من يتحدث باسم المسلمين العرب في ألمانيا؟

من يتحدث باسم المسلمين العلاب في ألمانيا

الدليل ـ برلين

.

تجارة المساجد

يحكي الناس هنا في برلين حكايات كثيرة عن موضة  تكوين الجمعيات الدينية وإنشاء المساجد، فهناك من رأى كيف يتبرع الناس للمساجد، ورأى أن بعض أعضاء الجمعيات الدينية يتكسبون من ورائها، فمنهم من يمتلك المنازل الفاخرة ويركب السيارات الفارهة رغم أنهم لا يعملون إلا في جمعياتهم، الناس تتحدث عن تجارة تكونت من أموال المتبرعين، وعن شركات تأسست من أموال الصدقات، الناس ترى مظاهر البذخ على بعض أعضاء الجمعيات، رغم أن الناس تعرف كيف كانوا منذ سنين قليلة.

يجب أن يفرق الناس أيضاً بين أعضاء الجمعية الدينية (المؤسسين) وإمام المسجد، فغالباً ما يكون الإمام موظفا في الجمعية، لا يملك حقوقاً في التأثير على اتجاهات أعضاء الجمعية، الذين يتلقون مبالغ التبرع وأموال الصدقات.

وكم نادينا نحن ـ الدليل ـ بإشهار قوائم التبرع (الدخل) وكذلك قائمة المصروفات في مكان واضح بالمساجد، حتى يعرف الناس أين صُرفت أموالهم .. وكذلك لإبعاد الشبهات عن أعضاء الجمعيات. حينها قالوا عنا ما قالوا !!

الجديد أن أحد التجار أعلنها صراحة أنه سوف يشتري منزلا حتى يقيم  مسجداً .. فتجارة المساجد الآن هي الرابحة، وهذه قصة حقيقية  وليست دعابة.

لماذا يكثر إنشاء جمعيات دينية؟

يقول الخبير فى الشئون الإسلامية «ميشيل بلومه» فى تصريحات صحفية : إنه سبب قانونى بسيط وهو أن الدستور الألمانى لا ينص على إلزام «الاتحادات أو المجموعات الدينية» بالتسجيل مادامت كونها ليست هيئات عامة.

وذلك على عكس الكنائس التى يوثقها مكتب الإحصائيات الاتحادى فى «كتاب سنوي»، وكذلك المجموعات اليهودية، فكلاهما تربطه اتفاقيات مع الدولة، وفى هذا الكتاب السنوى للإحصائيات لا توجد كلمة واحدة عن الإسلام والمسجد أو المسلمين.

عندما اهتمت الخدمة العلمية للبرلمان الألمانى «بتمويل المساجد» اصطدمت بحاجز العدد الحقيقى للمساجد، حيث لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد الأبنية ذات الشأن الديني، وتفيد تقديرات أنه يوجد بين 2600 و 2700 دار عبادة بأشكال مختلفة، لكن القليل منها يمكن تصنيفه كمسجد فى المفهوم التقليدي، وغالبية دور العبادة توجد فى فناءات خلفية وفى أحياء صناعية أو فى أبنية مصانع خضعت للترميم.

المسلمون الغلابة والإسلام المظلوم

لقد أصبح التنافس بين الجمعيات الدينية، ليس تنافساً فقهيا أو علمياً، إنما أصبح التنافس اقتصاديا، بمعنى جمع أكبر عدد من المتبرعين والمتصدقين.

لقد تحدث البعض في برلين عن تهجم أحد الأشخاص، الذي ينتمي إلى جمعية دينية على مسجد يتبع جمعية دينية أخرى وعاب على الحاضرين تواجدهم في هذا المسجد قائلا وبصوت مرتفع: إن هذه دار باطل والمسجد الآخر ( الذي يتبعه هو)  دار حق، فأي حق و أي باطل يجعل رأس هذا الشاب ممتلئ بمثل هذه الخرافات، ومن المسؤول؟

يقول الناس، الحمد لله هدأت الأمور، فقد قام أحد المهتمين بوحدة الصف بالاجتماع مع المسؤولين عن الجمعيتين الدينيتين في منزله وتم الاتفاق بينهما بألا يتعرض أحدهما للأخر من قريب أو بعيد، وأن يتركا المصلين ليختاروا مكان صلاتهم.

ويعلق أحد الظرفاء قائلا: والله لأمر غريب، فكأن المعروض هنا سلعة ومن حق المصلي أن يختار، فهل سيقدمون له يوم الجمعة إفطارا شهيا قبل الصلاة، أم عشاءا دسماً مع الكوكاكولا بعد التراويح .. هي الخصخصة وصلت المساجد كمان !!

الجمعيات بين الدين والسياسة

جمعية دينية أخرى، وصفت من الساسة الألمان في برلين بأنها متشددة ، حاولت في السابق بناء مسجدا لها، لكنها حوربت كثيرا حتى لا يقام المسجد، وتم فعلاً  منعها من البناء.

الآن وبعد أن تعلم أعضاء الجمعية الدرس السابق، تحولوا من فقه الدين إلى فقه السياسة، كما يعتقد الناس هنا، فقد أقيم مؤتمرا تحت عباءة تقارب الأديان في ” المتحف اليهودي ببرلين“، حضره أعضاء هذه الجمعية “المتشددة”.  والغرض من المؤتمر هذا ـ كما يقول الأعضاء ـ هو إيضاح أن المسلمين واليهود كانوا يعيشون معا في سلام ، ويستطيعون الآن العيش أيضا بسلام. 

أعضاء هذه الجمعية أعطوا أنفسهم الحق في التحدث باسم المسلمين هنا … من أعطاهم هذا الحق .. وهذا التصريح ؟

وهل توجد مشكلة في التعايش بين المسلمين واليهود في برلين، حتى توضح هذه الجمعية الدينية للمسلمين بأن التعايش ممكناً !

وما علاقة جمعية دينية باللعبة السياسية، اللهم إذا كان هناك ” المستخبي” !!

الشارع المسلم في برلين يسأل: أليس من الأولى أن تلتقي الجمعيات الدينية العربية معا.. قبل أن تذهب فرادى لمثل هذه المؤتمرات؟

ويسأل الناس .. ألا توجد أحياءا أخرى لإنشاء المساجد غير Neukölln ، هناك أحياء أخرى يسكنها عدد كبير من العرب، هناك أيضا سوف تنهال التبرعات التي تساعد على إتمام أكبر المشاريع حتى يصبح لكل شارع مسجدا وشيخاً ومعجبين ومتبرعين وجمعية.

ماذا بعد ..

كان وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر طالب المسلمين في ألمانيا خلال انعقاد مؤتمر الإسلام في تشرين الثاني / نوفمبر 2018 بحل ارتباطهم بالتأثير الأجنبي.

وعلى خلاف الكنائس، لا تُحَصِّل الدولة الألمانية ضرائب من أجل المساجد. ويقتصر حصول المساجد على أموال من الدولة في حالات تمويل مشروعات معينة، مثل دعم اندماج اللاجئين المسلمين في المجتمع أو إبعاد الشباب السلفي عن التيار المتطرف.

وفى يناير الماضى بدأت بعض الدوائر السياسية تطالب بتطبيق «ضريبة المساجد» على غرار «ضريبة الكنائس». وقد أعرب كل من حزبى الاتحاد المسيحى وحزب الخضر عن تأييدهما مثل هذه الخطوة، حيث إنه على خلاف الكنائس لا تحصّل الدولة الألمانية ضرائب من المساجد.

وترى الحكومة الألمانية أن العائق أمام عملية تمويل الديانة الإسلامية من الضرائب مردّه إلى عدم وجود “جهة معينة يمكن مخاطبتها، ما يجعل الحكومة تجهل كم ولمن تعطي هذه الأموال.

إذا بدأت المانيا تضع مساجدها تحت المجهر وبدأت تراقب ما يحدث داخلها وتحاول أن تتعقب تمويلاتها وتداهم من آن لآخر تجمعاتهم بحثا عمن يعكر صفو أمنها، فهل ستنجح ألمانيا فى جعل المساجد للعبادة فقط؟ نتمنى لكل الأطرف المخلصة التوفيق لخدمة المسلمين الغلابة والإسلام المظلوم.

.