نكبة أم كبوة؟

د. نزار محمود /

كل عام تمر بنا ذكرى ” النكبة”، ذكرى اعلان قيام دولة “اسرائيل”على أرض فلسطين وتهجير شعبها. وبهذه المناسبة نعود لتذكر كم شهيد ارتفع في السماء في سبيل تحرير وطنه، وكم أسير لا يزال يقبع خلف قضبان الاضطهاد الصهيوني.

بيد أننا لا ينبغي أن نقبل بالنكبة بمعنى الهزيمة أبداً، طالما بقينا أوفياء لمن ضحى بحياته في سبيل ذلك الوطن، ولن نرضى بحرية طالما بقي في معتقلات الاحتلال من يتوق لها. نشتاق لوطن آمنا بحقنا فيه، أحببنا أرضه وثقافته وهويته وتحابب أبنائه، ونهفو الى اشجار زيتونه وبرتقاله، ودور عبادته.

أبناء فلسطين الطيبين الشرفاء يتفنون في النضال من أجل حريتها: فمنهم من يحمل بندقية الحق و الكرامة والسلام، ومنهم من يتبرع بماله، ومنهم من لا يجف قلم كلماته وأشعاره، ولا تهدأ ريشة رسمه ولا تغفو أعمال نحته. حناجر تصدح بالأناشيد والأغاني الوطنية، وأوتار موسيقاه تجاوب نغمات نايه وقرعات طبوله وضربات رقه.

وفي هذه المسيرة يقيم اتحاد الفنانيين التشكيليين الذي يترأسه الفنان احمد فؤاد شما، معرضاً في برلين ضم أعمال ستة وثلاثين فناناً تشكيلياً، عبرت لوحاتهم وأعمالهم عن معاني الانتماء والنضال والعزم على تحرير الأرض والعرض من دنس الاحتلال. لوحاتهم تحكي الألم والحنين والكفاح والمقاومة. إنها لوحات تشكل “بانوراما” الهوية الوطنية الفلسطينية في عمق تجذرها في أرض الآباء والأجداد وقدسية التاريخ.

لقد توسطت لوحة الرمز لشيرين ابو عاقلة التي اتكأت قبعتها الصحفية على عمود الانجيل الملطخ بدمها ووقف الأقصى شاهداً على اغتيالها ومناصراً للاخوة الاسلامية المسيحية في أرض فلسطين المحتلة. لقد نجح الفنان في اختيار ألوان لوحته في أرضيتها وتعبيرات عناصرها وعرض رمزياتها، لتحكي تلك اللوحة جريمة الاغتيال ونفاق العالم في حديثه عن حرية الصحافة وحماية من يبحث عن الحقيقة، وراح يماطل تارة ويزيف تارة أخرى، فلا اعراف تردعه ولا دين ولا ادعاءات حرية ولا ديمقراطية.

بقي ان أقول: انه ورغم صغر صالة العرض التي اكتظت بزوار المعرض من رجال ونساء، كبار وشباب وصغار، فإن المعرض قد سجل نجاحاً متميزاً في زمن صعب.

وفي الختام أقول كذلك: إن صمود الشعب الفلسطيني وديمومة نضاله سيجعل من يوم “النكبة“ليس اكثر من يوم “ كبوة” حين تصحو الضمائر  وتتآلف القلوب وتشتد السواعد ويعود الحق الى اصحابه.