نعم .. الإسلام جزء من ألمانيا

 

 

الدليل ـ برلين

 

 

عندما تحدى حزب «البديل من أجل ألمانيا» العنصري، كل الأصوات التي تعتبر المسلمين في ألمانيا، جزءاً من المجتمع الألماني، وتسبب في تعميق مستوى الخلاف الشديد، بشأن الإسلام والمسلمين في ألمانيا، بعد تبني مؤتمر الحزب في برنامجه بنداً يعتبر فيه «الاسلام ليس جزءاً من ألمانيا» في غمرة حرب ثقافية وإعلامية داخلية (قديمة وحديثة) تدور بشأن قضايا الإسلام والمسلمين في نطاق الدولة الألمانية، وفشل الجهود كافة، الرامية إلى إزالة شعور الكراهية الذي يستهدف جميع المسلمين في ألمانيا، وخاصة في أوساط الأحزاب وقوى المجتمع العنصرية والنازية.

وعلى رغم أن مواقف حزب «البديل من أجل ألمانيا» المتشددة والعنصرية جدا ضد الإسلام والمسلمين في البلاد، استقطبت كوادر وقواعد وجماهير الأحزاب والمنظمات والقوى العنصرية والمناهضة للهجرة بشكل واسع النطاق، فإنها من جهة أخرى وحَّدت بصورة أوسع شمل الأحزاب والقوى اليمينية المعتدلة والوسطية واليسارية والعلمانية، التي عرفت تاريخًا طويلاً من مواقف التضامن المرتكزة على قواعد القيم والمثل والمبادئ الإنسانية.

ولا يعد هذا النقاش جديداً، إذ قال الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف في عام 2010 إن “الإسلام جزء من ألمانيا، تماماً مثل اليهودية والمسيحية”، ثم عادت وقالت المستشارة أنجيلا ميركل العبارة نفسها مطلع العام الماضي، وتعرضت لانتقادات حتى من داخل حزبها.

الآن وبعد انتظار طويل أصبح لألمانيا حكومة بها وزير داخلية يدعى “هورست زيهوفر”  كانت أولى تصريحاته بعد آداء اليمين الدستورية أن ” الإسلام لا ينتمى لألمانيا”

 

الإسلام ينتمي لأسس الثقافة الأوروبية والألمانية

هذا وقد اعتبر المؤرخ الألماني ميشائيل بورغولته، المتخصص في حقبة العصور الوسطى، أن العلماء المسلمين ساهموا بشكل كبير في فهم الفلسفة اليونانية وتقدم العلوم الطبيعة، وإيصالها إلى أوروبا.

وأوضح بورغولته في لقاء له مع موقع قنطرة رداً على سؤال حول اعتبار حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي أن الإسلامَ ليس جزءاً من ألمانيا، أن الحزب المذكور ليس الوحيد الذي يجادل في هذا الشأن، بل إن سياسيين آخرين يعتبرون المسلمين جزءاً من ألمانيا لكن ليس الإسلام في حد ذاته، واصفاً هذا الجدل بأنه غير مفيد، موضحاً أنه كمؤرخ متخصص في العصور الوسطى عليه أن يعكس الأولويات ويقول إنه ليس المسلمين من ينتمون لألمانيا وإنما الإسلام ينتمي لأسس الثقافة الأوروبية والألمانية.

وأكد بورغولته الذي يعمل أستاذاً بجامعة “هومبولدت” في برلين، أنه من دون الإسلام لما كان هناك “مدرسية ” أو جامعات أو علوم على النحو الذي عليه في وقتنا الحاضر، مبيناً أنه من دون إيصال الممتلكات الثقافية القديمة عبر المسلمين واليهود لما كان هناك صعود للغرب الأوروبي منذ أوج العصور الوسطى، مؤكداً أنهم مازالوا يستفيدون اليوم من العلماء المسلمين.

 

لماذا يخاف رجل الشارع الأوروبي من الإسلام ؟

لا توجد إجابة على ذلك سوى أن التيارات اليمينية المتطرفة قد نجحت في جعل المواطن الأوربي يخشى على ما يسمى ثقافته أو منجزاته الحضارية والدستورية والحقوقية من هجمة ظلامية تدعو إلى ختان الإناث وقطع يد السارق وذبح الآخرين وإقامة الحدود عليهم في الشوارع ، وهذا للأسف فهمهم للإسلام.  

كما أن صمت العالم الإسلامي وضعف الجاليات العربية والإسلامية في توضيح حقيقة هذا الدين والوقوف في وجه من يسبه ويسب رموزه، كما تفعل الجاليات اليهودية في كل من يقترب من ” الهولوكوست”مثلا ، فتح المجال أمام المزيد من المكتسبات لهؤلاء ليخوضوا المزيد من معارك الترهيب والتخويف من الإسلام وهم مطمئنون إلى ضعف الرد الذي لن يتجاوز بعض “الجعجعة” هنا أو هناك، ودعوة إلى مقاطعة منتجات دولة لا تستمر إلا لعدة أيام،  يعود بعدها إخواننا ” الأثرياء العرب” إلى السفر لأوروبا لقضاء الأوقات الممتعة أو ترك ودائع مالية في بنوك هذه الدول.

 

الانفتاح على الآخر

علينا أن نعرف أن هناك نظرة سلبية للإسلام والمسلمين في المجتمع، جانب كبير منها ناجم عن عدم فهم الآخر بسبب الانعزال عن الحياة في مجتمع جديد أو لضعف الجهد في شرح طبيعة منظومة القيم والأخلاقيات التي تحكم حياة المسلم بأسلوب يتفهمه الآخر ويحترمه حتى وإن اختلف معه.

إن نموذج الاختلاط بالمجتمع الغربي دون خوف هو أفضل النماذج، وهو ما يكسب المسلم احترام الآخرين ويعطي دليلاً على مدى قوة وثبات المعتقد والهوية دون خوف من انهيار أو اضمحلال أو ذوبان في ثقافة ، وما أضاع هيبة العرب والمسلمين إلا نحن بتخاذلنا وضعف حجتنا أمام الآخر فضلاً عن رضانا بالذل والمهانة وتهميشنا في اتخاذ القرار حتى داخل بلادنا.

لابد وأن نعترف بأن المشكلة فينا نحن كعرب ومسلمين، فنحن نظراً لحالة القمع التي تشهدها كافة الدول العربية وأغلب الدول الإسلامية لم نعتد على قبول، بل ونتعجب من مثل هذه القرارات التي تتخذها وتعتمدها الحكومات بناء على تصويت المواطن، حتى وإن تسببت لها في أزمات دبلوماسية أو اقتصادية، فالمواطن هنا هو صاحب الحق والقرار الأول والأخير في إرساء ما يشاء من قوانين أو اتفاقات هامة تمس حياته دون أن تمارس الدولة أي سلطة أبوية عليه باعتباره “غير ناضج ديمقراطيا”، كما يقول بعض حكام العرب، أو أنه غير مستعد بعد لاتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بحياته اليومية كما يقول السادة  خبراء  تزوير الانتخابات .. أي انتخابات مهما كانت صغيرة حتى وإن كانت لنادي كرة قدم في قرية !!

 

لقد آن الآوان

نحن نرى أنه قد آن الأوان كي يكون لدينا كجالية نواب في كل البرلمانات المحلية والاتحادية، وعلى من لديهم حق التصويت وضع ذلك الهدف نصب الأعين، حتى لو اختلفنا مع المرشحين العرب في التوجه السياسي. فلنذهب جميعاً إلى صناديق الاقتراع، ولنعرف أن الصوت العربي  سوف يؤثر في نتيجة الانتخابات.

لسان حال الجالية يقول: إننا أناس مسالمون  ننبذ الإرهاب ولكننا ندعم المقاومة المشروعة الأخلاقية المبررة ضد الغزاة ضد الطغيان الأعمى في فلسطين .. كما أننا نرفض كل أشكال التمييز والعنصرية ضد المهاجرين عامة ونرفض كل أنواع التهكم على الأديان.

فلنذهب نحن إلى المساجد والكنائس .. ونعلم أطفالنا تعاليم الأديان السماوية ولنعلمهم لغتنا العربية .. ونعلمهم كيف يندمجون في المجتمع الألماني لنربي جيلاً يتفاعل في مجتمعه ويحمل معه همومنا وقضايانا.