أنا مهاجر

العالم يحتفل باليوم العالمي للمهاجر

الدليل ـ برلين

نادت الأمم المتحدة كل الدول الأعضاء بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق المهاجرين في العالم، المبرمة في عام 1990، وذلك تزامنا مع الاحتفال باليوم الدولي للمهاجرين في 18 ديسمبر من كل عام، وأيضا على خلفية ارتفاع موجه كره الأجانب وتزايد العداء ضد المهاجرين خاصة في أوروبا الغربية. كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نفس اليوم الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.

من هو المهاجر؟

رغم أنه لا يوجد تعريف متفق عليه قانونًا، تعرف الأمم المتحدة المهاجر على أنه ”شخص أقام في دولة أجنبية لأكثر من سنة بغض النظر عن الأسباب سواء كانت طوعية أو كرهية، وبغض النظر عن الوسيلة المستخدمة للهجرة سواء كانت نظامية أو غير نظامية“.

ووفقًا لاتفاقية 1951 بشأن اللاجئين، يُعَرَّف اللاجئ على أنه ”كل شخص يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك التخوف يفتقر إلى القدرة على أن يستظل بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك“.

ويشهد العالم أعلى مستويات التشريد على الإطلاق. فمع حلول نهاية عام 2018، شُرد 70.8 مليون شخص من أوطانهم في جميع أنحاء العالم بسبب الصراع والاضطهاد. ويوجد بين أولئك المشردين ما يقرب من 30 مليون لاجئ، أكثر من نصفهم دون سن 18.  ويوجد كذلك ملايين ممن هم بلا جنسية، ويُراد بهم من حرموا من الحصول على الجنسية والحقوق الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية والعمل وحرية التنقل.

وبالإضافة إلى الاضطهاد والصراع، تجبر الكوارث الطبيعية في القرن 21 (في بعض الأحايين بسبب تغير المناخ) الناس على البحث عن ملاجئ لهم في بلدان أخرى. وتزداد حدة وتواتر الكوارث من مثل الفيضانات والزلازل والأعاصير والانهيارات الطينية. وفي حين أن معظم النزوح الناجم عن هذه الأحداث هو تشرد داخلي، الإ أن تلك الأسباب قد تجبر الناس على عبور الحدود. ولا توجد صكوك قانونية دولية أو إقليمية لمعالجة محنة أولئك الناس.

إن النزوح الناجم عن الآثار البطيئة لتغير المناخ هو إلى حد كبير نزوحا داخليا. ولكن تسارع وتيرة الجفاف والتصحر وتملح التربة والمياه الجوفية، وارتفاع مستويات البحر، وتغير المناخ ساهم كذلك في النزوح العابر للحدود الدولية.

وهناك كوارث أخرى من صنع الإنسان مثل الحرمان الاجتماعي والاقتصادي الشديدين، واللذان يتسببا في فرار الناس عبر الحدود أيضا. وبينما  يفر البعض بسبب الاضطهاد، فإن الأغلبية من الناس تفر بسبب غياب الخيارات الأخرى التي تشجعهم على البقاء. وبموجب اتفاقية عام 1951، لا يمكن لنقص الغذاء والمياه والتعليم والرعاية الصحية وموارد الكسب أن تكون كافية لقبول طلب اللجوء. ومع ذلك، قد يكون بعض هؤلاء الناس بحاجة الى بعض شكل من أشكال الحماية. وتشكل جميع هذه الظروف والصراعات والكوارث الطبيعية وتغير المناخ تحديات هائلة أمام المجتمع الإنساني الدولي.

من جانبها، طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” كافة الحكومات بأن تركز على تحسين حماية المهاجرين بما يشمل التصديق علي هذه “الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق جميع العمال المهاجرين وأسرهم”.

ويقول تقرير المنظمة الدولية: “المهاجرون من بين الفئات الأكثر عرضة للانتهاكات، لكنهم أيضاً من بين الأقل قابلية للحصول على الخدمات أو الوصول لقنوات العدالة. هناك حكومات كثيرة تفاقم من تدهور الأوضاع عن طريق انتهاج سياسات تزيد من التمييز أو تجعل من الصعب على المهاجرين اللجوء للسلطات للحصول على المساعدة”.

العنصرية والعنف النابع من الخوف من الأجانب بحق المهاجرين من المشاكل التي لا تعالجها الحكومات بالسرعة المطلوبة، وفي بعض الحالات تفاقم منها عن طريق سياسات تمييزية.

في إيطاليا على سبيل المثال، فإن الخطاب السياسي والسياسات التي تربط المهاجرين بالجرائم تكرس لأجواء عدم التسامح وفي فرنسا بدأت في حملة صاحبتها دعاية واسعة، من أجل إعادة المهاجرين – وأغلبهم مواطنين من الاتحاد الأوروبي – إلى بلدانهم الأصلية. ويتضح الارتفاع المتواصل في كره الأجانب في أوروبا الغربية بصورة خاصة، في دول كفرنسا وألمانيا وإيطاليا وسويسرا، وكذلك في الولايات المتحدة.

في أوقات المصاعب الاقتصادية، قد يلوم السكان المحليون المهاجرين علي شغل الوظائف، حتى وإن كانوا ليسوا على استعداد لأدائها هم أنفسهم، وعلي الحكومات أن تعالج قضية المشاعر المعادية للأجانب التي يمكن أن تؤدي إلى التمييز والعنف ضد المهاجرين.

هذا وتشير منظمة هيومان رايتس ووتش في تقريرها إلى أن العديد من الدول تعتمد على العمال المهاجرين لسد النقص في اليد العاملة في الوظائف منخفضة الأجر والخطيرة وسيئة التنظيم من الناحية القانونية.

ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومات إلى التركيز في عام 2020 على تحسين تدابير الحماية الممنوحة للمهاجرين، بما في ذلك التصديق على العهد الدولي الخاص بحقوق جميع العمال المهاجرين وأسرهم .. منها:

ـ ضمان أن سياسات الهجرة والعمل مصممة لتيسير الهجرة الرسمية ولا تعاقب بشكل مبالغ فيه من يهاجرون دون توفر الوثائق الرسمية اللازمة.

ـ إصلاح قوانين العمل بحيث يتم مد تدابير الحماية الشاملة إلى فئات العمل والتوظيف ضعيفة التنظيم والتي يشغلها في الأغلب المهاجرون، ومنها العمل المنزلي والزراعة والأعمال الشاقة.

ـ إنشاء آليات فعالة للمراقبة وتقديم الشكاوى، بما في ذلك توفير خدمات الترجمة والتحقيق المدقق في شكاوى الإساءات بغض النظر عن وضعية المشتكي من الهجرة الشرعية، واتخاذ خطوات لتسوية نزاعات المهاجرين ومجريات التقاضي الخاصة بهم، في الوقت المناسب.

ـ فرض معايير قانونية قابلة للتطبيق تحكم أوضاع الاحتجاز بما في ذلك إتاحة الرعاية الطبية وتعزيز الإشراف من أجل منع الإساءات والتصدي لها.

ـ إجراء مراجعات مستقلة لسياسات الطرد وضمان أن من يتعرضون للإبعاد الجبري لهم الحق في الطعن بناء على المراجعة الفردية التي لا تميز على أساس من الأصل العرقي أو الوطني.ـ إعداد إستراتيجيات وطنية شاملة وتعزيز التعاون الدولي من أجل مكافحة الاتجار بالبشر، بما في ذلك توفير الخدمات وإعادة التأهيل للضحايا.

.