الروليت الروسي: من الحرب الباردة إلى السلام البارد

تقديم ومراجعة / د. حامد فضل الله2

يكتب هورست تيلتشيك3، الذي عمل كمستشار للسياسة الخارجية في حكومة المستشار هيلموت كول والرئيس الأسبق لمؤتمر الأمن في ميونيخ في مقدمة كتابه: ” لم يصبح العالم بعد الحرب الباردة، فجأة سلمياً، لقد كان هناك العديد من الصراعات العنيفة أيضا في التسعينيات. يكفي أن نتذكر العراق، يوغوسلافيا، الصومال أو رواندا. لكن الحرب الكبرى بين القوى النووية أصبحت مستحيلة تقريباً بعد سقوط الستار الحديدي. اعتاد الناس على عدم العيش في ظل صراع كبير، كما حدث في الثمانينات. لقد بدأ السلام بشكل متزايد أمراً طبيعياً، واليوم، وقد نسي عدد غير قليل منهم، على ما يبدو، أنه ليس كذلك”.

يستعرض الكاتب تاريخ سياسة التوتر الشديد وسياسة الانفراج، مشيرا الى مذكرة نيكيتا خروتشوف السكرتير العام للاتحاد السوفيتي في نوفمبر 1958 إلى القوى الغربية الثلاث وإلى وضع ومسؤولية القوى الأربع، عن برلين وألمانيا ، ودعا في النهاية إلى تحويل برلين الغربية إلى ما يسمى بالمدينة الحرة، وسحب قوات الحلفاء والسيطرة على طرق المواصلات. لقد هدد بتكرار حصار برلين، حيث انه سبق للمدينة تجربة في 1948/1949 ولم تنجو إلا بمساعدة هائلة من سلاح الجو الأمريكي والبريطاني. ثم بناء سور برلين في 13 أغسطس 1961 وأزمة الصواريخ السوفيتية في كوبا خريف 1962 ، التي كادت أن تقود الى شفا كارثة نووية.

يكتب تيلتشيك في فقرة ” تنازلات الاتحاد السوفيتي في 1989 \90″: “عند ما تنهار الإمبراطوريات، فإنها نادراً ما تفعل ذلك دون التسبب في اندلاع أعمال عنف عنيفة. تحاول الإمبراطورية الغارقة عادة مقاومة تدهورها عسكريًا. أن تتخلى دولة عظمى، مثل الاتحاد السوفيتي، عن جبهتها الأمامية وحتى أجزاء من أراضيها بهدوء هي عمل فريد من نوعه تقريبًا، ويجب على أولئك الذين يريدون أن يفهموا روسيا اليوم أن يتذكروا ما كان يستوجب على موسكو قبوله بسلام في عام 1989/90 وبأي تنازلات كانت القيادة السوفيتية مستعدة له في ذلك الوقت”:

ــ وافقت في عام 1989 على فتح حدود شركائها في أوروبا الوسطى ولم تتدخل عسكرياً.

ــ حافظ غورباتشوف على كلمته ولم يعد يتدخل في عمليات التحرير والديمقراطية لحلفائه ، كما فعل أسلافه في عام 1953 في جمهورية ألمانيا الديمقراطية ، و 1956 في المجر ، و 1968 في براغ، بقوة عسكرية وحشية.

ــ تم إعادة توحيد ألمانيا بسلام، بضم ألمانيا الشرقية ، وهو الجزء الأكثر أهمية من “غنائم الحرب” التي حصل عليها ستالين. وبذلك تم تجاوز أكبر مصدر للصراع في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية: تقسيم ألمانيا وبرلين.

ــ ظلت ألمانيا الموحدة عضوا في الجماعة الأوروبية وحلف شمال الأطلسي بالاتفاق مع القيادة السوفيتية.

ــ تمت إعادة نصف مليون جندي سوفييتي مع جميع أسلحتهم، بما في ذلك الأسلحة النووية، بسلام وبدون أي حوادث من أوروبا الوسطى والمجر وتشيكوسلوفاكيا وبولندا إلى روسيا بموجب فترة السنوات الأربع المتفق عليها، بما في ذلك 380000 رجل ألماني شرقي.

ــ في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات ، تم التوصل إلى اتفاقات بعيدة المدى لنزع السلاح وتحديد الأسلحة في كل من الأسلحة التقليدية والأنظمة النووية والكيميائية مع إجراءات مراقبة شاملة. وفقا لغورباتشوف ، تم تدمير 80 في المئة من الأسلحة النووية على أساس هذه الاتفاقات.

ــ تم في 1 يوليو 1991 حل حلف وارسو رسميًا بشكل سلمي وصامت تقريبًا.

حقبة اليمين الأمريكي

ويتعرض الكاتب لاستراتيجية رونالد ريجان الجديدة للتعامل مع السوفييت، حيث استخدم سياسة الترهيب والقوة، وشرع في استنزاف قدراتهم الاقتصادية في سباق التسلح، وإطلاق مبدأ عسكرة الفضاء، او مبادرة الدفاع الاستراتيجي.

ويشير إلى العديد من المعاهدات التي بدأت بنزع السلاح في نهاية الحرب الباردة والتي خلقت بعض الشفافية، التي لم تعد سارية بعد. فقد الغت حكومة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في عام 2001 معاهدة الصواريخ المضادة للقذائف التسيارية بشأن أنظمة الدفاع الصاروخي، وعلقت روسيا في عام 2007 معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خريف عام 2018 عزمه على الانسحاب من معاهدة الوقود النووي المشع، والتي تحظر على الولايات المتحدة وروسيا امتلاك الصواريخ متوسطة المدى النووية الأرضية وصواريخ كروز، وهي تمثل اهمية خاصة  بالنسبة لأوروبا.

كما يشرح بإسهاب تفكك الاتحاد السوفيتي إلى 15 جمهورية و فرض عقوبات على روسيا، نظرا لعدوانها على أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم. وانتشار التوجهات الانفصالية و تفكك الاتحاد اليوغسلافي في عام 1991 بإعلان كل من كرواتيا، وسلوفينيا، ومقدونيا استقلالها عن يوغسلافيا وانفصال البوسنة والهرسك، وتفجير الحرب الأهلية فيها والحرب الأهلية في إقليم كوسوفو بين الصرب والألبان، وهو ما أدى لانفصال الاِقليم في عام 2008، برغم الاعتراضات الروسية. والمواجهة العسكرية بين روسيا وجورجيا حول إقليم أوسيتيا الجنوبية عام 2008 وتداعياتها على العلاقات بين روسيا والغرب. وانتقاد فلاديمير بوتين للقطب الأحادي الامريكي، و بتجميد روسيا لمعاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا من طرف واحد في ديسمبر 2007 احتجاجا على توسعات حلف الناتو مما يعني إذلال روسيا.  

بوتين على الطريق

وجد خطاب بوتين في البوندستاغ (البرلمان) الألماني بتاريخ 25 سبتمبر 2001 ، قبولا واسعاً من النواب و نجاحاً شخصيًا كبيرًا له. احتوى الخطاب على رسائل رئيسية مهمة ينبغي على كل حكومة اتحادية أن تفكر فيها وتعود إليها، نقتطف منه:

ــ ذكّر بوتين بأن “روسيا كانت دائمًا لديها مشاعر خاصة تجاه ألمانيا … كمركز مهم للثقافة الأوروبية والعالمية … لم تعرف الثقافة حدودًا على الإطلاق. كانت الثقافة دائمًا مصلحتنا المشتركة وقد وحدت الشعوب.”

ــ “لم تعد الأيديولوجية الستالينية الشمولية في مجتمع المعلومات، أن ترقى إلى مستوى أفكار الديمقراطية والحرية”.

ــ “فيما يتعلق بالتكامل الأوروبي ، فنحن لا ندعم هذه العمليات فحسب ، بل ننظر اليها بأمل.

ــ “سوف تعزز أوروبا على المدى الطويل سمعتها كمركز قوي ومستقل للسياسة العالمية إذا وحدت قدراتها مع الموارد البشرية والإقليمية والطبيعية لروسيا، وكذلك مع القدرات الاقتصادية والثقافية والدفاعية لروسيا”.

ـ “روسيا بلد أوروبي صديق … السلام المستقر في القارة هو هدفنا الرئيسي”.

ــ “في كارثة 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، “نحن جميعاً مذنبون، خاصة نحن السياسيون الذين عهد المواطنون العاديون في دولنا الينا بأمنهم”.

ــ “نحن نتحدث عن الشراكة، لكن ما زلنا في الواقع، لم نتعلم أن نثق في بعضنا البعض … في بعض الأحيان نطالب بالولاء لحلف الناتو ، وأحيانًا نجادل حول جدوى توسعه. ما زلنا لا نستطيع الاتفاق على القضايا المحيطة بنظام الدفاع الصاروخي”.

ــ “الهدف الرئيسي لسياسة روسيا الداخلية هو قبل كل شيء ضمان الحقوق والحريات الديمقراطية، وتحسين مستوى المعيشة وأمن الشعب… لقد قطعت روسيا طريق الإصلاحات المؤلم. لا يوجد في التاريخ أي تشابه للمعايير والمهام التي كان علينا حلها … نحن ، بالطبع ، في بداية بناء مجتمع ديمقراطي واقتصاد سوق. وعلى هذا الطريق لدينا العديد من العقبات والعقبات التي يتعين التغلب عليها”.

ماذا بعد

يقول الكاتب في خاتمة الكتاب”نحن الآن على بعد أميال من الفكرة العظيمة لنظام سلام لعموم أوروبا، من فانكوفر إلى فلاديفوستوك ، على أساس الديمقراطية وحقوق الإنسان واقتصاد السوق اللبرالي، المبينة بشكل مثير للإعجاب في ميثاق باريس لأوروبا الجديدة. إن التسلح، والصراعات العسكرية التقليدية والنووية والإقليمية والمحلية في كل قارة تقريبًا، والاستبداد والشعبوية اليمينية بدلاً من الديمقراطية، والقومية بدلاً من التعددية، والعزلة الاقتصادية بدلاً من التجارة الحرة، هي العناصر الأكثر تحديدًا في تعايش الشعوب. ويحدث هذا على خلفية التهديدات المشتركة التي لا يمكن لقارة ولا لبلد أن يفلت منها: تغير المناخ، تلوث المحيطات، الإرهاب، الأوبئة، الحرب الإلكترونية، تدفق اللاجئين، عسكرة الفضاء. هذه التهديدات العالمية تتطلب تفهماً وتعاوناً إقليمياً وعالمياً. و كيف يمكن التعاون مع رئيس امريكي، لا يمكن التنبؤ بما يقوم به ولا يقوم بإجراء تقييم نقدي لجميع المنظمات المتعددة الأطراف تقريبًا ، سواء كان الاتحاد الأوروبي أو منظمة التجارة العالمية أو الأمم المتحدة ، والمعاهدات الدولية مثل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) واتفاق المناخ العالمي والتحالفات مثل حلف الناتو”.

“لن يكون الطريق الأمريكي إلى الانعزالية تحت شعار “أمريكا أولاً” أو “اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” تجربة جديدة لأوروبا والعالم – وإن كانت تجربة يمكن أن تكون مريرة للغاية، كما أظهر ذلك الانسحاب الأمريكي من أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى. لقد أجبرت الحرب العالمية الثانية الولايات المتحدة الى العودة كطرف محارب و كانت الحصيلة المساوية أكثر من 400000 جندي أمريكي قتيل “.

ويشير الى استراتيجية حلف الناتو المحفوفة بالمخاطر:

إذا كانت ألمانيا، على وجه الخصوص، تسعى باستمرار إلى عدم قطع خيط التواصل مع موسكو واحتواء النقاط الساخنة، فإن الانطباع بأن الحلف الأطلسي يفقد اهتمامه بالتعاون الوثيق. إنهم حريصون على ردع موسكو من خلال إعادة التسلح والوحدة و لم يتم تقديم أي عروض يمكن أن تؤدي إلى عودة موسكو إلى التعاون. ويوضح كيف تبددت فرص 1989/90 على نظام سلام دولي مستقر ولماذا يجب نزع فتيل المواجهة الحالية بين الناتو وروسيا بسياسة انفراج جديدة.

دور روسيا في العالم

لم يعتاد الناتو على حقيقة أن روسيا لم تعد “الدولة الضعيفة” في التسعينيات. مع الأسلحة النووية الهجومية الجديدة التي أعلن عنها بوتين، وأنظمة الدفاع الصاروخي الدفاعي وجيشها المحدث، تشعر روسيا بالأمان. وسعت روسيا بانتظام دورها كقوة عالمية مستقلة تحت رئاسة الرئيس بوتين وستواصل بذل كل ما في وسعها لتأكيدها في العالم المتعدد الأقطاب في القرن الحادي والعشرين.

ويشيرالكاتب الى العلاقة الاستراتيجية بين روسيا والصين والهند وكقطب في عالم يبدأ في إعادة ترتيب نفسه.

بدأت روسيا في عهد بوتين، مثل الصين، في توسيع نفوذها في أفريقيا. إنه يرتبط بالشبكات السوفيتية السابقة. كان الاتحاد السوفيتي قد دعم عسكرياً العديد من الحركات المؤيدة للاستقلال في إفريقيا ونشر الآلاف من المستشارين. حتى اليوم، ليست المصالح الاقتصادية هي المحور الرئيسي لموسكو. بدلاً من ذلك، يتعلق الأمر في الغالب بالتعاون العسكري وتدريب القوات المحلية وتسليم الأسلحة. أحدث مثال على ذلك هو الاتفاق العسكري مع جمهورية أفريقيا الوسطى، على الرغم من أن قواتها يجري تدريبها بالفعل من قبل الاتحاد الأوروبي. يوجد تعاون عسكري مع الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبوركينا فاسو وأوغندا وأنغولا. لدى روسيا مشاريع اقتصادية في السودان وزيمبابوي وغينيا..

كما كثفت روسيا علاقاتها مع دول أمريكا اللاتينية في السنوات الأخيرة، وخاصة مع كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا والأرجنتين والبرازيل. وتطوير رابطة دولية من الاقتصاديات مثل البركس، الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وكذلك التعاون مع ايران وتركيا وتمركزها في الشرق الأوسط بسيطرتها على سوريا وقاعدة طرطوس.

من غير المرجح أن تخضع روسيا لضغوط الغرب. فهذا لا يبشر بالخير لاستراتيجية الناتو الحالية. يجب على أي شخص يعتبر نفسه قوياً ومستقلاً، كما تفعل القيادة الروسية، أن يقبل بالتسويات المتسرعة والحلول غير المواتية في النزاعات الحالية.

روسيا ـ ألمانيا

لا توجد دولة أخرى لديها ظروف جيدة مثل جمهورية ألمانيا الاتحادية لتطوير العلاقات مع روسيا وتحسينها تدريجياً مرة أخرى. وكذلك يمكن أن تكون ألمانيا وفرنسا وبولندا معاً محركًا رئيسيًا لتطوير علاقات بناءة مع روسيا. وينبغي أن تكون الأحداث الرهيبة من الحرب العالمية الثانية، والتجارب المريرة خلال الحرب الباردة بما فيه الكفاية، كفرصة لتطوير الحوار والتفاهم والتعاون. ولصالح أمن أوروبي للجميع. أن وفاة ما يقرب من 100 مليون حالة في الحربين العالميتين كافيا لمنع زراعة الكراهية من جديد.

ينمو في روسيا جيل جديد منذ عام 1990. لم يشهد الاتحاد السوفيتي، أو الشيوعية أو الحرب الباردة. إنه يريد مستقبلاً مسالماً وآمناً  مثل كل الناس في أوروبا. يجب أن نعمل معا، وأن نحافظ على الجسور التي بنيت بالفعل، وبناء جسور جديدة. هناك العديد من الطرق للتعاون، مثل المشاريع المشتركة في مجال العلم والثقافة، والتعاون الاقتصادي والتخلص من النفايات النووية إلخ…

“ما أسهل تحطيم الجسور، وما أصعب إعادة بنائها من جديد”.

إن الحديث عن انعدام الثقة، ارتبط بالماضي، بين نظامين مختلفين سياسياً وفكرياً. اما روسيا اليوم، فيسود فيها نظام رأسمالي نيولبرالي بقيادة فلاديمير بوتين، يتطلع للحصول على مناطق نفوذ سياسي واقتصادي، كبقية النظم الرأسمالية النيولبرالية الكبيرة، ولهذا فسوف تعود الثقة آجلاً أم عاجلا، مع بقاء المنافسة فيما بينها. لذلك ستبقى كل من هذه الدول المهيمنة تعمل على زيادة سلطتها ونفوذها وتحقيق مصالحها الى أقصى حد ممكن، وهي تعرف بعضها البعض الآخر تماماً، وبذلك تسعى إلى إيجاد موازين قوى تتفادي به تمزيق بعضها البعض الآخر، بينما هي تشارك جميعها في استغلال الشعوب الأخرى. ولن يبقى سوى نضال شعوب الجنوب دفاعاً عن استقلال دولها ومصالحها، بأمل الحصول على مساندة شعوب الشمال، من اجل الحرية والمساواة والعدالة والانسانية وتفادي دمار البشرية.

ولا بد هنا من الإشارة إلى إن الحديث عن تنازلات القيادة السوفيتية لتجاوز الحرب الباردة، فقد تجاوز عملياً الذي كان مجبراً عليه، وليس هناك من مزيد لوقف المزيد من تفكك الإمبراطورية وايقاف الانحدار الى الهاوية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يكتسب كتاب تيلتشيك اهمية خاصة، بسبب ما تواجه ألمانيا وأوروبا الآن من المخاطر والأزمات، بجانب الصحوة الجيوسياسية لروسيا وهناك ايضا المخاطر الدولية مثل أعادة التسلح النووي في آسيا، انهيار بعض الدول أو الاِرهاب الدولي وحركات الهجرة غير المنضبطة.

لقد استطاع تيلتشيك بحكم قربه من اتخاذ القرارات كمستشار للشؤون الخارجية أثناء حكومة المستشار هيلموت كول وكرئيس لمؤتمر الأمن في ميونخ لفترة طويلة، أن يقدم للقارئ المهتم مادة خصبة وهامة بلغة شفافة ورؤية واضحة بعيدا عن الهرج السياسي. أن التذكير بالدروس الخاصة بالحرب الباردة والتغلب عليها، هي ميزة قيمة لكتاب تيلتشيك، الصغير في حجمه العميق في مضمونه.

لقد صدرت العديد من الكتب الالمانية، التي تتعرض لمثل هذه  المخاطر والأزمات، نذكر هنا منها أثنين، تمثيلا لا حصرا:

* يورغن تودنهوفر، النفاق الكبير ــ كيف تغدر السياسة والاِعلام بقيمنا؟ 4  

** ستيفان ليزانش، الطوفان يحاصرنا ــ استغلال مجتمع الآخر وثمنه.  5

الكتاب صدر عن دار بيك الألمانية للنشر هذا العام  الكتاب الموسوم “الروليت الروسي” للباحث هورست تيلتشيك. والكتاب من الحجم المتوسط، يضم 233 صفحة بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة، وستة فصول، بالعناوين التالية:

1 ــ رؤية العالم كما هو: دروس الحرب الباردة. 2 ــ ذوبان الجليد: فرص عام 1989\1990

3 ــ عباءة التاريخ: لحظة تاريخية لم تنتهز.      4 ــ فرص ضائعة وخيبة أمل: الاغتراب في عهد يلتسين. 5 ــ لم نتعلم بعد، أن نثق في بعضنا البعض: فلاديمير بوتين المبكر والغرب.

6 ــ دوامه عدم الثقة: في الطريق إلى المواجهة.  7ــ وماذا بعد (الخاتمة).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-Horst Teltschik, Russisches Roulette, Vom kalten Krieg zum kalten Frieden, Verlag C.H.Beck oHG, München 2019

2ـ هورست تيلتشيك عمل كمستشار للسياسة الخارجية في حكومة المستشار هيلموت كول ورئيس مؤتمر الأمن في ميونيخ لفترة طويلة، والآن أستاذ فخري في الاقتصاد في الجامعة التقنية بميونيخ.   

3ـ حامد فضل الله، طبيب اختصاص وناشط حقوقي. عضو مؤسس لمنظمة حقوق الاِنسان في الدول العربية (أومراس) المانيا و عضو منظمة ابن رشد للفكر الحر (برلين) وعضو مجلس الأمناء المنظمة العربية لحقوق الاِنسان (القاهرة). كاتب وقاص. تتركز كتاباته حول قضايا الهجرة والاندماج في المجتمع الألماني.

4- Jürgen Todenhöfer,  die grosse Heuchelei, wie Politik und Medien unsere Werte verraten,

Ullstein Buchverlag GmbH, Berlin 2019

5- Stephan Lessenich, neben uns die Sintflut, die externalisieungsgesellschaft und ihr Preis,

Hanser Berlin im Carl Hanser Verlag München 2016   

.