أحلام إيمانويل ماكرون في خطابه بستراسبورغ

 

حسام الحداد

 

حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوروبيين على ألا ينساقوا وراء القومية بل أن يبنوا الاتحاد الأوروبي ليكون حصنا للديمقراطية الليبرالية من عالم فوضوي وخطير.وفي كلمة أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية انتقد الرئيس الفرنسي صعود “الديمقراطيات غير الليبرالية” حتى داخل الاتحاد الأوروبي. لكن النواب القوميين من فرنسا وبريطانيا ودول أخرى جلسوا صامتين.وقال ماكرون في إشارة واضحة لرئيس وزراء المجر الذي أعيد انتخابه فيكتور أوربان والحزب الحاكم في بولندا “في مواجهة الشمولية لا يمكن أن يكون الرد من خلال الديمقراطية السلطوية بل من خلال سلطة الديمقراطية”.

 

“القومية الأنانية” تكتسب موطئ قدم

وحذر ماكرون من أن “القومية الأنانية” تكتسب موطئ قدم في إشارة إلى أجواء “حرب أهلية” في أوروبا. لكنه جادل بأن القول إن العودة للسيادة الوطنية على حساب القوى المشتركة للاتحاد الأوروبي سيوفر للناخبين الطمأنينة التي يحتاجونها في عالم من السلطات المستبدة هو محض وهم. وكان يشير فيما يبدو لدول مثل روسيا والصين وشركات قوية متعددة الجنسيات.ودعا زعماء الاتحاد الأوروبي لأن يسيروا على خطاه في تدشين حوار عام بشأن مستقبل أوروبا وقال إن التكتل بحاجة لإصلاحات لتعزيز ما قال إنها “السيادة الأوروبية” في العالم

 

نموذج الديمقراطية الليبرالية

هذا وحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوروبيين على الدفاع عن نموذج الديمقراطية الليبرالية الذي ينتهجونه في مواجهة صعود الأنظمة الشمولية في جميع أنحاء العالم و”الديمقراطيات غير الليبرالية” داخل الاتحاد الأوروبي.وقال ماكرون للبرلمان الأوروبي في ستراسبورج في إشارة ضمنية لحكومتي بولندا والمجر “في مواجهة الشمولية لا يمكن أن يكون الرد من خلال الديمقراطية السلطوية بل من خلال سلطة الديمقراطية”.

يأتي خطاب ماكرون اليوم ضمن سلسلة من المناقشات التي تجري شهريا بين رؤساء الدول أو الحكومات الأوروبية وبين النواب الأوروبيين وتستمر طوال عام 2018 في إطار عرض رؤيتهم حول مستقبل الاتحاد الأوروبي قبل الانتخابات الأوروبية المزمع إجراؤها العام المقبل

 

المشروع الأوروبي الكبير

جدير أن حزب ماكرون شرع منذ بداية الشهر بتنظيم حملات تدافع عنا لمشروع الأوروبي ففي بروكسل بدأت في بداية نيسان/أبريل حملة تحت شعار “المسيرة الكبرى من أجل أوروبا”. دافع فيها مؤيدو الرئيس الفرنسي عن الحاجة إلى أوروبا موحدة.

 

أوروبا المنقسمة و الأخطار الداهمة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدث عن مشروع تحقيق أوروبا قوية و عن الوضع الذي يكتنف أوروبا في ظل هذا الوضع الخاص جدا.مشددا على أن أوروبا تعرف الآن تباينا في وجهات النظر حول مواضيع شتى منها توزيع اللائجين والإصلاحات التي تقوم بها بعض الدول في أنظمتها القضائية.وأوضح قائلا “هناك تهديدات جيسوسياسية خارجية تعطي لأوروبا قوة من اجل أن تفرض سياستها و رؤيتها أيضا”.

 

السيادة الوطنية

” أنا من جيل لم يعرف الحروب،من جيل يعيش في رفاهية نسيان ما عاش خلاله أسلافه،لا أريد أن أكون جزءا من أجيال تنسى ماضيها وترفض رؤية ما يشهده العصر الحالي من تغييرات،أريد ان كون جزءا من جيل قرر الدفاع باستماتة عن الديمقراطية. أنا من عائلة عرفت تاريخ أوروبا وأريد أن أنتمي لجيل يدافع عن السيادة الأوروبية، لأن ذلك يحدد مستقبلنا و مستقبل كل مواطنينا. مسؤوليتنا، هي أن ننظم نقاشا أوروبيا، حتى نسمح للمواطنين من أن يختاروا أوروبا بروح ديمقراطية و حرة و تبعث على الأمل. ينبغي أن نفكر في تاسيس سيادة أوروبية جديدة، حيث نحمي مواطنينا من أي أخطار داهمة”

 

إرساء سبل السلام

الرئيس الفرنسي قال “هناك الكثيرون ممن يفكرون اليوم أننا نستطيع الاستمرار في تفضيل حلول المواجهات المعتادة و أن نضرب صفحا عن ركائز الماضي، التي تعتمد على أسباب اليقين. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوضح : لقد سعينا من أجل إرساء سبل السلام”

 

الهوية الوطنية

الرئيس الفرنسي قال: “هويتنا الأوروبية هي التي تحدد رؤانا ومستقبلنا سواء رسمنا معالمها في ستراسبورغ أو ببروكسل، هويتنا هي ديمقراطيتنا التي تقوم على الدفاع عن المواطن،و المواطن وفقط . أتحدث هنا عن ديمقراطية ليبيرالية و حرة أيضا. أوروبا تحمي هويتها عبر الديمقراطية الكبيرة، و سلطة الديمقراطية ظاهرة هنا يجب أن ندافع عنها دفاعا مستميتا”.

 

النموذج الأوروبي و العيش معا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “ينبغي أن نحدث تضامنا ما بين برلمانيي أوروبا جميعها لنشكل نموذجا حيا، نحن نعيش النموذج الأوروبي منذ 70 عاما ، لكن ينبغي أن ننظر فيه و نجدد من بعض معالمه وفق ضرورات العصر الحديث والراهن.النموذج الأوروبي يقوم في أسسه الحقيقية على احترام الاقليات داخل الدول الأوروبية. وإعطاء كبير اهتمام لمسألة الاختلاف باعتبارها عمود حياتنا للعيش معا و لا يتحقق ذلك حسب ماكرون سوى بتحقيق سبل المساواة والاختلاف في الرؤى ايضا”.

 

المعادون للمشروع الاوروبي

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “هناك أصوات تنادي بمعاداة المشروع الأوروبي وأنا اتفهم حنقها مضيفا ينبغي أن تحدث مع الجميع لتحديد خارطة طريق مستقبلية تحمي مواطنينا و يتم ذلك عبر إدخال إصلاحات داخل أوروبا سواء من خلا طروحات سياسية أو اقتصادية. الرئيس الفرنسي أضاف إن الداعين لنبذ أوروبا إنما يحملون رؤى تعمل لى قتل المشروع الأوروبي و أحلام الأوروبييين في الوقت ذاته.المواطن الأوروبي بحاجة إلى مشروع جديد يتحدث عن تطلعاته وليس إلى خطابات عدائية رنانة و كلام إنشائي لا مغزى له يستثمر في سياسة التخويف”.

 

حوار من أجل إصلاح المشروع الأوروبي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد على ضرورة القيام بنقاشات حقيقية،من خلال التحدث عن اوروبا- جامعة و لا نكتفي باتهام بروكسل بأنها قصرت مع أوروبا، “نطالب بخطاب إيجابي من اجل الدفع قدما بأوروبا إلى الأمام.الديمقراطية الأوروبية،هي الأساس الذي يتشكل منها خطابنا السياسي وتتشكل سياساتنا الوطنية.طالبت ماكرون بإقامة حوار من خلال هيئة للنقاش حول أروبا لكن مع المواطنين، لتحديد ما يمكن تطويره مضيفا المواطن هو من يقرر الآليات التي ينبغي أن يقوم عليها الخطاب الإصلاحي”.

 

المصالح الأوروبية

أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرو بما تقوم به الهيئات الأوروبية من جهد كبير في سيبيل أوروبا موحدة و الدفاع عن المصالح الأوروبية التي تحمي الصالح العام للمواطن .مضيفا “الدفاع عن أرووبا ليس كلامام إنشائيا، و لكن يتم الشأن عبر الحفاظ على سياسات فاعلة تسمح بمواجهة سياسة عدم الاستقرار و الأمن. تلك هي الرؤية التي أدافع عنها في مفهومها العام و الحقيقي أيضا. البرلمان الأوروبي هو الذي يحدد مستقبل أوروبا، و هو من يدافع عن سيادتها، حيث هنا أيضا تتم المناقشة بشان الأمن و الاستقرار. هنا ينبغي أن نشكل رؤية أوروبية موحدة علينا أن نضرب صفحا عن الانقسامات داخل أوروبا وننظر إلى المستقبل برؤية موحدة وضامنة لمشروعنا الأوروبي الكبير”

 

برنامج أوروبي لاستقبال اللاجئين

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوضح أيضا: “علينا أن ننشىء برنامجا أرووبيا لاستقبال اللاجئين و توزيعهم.واعلن إيمانويل ماكرون في اكتوبر الماضي أن فرنسا “ستستقبل خلال العامين المقبلين 10 آلاف طالب لجوء” من النيجر وتشاد ولبنان والأردن وتركيا.كما أعلن أن فرنسا ستطبق إجراءات “أكثر صرامة” لترحيل المهاجرين الاقتصاديين، بينما ستعمل على منح اللجوء لمن تنطبق عليهم الشروط.وتعتبر باريس ان الظروف لا تسمح في الوقت الراهن بإرسال بعثة إلى ليبيا لفرز اللاجئين في هذا البلد الذي يعتبر البوابة الرئيسية للهجرة السرية من شمال أفريقيا إلى أوروبا”.

 

روح الانتماء لأوروبا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شدد على دعم سياسات تحفيز روح الانتماء لأوروبا في مواجهة التحديات الجسام التي تجابه العالم أجمع أمنيا وسياسيا في الوقت ذاته.”ما يجمعنا هو روح الانتماء لأوروبا و هذا أمر يتعلق بالثقافة الديمقراطية أيضا.:ينبغي أن نبني سيادتنا الاوروبية لحماية مواطنينا من الأخطار الداهمة و التي تتمثل في الخطابات الشعوبية المعادية للمشروع الأوروبي برمته”

وأضاف الرئيس الفرنسي” أنا مسرور جدا لما أبداه الأوروبيون بشأن موضوع اتخاذ موقف صارم حيال القضايا الاقتصادية والحمائية الاقتصادية أيضا. نشكر هنا روح التضامن بين أعضاء الاتحاد في ما يرتبط، باتفاق المناخ و اتفاق باريس، واضح جدا أنه ينبغي أن ندشن مرحلة جديدة.”

 

حماية خصوصية المواطن الأوروبي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال :” أحيي الجهود التي بذلتها أوروبا في مجال حماية البيانات الشخصية لمواطنينا، و نحن نشكل الآن المجال الأرحب في العالم، من اجل إيجاد أرضية لحماية الحريات الشخصية عبر الاستخدام المنوط بالانترنت واستخداماته المتعددة”.واختتم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلمته ب” مطامحنا، هي أن نعمل على توحيد أوروبا ضمن هذه الرؤية”.