What A Shame ما يصحّش كِده

موسى الزعيم

يعدّ مسرح الدّمى المُتحركة أو مسرح العرائس من المسارح العربية القديمة و التي عرفتها  ثقافتنا العربية وخاصة في المناسبات العامة والأعياد، حيث كانت الدمى تنطق بما لا يستطيع الناس قوله مباشرة تعبّر عن وجدان العامة في أحلك الظروف السياسية ، وغالباً ما يسعى هذا المسرح إلى رفع درجة الوعي عند الناس، ومحاولة اقتحام المسكوت عنه بطريقة أقرب إلى الامتاع والدهشة.

 الجديد في ذلك أننا أمام تجربة مسرحيّة خصصت موضوعاتها في سبيل رفع الوعي (القانوني) والتعريف بحقوق المرأة

What A Shame  ما يصحّش كده  وهو عنوان الكتاب الجديد الصادر عن دار الدليل  للطباعة والنشر في برلين للفنانة المصريّة والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق  المرأة رانيا رفعت شاهين المقيمة في ألمانيا

 الكتاب صدر بطبعته الحالية باللغة الانكليزية، وقد سبق أن صدرت منه نسخة باللغة العربية في مصر عام 2018 وهو ضمن مشروع تعمل عليه الفنانة وتدخر كلّ وقتها وطاقتها من أجل انجاحه.

 في الكتاب تحكي الفنانة عن تجربتها في انشاء مسرح البرجولا للعرائس أو كما يسمى  ” بمسرح الدّمى المُتحركة” وعن الصعوبات والضغوطات التي واجهتها مع فريقها في بدايات انشاء فرقتها المسرحيّة.

 يقع الكتاب في مئة وخمسين صفحة من القطع المتوسط  وفيه مجموعة من الصور والرسومات التعبيرية المرافقة الداعمة لبعض الأفكار من رسم الفنان أحمد فودة.

 قسّمت الكاتبة كتابها إلى عشرة فصول بعد الشكر والاعتذار الواجب منها عن عدم استخدامها لتاء التأنيث  في بعض الأفعال والمسميات .. “أعتذر لكلّ فتاة وسيّدة، على صياغتي لجمل الكتاب بصيغة المذكر فقط دون إضافة تاء التأنيث”

 ثم تطرح الكاتبة فكرة مفادها مَن هي الشّريحة  من القراء التي يهتمّ بهذا الكتاب؟ أو لمن يتوجّه هذا الكتاب؟ الكتاب موجه للذين يبحثون عن القراءة في التجارب المختلفة، للفنانين المبتدئين الذين يريدون تطبيق الفكرة في محيطهم الاجتماعيّ للفرق المسرحيّة الكبيرة  من باب تبادل الخبرات،  لعل صدى تجربة رعتها وكبرتها الفنانة رانيا تريد لغيرها أن يشاركها مُتعة النجاح والعمل على الفكرة التي تراها رافعة لقضايا المرأة ناهضة بحقوقها.

 حتى هنا يبدو الموضوع والطرح عادياً والفكرة مطروقة لا أقصد فكرة مسرح العرائس، أنّما على صعيد الجّدة والابتكار في طرح الرؤيا والأفكار  في  موضوع المسرحية، و اشتغال الفنانة على قضايا لها خصوصيتها وهي موضوعات رفع الوعي الاجتماعي والقانوني والتنبيه إلى خطر مسألة التحرش الجنسي في الشارع المصريّ خاصة والشارع العربي بشكلٍ عام، لكن من الزاوية القانونية، أي أنّ الكاتبة عالجتْ قضية التحرش الجنسي ومشاكل المرأة العربية في المجتمع العربي من الزاوية القانونيّة، ووجدت أنّ الطريقة المُثلى لايصال الفكرة عبر الدّمى  أو عرائس “البرجولا”  بحيث سلكت الفنانة والناشطة الطريق الأقرب إلى الفهم والقلب لدى المتلقي في الشارع العربي، ولدى شريحةٍ لها خصوصيتها بحاجة إلى عرض القضايا المُتعلقة بها من زاوية غير التي يراها أغلب الناس ومن خلال المسرح التفاعلي، بين المتلقي مباشرةً والجمهور بحيث يصبح المُتفرج ضحيّةً أو بطلاً أو وسيطاً للحلّ في نفس المسرحيّة مع أربع عرائس من الدّمى المتحركة بالاضافة إلى الجوكر هو شخصية من المهم تواجدها في العرض، فهو الشخص الذي يدير العرض، ويحث الجمهور على التفاعل، كما يقوم بإدارة المناقشة بين الجمهور وتعديل مسار العرض .

 تقول المؤلفة: في مقدمة كتابها إن هذه التجربة تتعلق بالقضايا الشاغلة، كالتحرّش الجنسيّ وضرب الزّوجة والعنف ضدّ الأطفال، وزواج القاصرات، هذه الطروحات قانونيّة بحتة كل ذلك يندرج تحت إطار مدرسة الفنّ للمجتمع.

 فالفكرة بدأت عام 2010 وأول عرض مسرحي عام 2011 في مصر تبعتها عدّة محاولات منها ماكان ناجحاً ومنها ما تعرض للضغط من قبل جماعات لها عداء تاريخي مع المسرح والفكرة الفنيّة عامة.

 هذه التجربة كان لها شركاء داعمين في مصر مثل معهد غوتة الألماني ، والمركز الثقافي البريطاني ، والاتحاد العام النسائي في مصر، ومؤسسة (كير) الدولية.

 انتقلت الفنانة إلى ألمانيا بعد أن تلقت دعوة لحضور أحد المؤتمرات عام 2016 ومن أجل عرض تجربتها الفنيّة فلاقت قبولاً جيداً لدى مسارح برلين، بعد ذلك عرضت فكرتها على السلطات المعنية التي شجعتها بدورها من أجل رفع الوعي القانوني لدى القادمين الجُدد وخاصّة أن ّ لدى الكثير من المُهاجرين العرب مشكلة في التعاطي مع قوانين البلد الجديد “ألمانيا” كونها تختلف عمّا اعتادوا عليه في بلدانهم .

 في الكتاب تضع المؤلفة آلية لانضمام أفراد جدد لفرقتها ضمن سلسلة من الشروط والمحددات تضمن رفع مستوى الفرقة بشكل دائم

 و في فصل آخرَ تشرح آلية البحث عن الموضوعات الجديدة والتي لها تماس مباشر بحياة الناس من جهة القضايا القانونية، يبدأ البحث عن القضية الاشكالية ثم يعاد تدويرها بين أعضاء الفرقة  ليكتب الحوار بشكل تشاركي، ويعتمد ذلك على طرح الأسئلة على الجمهور بأسلوب بسيط ” مادور مجلس الشعب ، مَن يشرّع ويسنّ القوانين .. وغيرها من الأسئلة التي تبدو بديهية لتنتقل إلى القضية الهدف ..

 في الكتاب ايضاً نشرت الكاتبة عدداً من النصوص المسرحية منها” ميصحّش كده، امسك حشيش، مش عايزة اتّجوز “

 في كلّ نصّ مسرحي نجد المشكلة والحل حسب النص القانوني أو المادة القانونية في الدستور المصري مثلاً

كذلك اعتمدت الكاتبة على عدد من الاحصائيات التي تدعم وجهة نظرها وتؤكد مصداقية الطرح الذي تريد مناقشته مع الجمهور .  يُذكر أنّ الفنانة رانيا رأفت شاهين درست القانون في مصر وعملت فترة في مجال المحاماة ومازالت تعمل حتى اليوم، لكنها حسب قولها ترى أنّ  القانون بصيغته الحاليّة مادة جافّة والفنّ هو الأقرب إلى حياة الناس فلماذا لا يكون هناك مزج بين ما هو فنيّ وقانوني من أجل رفع مستوى الوعي ، كما يذكر أنّها حصلت على عدد من الجوائز خلال مسيرة عملها الفنية.

.