لن تحتل الآلات وظائفكم

تحدث «بول والاس» في مقال له على موقع وكالة «رويترز» للأنباء عن الجدل القائم حول دخول الذكاء الاصطناعي في كافة مناحي الحياة البشرية، وقال «إنه لطالما تحدثت أفلام سينمائية كثيرة عن مستقبل الروبوتات في حياة الإنسان، وتفاعل بعضها مع المخاوف المثارة حول سيطرة الروبوتات على وظائف البشر». وتساءل والاس: هل يعرف صناع الأفلام شيئًا لا نعرفه؟

 

مجالات أوسع للآلات

حدث تطور هائل في السنوات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي بلغ حد قيام شركة «أمازون» بأول عملية توصيل منزلي باستخدام طائرة بدون طيار في بريطانيا، واعتزام الشركة إطلاق سلسلة متاجر Amazon Go للقضاء على الطوابير في المتاجر.

وبدأت شركات التكنولوجيا في تعليم الآلات كيفية الرد على التساؤلات، وحل المسائل شديدة التعقيد، وتحليل أحجام هائلة من البيانات بسرعة فائقة.

ولهذا، يقول والاس: فإن نطاق عمل الروبوتات سيتعدى خطوط التجميع الرتيبة إلى مجالات أوسع. مع ظهور السيارات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار، فقد تضرب البطالة قطاع النقل وخدمات التوصيل. وقد أشار تقرير صادر في 2015 عن شركة «ديلويت» للمحاسبة أن الروبوتات ستحتل الوظائف الإدارية في المكاتب.

كانت أبحاث قد قدرت أن 47% من العمال الأمريكيين مهددون بسبب الروبوتات خلال السنوات العشرين المقبلة، كما قدر كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا أن حوالي 15 مليون وظيفة في سوق العمل البريطاني ستذهب إلى الروبوتات.

لكن والاس يرى أن المخاوف المثارة مبالغ فيها، فبعض الوظائف ستحتاج قدرُا من المهارة والتفكير والخبرة لا يتوافر لدى الآلات، مثل: وظائف السجلات المحاسبية والمحاسبة عمومًا التي تتطلب تفاعلات اجتماعية واسعة النطاق. كما أن الكثيرين يخشون التحول إلى السيارات ذاتية القيادة، لا سيما بعد انتشار عدة تقارير عن وقوع حوادث مميتة لها.

وقد شككت دراسة صادرة عن المركز الأوروبي للأبحاث الاقتصادية في التقديرات التي جرى نشرها عن حجم الوظائف المهدرة في سوق العمل الأمريكية بسبب الآلات. وقال المركز «إن 9% فقط من وظائف سوق العمل الأمريكية، و10% من وظائف سوق العمل البريطانية ستذهب إلى الآلات».

 

وظائف جديدة للبشر

وقد أغفلت التقارير التي تتحدث عن عدد الوظائف التي ستذهب للروبوتات عدد الوظائف التي سيجري خلقها في المقابل. في أوائل القرن العشرين، تنبأ خبراء بانهيار سوق الوظائف الزراعية، ولكن كان من الصعب عليهم التنبؤ بظهور وظائف جديدة، مثل أطباء الأشعة ومدربي اليوجا؛ مما حافظ على نسبة تصاعدية في عدد الوظائف المتاحة في سوق العمل.

ثم أتى عصر الإنترنت، يقول الكاتب، لنشهد نموًا هائلًا في عدد الوظائف، لا سيما مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي. واليوم، تزخر أماكن مثل «وادي السيليكون» بمئات من الشباب الذين يصممون تطبيقات للهواتف المحمولة التي لم يمضِ وقت طويل على ظهورها.

كما يجري خلق العديد من الوظائف بشكل غير مباشر عبر رفع مستوى الإنتاج. فإذا تطورت صناعة الغذاء سيدفع ذلك الناس إلى الإقبال على المطاعم، مما سيخلق المزيد من الوظائف.

يتساءل الكاتب حول ما إذا كان خلق وظائف جديدة سيسير بوتيرة أبطأ من ضياع الوظائف، ويجيب أن هذا يبدو مستبعدًا. فعدد الوظائف لم يتأثر منذ انطلاق الثورة التكنولوجية، بدءًا بالحواسيب الضخمة في منتصف القرن الماضي ووصولًا إلى ثورة الحواسيب الشخصية والإنترنت في الثمانينات والتسعينات.

إن القلق السائد لا يتعلق بعدد الوظائف وإنما بجودتها. فبينما يزداد الاعتماد على الآلة في المزيد من الوظائف، يزداد عدد الوظائف التي تحتاج إلى المهارة. والسبيل الوحيد للتخلص من هذا القلق هو بذل مجهود مضاعف في التعلم، وتحسين مستوى المهارات والخبرات. وخلاصة القول هي أن الروبوتات ستقضي على الكثير من الوظائف، لكن البشر سيخلقون الكثير غيرها.

اترك تعليقاً