معرض شَال الفنّي، رؤية جديدة للشرق

موسى الزعيم

تحت عنوان رؤية جديدة لواقع المرأة، افتتحَ معرض شال للفنون التشكيلة في برلين، وهو من تنظيم الفنانة يارا وهبه، عروبة ديب من باريس وكيفان الكرجوسلي، بالإضافة إلى عشرة مشاركين من عدّة مدن ألمانية وفرنسية. كما حظي المعرض بمشاركة من البحرين والإمارات.

 انطلقتْ فِكرة شَال من ضرورة رؤيه المرأة من وجهاتِ نظرٍ مختلفةٍ، إذ تُساعدنا الخلفيات المختلفة للرسامات والرسامين في فهم واقع المرأة. وهي محاولة لجمع الكثير من الأفكار عن المرأة فقد كانت كلّ الأفكار مقبولة حتى التقليدية منها. أمّا الأفكار التي تقلل من قيمة واحترام المرأة فليس لها مكان في معرض شال.

 من خلال المعرض، يمكن قراءة أفكار المشاركين والتي تمحورت حول  دور المرأة في المجتمع والرؤية الفلسفية لها، فهي حاملة مفاتيح المستقبل وهي الأم والانسان الذي يُخفف وحشيّه الوجود في هذا الكوكب و ما يحدث من حروب وكوارث. هي المدينة والآلة الموسيقية والكلمة.

أمّا عن سبب تسمية المعرض بشال فتقول الفنانة وهبي: فكرة تسمية المعرض فكرتي وحصلت على  إجماع الفنانين المشاركين، حيثُ أنني أرى أنّ الشّال يشابه المرأة كثيراً، فهو الذي يؤمّن الدفء والحماية لها ولكن إذا تمّ لفّ الشال بقوّة حول العنق مهما بلغ من الخفة والرقة قد يكون سببا في تضييق الخناق وإزهاق الروح هو كما الشّال هي المرأة قد تطير في لحظة ما كطائر يرفرف في السماء، وتغادر وقد نضيّعها بسهولة ونحن نلهث وراء تفاصيل الحياة.

كلّ شال مصنوع من قماش وكلّ قماش هو خامة مختلفة عن الأخرى. قد يكون ناعماً ورقيقاً أو خشناً ثخينا. يحمل الشال رمزية تشابه المرأة ويمكن النظر إليه من عدّة أوجه كما المرأة التي تحمل أوجه الحياه .

عن تجربتها  الإبداعية تقول الفنانة يارا وهبي :

أنا دائما أرسم المرأة، هي تعني لي أنا ذاتي، المدينة، الآلة الموسيقية، اللوحة والكلمة.

 تدورُ أعمالي الفنية حول هذه الموضوعة أو الأنثى التي تعني لي الشخصية الأخرى منّي، وعادة لا أتبعُ أيّة مدرسة فنيّة، يرى البعض أننّي أعملُ بين السرياليّة والواقعية التعبيرية، ولكنني في  أغلب أعمالي اشتغلُ على أساس البعد السادس أو السابع، الأفكار التي أرسمها والرؤى التي أراها دائماً لم تكن موجودة في العالم المرئي، تأتي إليّ من عوالم بعيدةٍ، أستطيع أن أجسّدها عبر الألوان وعبر ريشتي.

من وجهة  نظري أيضاً فإن الفنون تلعبُ دوراً كبيراً في تقريبِ وجهات النظر بين الشعوب وفهم نمط  تفكير الآخر وحياته.

 اللوحة بالأساس هي فكرة وهي تجربة و رسالة، عندما نقفُ أمام لوحة فنان ما فإننا نستطيع أن نفهم ثقافته، تفكيره، رسالته الفردية، ماذا يريد أن يقول. ربما الرسم والموسيقى لُغاتٌ عالميّة، جميعنا نستطيع فهمها وإن اختلفت الذائقة، كلّ منا يستطيع التواصل مع هذه اللغة البصرية أو السمعية.

اللوحات ليست عملاً مجانياً أو للمتعة فقط، إنما تقدّم رسائل مُشتركة بين جميع أبناء البشر ومعرض شَال هو تجربة غنية للتواصل مع فنانين من مختلف الثقافات ومن تجارب متعددة الاتجاهات.

أمّا عن  المعارض التي شاركتُ فيها فقد كانت لي تجربة في عدّة معارض في ألمانيا مع عدد من الفنانين في إرفورت، بريمن، برلين بالإضافة لى معارض فرديّة في  تورينغن في مدينتي زالفيلد وفايمر وهالة.

وحول الرؤية التي تحاول دائما رصدها في لوحاتها تقول وهبي: أنطلق من رؤية جديدةٍ للشرق، في هالّة زالا  كان عنوان المعرض  الذي شاركت فيه “رؤية جديدة للشرق” هذه الرؤية بتقنيات جديدة للوحات والوجوه والألوان وعبر رؤية بصرية جديدة، لأننا اعتدنا على نمطيّة مُعينّة  في رسم المرأة أو الشرق وأنا أعمل على كسرِ النمطيّة المعهودة عند الأوروبي في فهمه للشرق.

 بالنسبة  لعالم الرسم والكتابة: هما في روحي دائماً متلاصقان، متوحدان، في الوقت الحالي سيصدر كتابي الجديد  فيه عدد من النصوص الشعرية مدعومة باللوحات والصور تحت عنوان “خراف”.

عندما أكتب أرى صوراً وعندما أرسم تصير لوحاتي كلمات، هذا التماهي والتمازج يشكّل عالمي الخاص فلا أستطيع أن أفصل بين الرسم والكتابة، في فترة ما، أشعر بحاجة إلى أن أفرغ ما في داخلي عبر اللوحة وأحياناً أخرى تسوقني الفكرة إلى النص. القلم والورقة هي حالة  أشبه بخاطر روحيّ يناديني داخلياً، بالمُجمل، أغلب وقتي للقراءة والكتابة والرسم، أعيش في هذه العوالم أما خروجي إلى العالم المرئي يرتبط فقط بعرض ما أنتجتُه في مرحلة ما، لأعود مسرعة إلى صومعتي 

أما  تجربة الحياة في ألمانيا فقد أعطتني مساحة أكبر لتأمل ذاتي و أفكاري ومعتقداتي، أتاحت لي مساحة أكبر لتصنيف هذه الأفكار وبالتالي مراجعتها ونقدها.

كذلك صار لدي الوقت للقراءة والتواصل مع الطبيعة، بدأت رؤيتي للعالم تتغير، للمفاهيم والأحكام ومازلتُ في هذه التجربة كما صار لدي مساحة لإدارة حياتي الإبداعية.

معرض شال افتتح  بتاريخ  8/3  واستمر  31/3/2025