حوار مع الفنّان التشكيلي العراقي أحمد حسين

موسى الزعيم

عن بداياتي الفنية يمكنني أن أقول أنّها بدأت منذ الطفولة، في السادسة تقريباً، حيث ولُدتُ في بغداد، هناك بدأت خطواتي الأولى مع الرسم، كانت والدتي تشجعني باستمرار حين تجمع رسوماتي وتعرضها في المنزل وتدعو الأقارب لمشاهدتها كان ذلك دافعاً لي للتطور، كذلك أنا أنتمي إلى أسرة فنيّة، فوالدي كان يرسم ووالدتي لديها أفكار فنية كونها من عائلة فنيّة، وجدي كان شاعراً معروفاً و خالي فنان معروف وكذلك والد أبي كان مصوراً فوتوغرافيا، يمكن أن نقول الموهبة جاءت في الجينات، وهذا ما ظهر فينا فأخي خطّاط ومزخرف وأختي الأولى تعمل في إنتاج أعمال فنيّة في السيراميك والثانية في مجال الرسم على الخشب.

  أما أنا فقد اتجهت إلى دراسة الفنّ في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، لصقل موهبتي وتعمق اتجاهاتي الفنية واخترت الرسم لأنه الأقرب لي.

تخرجتُ بعد الاحتلال الأمريكي وبسبب الاضطرابات الداخلية، غادرتُ البلد، إلى السويد، هناك حيث المشاعر والطقس البارد فلجات إلى لوحتي وألواني للتعبير عن مشاعري تجاه الحياة الجديدة المرغم عليها.

 فكانت النتيجة مجموعة من الأعمال الفنية، لاقت إعجاب الجمهور، كان لدي هناك مجموعة من المعارض الفردية والمشتركة مع فنانين عراقيين ومن جنسيات مختلفة ومن بينهم الفنان العراقي يوسف عكّار، حيث كنّا دائما نلتقي ونتبادل الأفكار ونشجّع بعضنا على الاستمرار.

لا يخلو الأمر من صعوبات لاختلاف عادات  المجتمع واتجاهاته.

وبعدها التقيت بزوجتي التي هي أيضا فنّانة  تعمل في مجال النحت، فكانت المشجّع الثاني على استمرار مسيرتي، فاستطعنا معاً أن نجد خطّاً فنياً “ربما جديداً” وهو دمج الرسم مع النحت، ضمن العمل الفنّي الواحد وكانت النتيجة معرض مشترك (من بغداد إلى برلين) 2023

وعن المدرسة الفنية  التي يتبعها الفنان حسين يقول:

لا أتبع مدرسة معيّنة، أنا أؤمن بأنّ الفنّان لا يجبُ أن ينتمي إلى مدرسةٍ واحدةٍ، فكلّ عملٍ له طريقة  لإيصاله للمتلقي وللفنان رسالة يجب أن يوصلها، وهنا أقصد الفنان “في كلّ مجالاته الإبداعية ”  وكلُّ  له طريقتهُ وأدواته الخاصّة

 وعن طقوس إبداع لوحته الفنية يقول:

بالنسبة لي أكثر وقت أستطيع أن أبدع فيه هو وقت الليل، عندما يكون الجوّ هادئاً، أنفصل عن الحياة العامة، وأبدأ عملي

أما بالنسبة للألوان، فأنا أعشق الرسم بالألوان الزيتية، التي لها قدرةٌ على الانسيابية على اللوحة ولديها روح عالية في المزج مع    بقية الألوان من جهة أخرى لدي الكثير من التقنيات الخاصة بي لتنفيذ أعمالي. والفنان الحقيقي يستطيع توظّيف كلّ الخامات لإنتاج العمل الفنّي، بشرط أن تُظهر هذهِ الخامات العمل الفني بالصورة المطلوبة.

أما عن أفكاره واستلهام موضوعات لوحاته فيرى أنّ   

الحياة مليئة بالموضوعات الفنية، خصوصاً الظروف التي يعيشها الوطن العربي من صراعات وغيرها، فهي كفيلة بإنتاج أعمال فنيّة مُبهرة، هنا في ألمانيا أو أي دولة من الاتحاد الأوربي.

وأنا أبحثُ عن موضوعات مختلفة، لم يتم التطرّق إليها وأبتعدُ عمّا هو مألوف، لكن الوضع الذي نعيشه يُجبر الفنان على التركيز على الأحداث الآنية الشاغلة.

عادةً في  كلّ فترة أهتمّ بموضوع معيّن، لذلك لديّ الكثير من الأعمال المختلفة، منها جاء وليد اللحظة أو بعد تفكير وتخطيط عميق، مثل لوحة الأم ولوحة الغربة عام 2009

وعن الغربة وهامش الحريّة وأثرها على  لوحته الفنية يقول:

بالتأكيد للغربة أثرٌ واضحٌ في أعمالي، ربما لأن حساسيّة الفنان عالية تجاه العالم المحيط، وعليه أن يستفيد من هذه المشاعر و يوظّفها جيداً في أعماله، ليترجمها للعالم عبر ألوانه، اللوحة هي موقفه الداخلي تجاه القضايا الإنسانية.

أما عن الحرية، فلا توجد حريّة بالمعنى المطلق، رغم أننا نعيش في مجتمع يدّعي حريّة التعبير، لكن هناك الكثير من مفاصل الحياة تفتقر إلى هذه الحريّة وخاصّة فيما يتعلق بالرأي.

ومن هنا يمكن أن نلاحظ أن أكثر القضايا التي تفتقر إلى الحرية هي القضية الفلسطينية وكذلك قضايا الدول العربية الأخرى مثل سوريا والعراق وغيرها.

وعن رأيه في أنّ للفنّ دورٌ في تقريب وجهات النظر و المساعدة في فهم الآخر يقول:

 بالتأكيد للفنّ دور في فهم الآخر-على الأقل- أمّا بالنسبة لتقريب وجهات النظر أعتقد أنّها قليلة نوعاً ما، ربما لأن للمجتمعات العربية عادات وتقاليد خاصّة يفتقر لها المجتمع الألماني.

 أماّ عن المعارض الفردية والجماعية التي شارك فيها:

لدي مشاركات جماعية عديدة في العراق ومصر والسويد وألمانيا. أمّا المعارض الفرديّة فقد أقمتُ معرضين فرديين في السويد ومعرضين في رومانيا ومعرض فردي في برلين، وحصلت على العديد من الجوائز. 

وعن رأيه بالحركة التشكيلية العربية في ألمانيا وخاصة في برلين يقول:

من وجهة نظري تفتقر إلى الكثير من المقومات، على سبيل الذكر لا توجد مؤسسات تهتمّ بالفنان العربي، وإن وجدت فهي قليلة بالنسبة لعدد الجاليات العربية، وكذلك بالنسبة للإعلام نحتاج إلى مؤسسات أكثر، تهتمّ بنشرِ الثقافة العربية “مثل مؤسستكم الموقرة مشكورة طبعاً”. 

من وجهة نظري أتمنى أن تكون هناك فُرص أكبر للتواصل بين المؤسسات، فكلّ مؤسسة لها جمهورها واتجاهاتها، سواء كانت سياسيّة أو فنيّة، تخيل الأمر لو اجتمعت هذه المؤسسات بجمهورها وإعلامها، لكانت الحركة الفنية أكثر انتشاراً واوسع مما هي عليه الآن، ربما يستطيع الجمهور الألماني التعرف أكثر على الحركة الفنية العربية بكلّ مجالاتها، بمعنى آخر، كلّ مؤسسة أو جمعية عربيّة تشتغلُ بمفردها، وتستهدف فئة معينة من الجمهور لأغراض وأهداف معينة. 

 وعن مشاريعه القادمة يقول:

هناك العديد من المشاريع في ذهني وبدأتُ بتنفيذ جزءٍ منها، حالياً أقوم بالتحضير لمعرضين قادمين، أحدهما خاص بالخيول العربية والآخر بالتراث العراقي وتوظيف مفردات من الحضارة البابلية والآشورية في الأعمال الفنية وكذلك على اللباس العربي الخاصّ بالمرأة العربية، لكن لا زال هناك صعوبات في ايجاد المكان المناسب لها.

* أحمد حسين فنان عراقي  يقيم في ألمانيا