا يعتبر غشا واحتيالا ويولد ردود فعل سلبية كبيرة تجاه اللاجئين.

أفعال اللاجئين هذه لا تخفى على الشعوب في أي دولة أوروبية، ولا تخفى على الحكومات، لكن الحكومات في المجمل تتغاضى عن هذه الأفعال لكن تردها في اشياء أخرى مثل تشديد اجراءات اللجوء أو الترحيل، وفي المقابل يطلب اللاجئين أن تكون ردود الأفعال تجاههم ردود إيجابية.

لم يطلب أحداً من اللاجئ أن يعيل نفسه من أول يوم يطلب فيه اللجوء، ولكن ما يُطلب من اللاجئ هو سرعة الاندماج في المجتمع الذي يعيش فيه، وبدأ العمل ودفع الضرائب والتخلي عن المساعدات أو على الأقل جزء منها، حينها ستتغير نظرة المجتمعات الأوروبية للاجئين.

على اللاجئ أن يعرف أنه ليس الوحيد الذي يعيش على الأراضي الأوروبية فهناك مئات الآلاف من اللاجئين، الذين يعيشون في نفس المجتمعات، هذه الأعداد تولد ضغوطا اقتصادية على حكومات هذه الدول.

كما أن اللاجئين لا يجب أن يتوجهوا باللوم لمواطني أوروبا على ردود أفعالهم السلبية، إذا كان قدامي المهاجرين واللاجئين العرب دائماً ما ينظرون للاجئين نظرة سلبية، رغم أنهم كانوا لاجئين في يوم من الأيام !!

 

السبب في النظرة السيئة، التي ينظر من خلالها إلينا الغرب، هم العرب أنفسهم، وذلك بسبب التخلف الذي نعاني منه وقلة الوعي بما يدور حولنا، والهمجية في التعامل مع الآخر، بحيث أصبحنا خارج التاريخ نعيش على الهامش. الآخرون يُصرفون أمورنا وقد أعرنا عقولنا للآخرين لكي يفكروا لنا، فانتقلنا من موقع الفاعل إلى موقع المفعول به.

 

الثقافة لها دورها الكبير في التأثير على تفكير أي شخص. ومع الأسف إن بعض العرب ـ رجالا ونساءً ـ لا يستطيعون التعايش في المجتمعات المضيفة. يعني إما أن يتخلون عن عاداتهم أو أن ينغلقون داخل قوقعة. القليل منهم يعرف الحل الوسط ، يأتون إلى الغرب دون فهم لمبادئ الحياة االاوروبية والتطور الفكري فيفسدون ويخطئون.

 

 

اذا أحب شخص أن يعيش في مجتمع يرى فيه الاحترام عليه أن يكون عضواً فاعلاً فيه وليس عالة عليه، ويكون مثالا مشرفاً لوطنه وأهله وثقافته ودينه.