تحديات تواجه ميركل في ولايتها الرابعة

 

الدليل ـ برلين

 

تواجه المستشارة الألمانية ميركل التي فازت بولاية رابعة تحديات عالمية معقدة في عالم مضطرب، وذلك بعد أن خرجت ضعيفة من الانتخابات التشريعية الألمانية.

يعتبر جان دومينيك جولياني، رئيس مؤسسة “شومان” المتخصصة في الدراسات والأبحاث الأوروبية، أن “المهمة لن تكون سهلة في بلد لا يحب مواطنوه التغيير وحيث تبقى القناعة والثقة في القوانين، حتى عندما تصبح متخلفة، عقيدة وطنية”.

وفي ما يلي ابرز التحديات امام ميركل:

 

– أوروبا: توترات مرتقبة

لا تشكل نتائج الانتخابات الألمانية نبأ سارا بالنسبة إلى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ومشاريعه لإعادة إطلاق أوروبا مع تنامي الأحزاب الألمانية المشككة بأوروبا. وكانت ميركل أعلنت أنها مستعدة لخوض النقاش في هذا الموضوع، إلا أنها متحفظة في الأساس مع حزبها على فكرة الاتحاد الأوروبي على مستويات عدة وفي ما يخصّ بعض الاقتراحات المتعلقة بمنطقة اليورو، مثل إنشاء ميزانية أوروبية.

وتخشى ألمانيا أن يكون عليها تمويل دول أخرى عن طريق هذه العملية. ويبدو النقاش أصعب الآن في ألمانيا بعد أن أعلن الاشتراكيون الديمقراطيون المؤيدون لأوروبا، أنهم لن يشاركوا في الحكومة الألمانية المقبلة.

ولم يبق أمام المستشارة إلا خيار تحالف يضمّ الليبراليين المعارضين لمشاريع الرئيس الفرنسي. وصرّح رئيس الحزب الليبرالي كرستيان ليندنر “لا نريد ميزانيات جديدة لتحويلات مالية إلى أوروبا”.

وبالإضافة إلى ذلك، سيكون على ميركل أن تأخذ بالاعتبار التنامي غير المسبوق لليمين القومي الألماني، المعارض لمنطقة اليورو، خلال الانتخابات.

 

– بوتين: أية سياسية؟

بقيت ميركل حتى الآن منغلقة تجاه روسيا في ما يخص الأزمة الأوكرانية، داعية إلى الإبقاء على العقوبات. لكنها ستواجه الآن مجلس نواب نادرا ما كان “مواليا لروسيا” إلى هذا الحدّ.

ويدعو الاتحاد المسيحي الديمقراطي والخضر فقط من بين سبعة أحزاب ممثلة في مجلس النواب، إلى التشدد في موضوع روسيا. فيما كل الأحزاب الأخرى، من اليمين القومي إلى اليسار الراديكالي مرورا بالحزب الاشتراكي الديمقراطي والليبراليين أو حتى الاتحاد المسيحي الاجتماعي، وهو فرع الاتحاد المسيحي الديمقراطي (حزب ميركل) في ولاية بايرن (بافاريا)، تسعى إلى توافق مع موسكو.

ومهما كان مستقبل التحالف، ستكون الضغوط على ميركل حقيقية. فقد طالب الليبراليون في الحزب الديمقراطي الحرّ بالاعتراف بإعادة ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا وبرفع العقوبات جزئيا عنها.

 

– ترامب: توترات كثيرة

كتبت صحيفة “بيلد” أن “مع هذين الإثنين (ميركل وترامب)، تبدو انطلاقة العلاقات الجديدة صعبة”. من مزاجهما إلى خلافاتهما الجوهرية حول المناخ مرورا بالتبادل الحرّ والمهاجرين وصولا إلى الملف النووي الإيراني، كل شيء يبدو خلافيا.

وشكل موضوع كوريا الشمالية في الآونة الأخيرة نزاعا بين ألمانيا والولايات المتحدة. إذ قالت ميركل “هناك خلاف واضح على هذه النقطة مع الرئيس الأميركي” وتهديداته بالخيارات العسكرية.

وينتظر ترامب في السنوات القادمة أن ترفع ألمانيا بشكل واضح نفقاتها العسكرية لتبلغ المستوى الذي حدده حلف شمال الأطلسي بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي حال شُكل تحالف ثلاثي مع الليبرالي والخضر، سيدعم الأول محافظو المستشارة في هذا المجال على عكس البيئيين.

 

– أوروبا الشرقية وتركيا: الخروج من النزاع

لطالما كانت أوروبا الشرقية “الساحة الخلفية” التقليدية لمنطقة النفوذ الألماني. إلا أنها أصبحت حقل ألغام بالنسبة إلى برلين. إذ أن غالبية الدول، بدءا من بولندا والمجر ترفض المشاركة في استقبال اللاجئين في أوروبا، إلى جانب ألمانيا.

وقالت المستشارة الألمانية “يجب أن يعرف أولئك الذين يرفضون التضامن أن الأمر لن يبقى من دون تداعيات، بما في ذلك المفاوضات على مساعدات” الاتحاد الأوروبي.

وفي هذا الإطار، استحضرت بولندا طلبات إصلاح من الحرب العالمية الثانية. ولم يسبق أن كانت العلاقات الثنائية بين برلين وجارتها سيئة إلى هذا الحدّ، منذ انتهاء الحرب الباردة.

 

هل تنقرض ألمانيا؟

ومن المحتمل أيضاً أن تصاب قوة الاقتصاد الألماني بأزمةٍ سكانية؛ إذ ستشهد السنوات القليلة القادمة بلوغ أبناء جيل طفرة المواليد، وهم الأطفال الذين ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية في الفترة من 1946 إلى 1964 تقريباً ويشكلون قطاعاً كبيراً من السكان في الدول المتقدمة- سن المعاش.

وبينما تعافى معدل الإنجاب المنخفض والمزمن في البلاد إلى حدٍ ما خلال السنوات الأخيرة، فقد جاء هذا التعافي متأخراً للغاية على أن يتمكن من معالجة العجز في عدد السكان.

 

اللاجئون

وبينما ينظر غالباً إلى مئات آلاف اللاجئين الذين استقبلتهم ألمانيا على أنهم جزءٌ من حل الأزمة السكانية، لا يزال هناك تحدٍ هائل أمام دمجهم واستيعابهم داخل المجتمع الألماني وفي سوق العمل؛ ما يستدعي أن تقدم الحكومة المركزية المزيد من الإرشاد والإجراءات الإصلاحات -على المستويين المالي والتشريعي- إذا كانت ميركل لا تريد أن يقال عن إرثها في الحكم أن سياسة الباب المفتوح مثلت فشلها الأكبر.

ويجب على ميركل الاستجابة للمطالب الملحة لإصلاح سياسات الهجرة الألمانية؛ لضمان التحكم بدرجة أكبر في تدفق العمالة الماهرة ونصف الماهرة، بالإضافة إلى الاستثمار أكثر في تدريب وتعليم المهاجرين داخل البلاد؛ اعترافاً من الحكومة بحقيقة أنه من الصعب اجتذاب العمالة الماهرة للانتقال إلى ألمانيا.

 

المعاشات

وسيكون إصلاح نظام المعاشات في ألمانيا أمراً إلزامياً أيضاً؛ إذ لا يحظى إصرار ميركل الأخير على الالتزام بقاعدة خروج الموظفين إلى المعاش عند سن الـ63 عاماً بتوافق العديد من حلفائها السياسيين ومستشاريها الاقتصاديين، الذين يعتبرون خطتها غير واقعية للغاية.

تُرى ماذا يحمل المستقبل لميركل بصفة خاصة ، ألمانيا بصفة عامة !!

اترك تعليقاً