جسر اللاجئين

لأول مرة في تاريخها … الحكومة الألمانية تهنئ حكومات العالم بمناسبة السنة الجديدة بصورة لـ “جسر اللاجئين” بعدسة لاجئ سوري.

الدليل برلين: ديانا كرز

هذه السنة، وعلى غير عادتها، اختارت الحكومة الألمانية أن تهنئ دول العالم، بعمل فني لفنان غير ألماني، فوقع اختيارها على فنان سوري، كان قد اعتاد أن ينشر صوراً لبرلين، على مواقع التواصل الاجتماعي.

ونحن بدورنا، في مجلة الدليل اتصلنا بمؤنس بخاري لنجري معه حواراً قصيراً، لنتعرف من خلاله، كيف تم اختياره لهذه المهمة، ولماذا اختارت الجهة الراعية لهذا الحدث طريقته الخاصة بالتصوير.

بداية نسألك أستاذ مؤنس: كيف تم التواصل معك، وكيف تلقيت طلباً من الخارجية الألمانية، بتكليفك بمهمة التصوير؟

في أول الأمر اتصلوا بي من خلال حسابي الشخصي على الإنستاغرام، بعد أن كانوا قد شاهدوا مجموعة منوعة من صوري التي نشرتها على حسابي الخاص، وطلبوا مني، عملاً خاصاً لم يُنشر من قبل ليكون على بطاقة التهنئة السنوية للحكومة الألمانية التي ترسلها إلى حكومات العالم، بمناسبة السنة الجديدة.

هل تم اختيارك منفرداً، أم من ضمن مجموعة فنانين في أول الأمر؟

لا، لم أكن بمفردي، كان هناك ثلاث فنانين مهاجرين وقع عليهم الاختيار لتقديم هذه الصور، وكنت آخر من سلّم عمله النهائي من بينهم لعدة أسباب، كان من أهمها أني طلبت أن أقوم بهذه المهمة بمساعدة طائرتي الخاصة (الدرون)، فكنت أتحيّن الوقت المناسب، والطقس المناسب –غير الماطر مثلاً- وأنتظر اقتراب الغروب، لأحصل على أفضل صورة وعلى أفضل توازن لوني، فتم اختيار نمطي الفني في التصوير من بينهم جميعاً.

هل كان المكان من اختيارك، أم ثمة من أشار عليك به؟

لقد تشاورنا، بعد أن دعوني لذلك، بشأن المعلم الذي سيتم اعتماده، فالسنة الماضية كانت البطاقة تحمل صورة الكنيسة الشهيرة (برلينا دوم) والتي تعد من أهم معالم برلين، لذلك كان لا بد من الابتعاد في هذه السنة عن الأعمال النمطية والأماكن المشهورة كثيراً والتي لها معانٍ دينية أيضاً، حتى لاتبدو مبتذلة، والتوجه لمكان جديد، له رمزية خاصة ومعنى خاص، فكان اختياري لجسر “أوبرباوم بروكه”.

لماذا اخترته، وما هي دلالاته بالنسبة لك، أو لآخرين؟

اخترت هذا الموقع بسبب خصوصية تاريخية للجسر وموقعه العام، إذ أن قليلاً من الألمان حتى، يعلمون أن أهل برلين منحوا جسر (أوبرباوم) لقب “جسر اللاجئين” خلال فترة الحرب الباردة، حين قسّم جدار برلين المدينة فكان كثير من النازحين واللاجئين يعبرون من ألمانيا الشرقية باتجاه الغربية فوق الجسر أو تحته أملاً بتجاوز الجدار والأسلاك الشائكة والحدود السياسية التي كانت تقطع البلد.

ويتابع: تقصّدت اختيار موعد الغروب لأن جميع الصور تُظهر برلين كمدينة جافة وعصرية، لكنني أقمت في المدينة لست سنوات وبتّ أرى فيها رومنسية تغيب عن التصور المطبوع في أذهان الناس حول العالم.

وهكذا كانت صورتي لغروب الشمس الرومنسي خلف جسر “أوبرباوم” وخلف كل التاريخ القاسي، وخلف الجانب الغربي الدافئ من المدينة.

في ظل عدم وجود تشريع مفهوم لاستعمال طائرات الدرون، وعدم السماح باستعمال هذه الأدوات في مدينة مثل برلين، كيف حللت هذا الأمر مع الجهات المعنية، وماهي الصعوبات التي واجهتها؟

عند استخدامي للكاميرا في المنطقة المحيطة بمبنى جوجل مثلاً، تعرض لي الحرس الخاص بالشركة على اعتبار ان هذه المنطقة هي منطقة خاصة، غير مسموح بالتصوير ضمنها، وأنه يجب عليّ التوقف ومراقبتهم للصور التي التقطتها للمبنى، وتم استدعاء الشرطة المدنية لوجودنا في مكان سياحي فحضرت الشرطة –التي ارتبكت قليلاً حول قانونية المسألة- وأجرى أفرادها اتصالات استمرت لمدة خمس وثلاثين دقيقة مع عدة جهات، فتم التأكد من وجود “ترخيص قانوني” صارد عن الجهة التي كلفتني بالتصوير، وهي “الخارجية” وطلبوا مني بكل لطف إخبار قسم الشرطة القريب من المكان الذي أريد أن أصور فيه مرة ثانية.

هل نشرت الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف كانت ردود أفعال الناس؟

في الحقيقة، كان الناس فرحين ومباركين لهذا العمل، وكثير من السوريين تواصلوا معي معبرين عن إعجابهم بالعمل ومشاركين للمنشور الخاص، فهو كما قال البعض، ليس شرفاً فقط لمن قام بهذا، بل إنه فخر لكل سوري، يرغب ويحب أن يظهر للعالم أجمع، أن هذا الشعب لايزال باستطاعته إنجاز الكثير، على الرغم من المحن التي ألمّت به.

نذكر هنا أن مؤنس يعمل مطوراً لمحتوى الويب، كعمل أساسي، ويقيم في أالمانيا منذ ست سنوات وقد حاول منذ وصوله لم شمل السوريين المقيمين في برلين، من خلال إنشاء مجموعة “البيت السوري في ألمانيا” ومجموعة “المطبخ السوري” المشرف عليهما، بالإضافة إلى تنظيم نشاطات على الأرض، من بينها كان معرض (ألمانيا بعيون سورية) للتصوير الفوتوغرافي سنة 2016 والذي لاقى نجاحاً كبيراً.

..