نجم ألمانيا يبدأ في الأفول

عادل فهمي/

مع رحيل أنغيلا ميركل المقرر عن السلطة، سيفقد اليمين المتطرف الألماني الهدف الرئيسي الذي كان يصب عليه غضبه وسيكون عليه تجديد ترسانته السياسية. على الرغم من أن استطلاعات الرأي تتوقع نتيجة سيئة لحزب “البديل من أجل ألمانيا” في الانتخابات التشريعية، إلا أن هذه الحركة باتت مترسخة بقوة في المشهد السياسي. وشعار “ميركل يجب ان ترحل” الذي كان يكرره هذا الحزب المناهض للهجرة والمؤسسات، سيحل محله مع مغادرة المستشارة مهامها لتبدأ التقاعد، غضب أكثر انتشارا ومتعدد الأشكال.

اليمين المتطرف و خليفة ميركل

يقول أبرز مرشحي الحزب الشعبوي في الانتخابات التشريعية تينو شروبالا إن “رحيل المستشارة أمر جيد في الوقت الحالي لأنه يخلق مجالا للتغيير”. وأضاف أن “نتائج عهد ميركل ستلقي بثقلها على ألمانيا لفترة طويلة.. أنغيلا ميركل ستبقى أسوأ مستشارة في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية” حسب قوله.

فهذا الحزب يحملها مسؤولية “الهجرة الجماعية غير الشرعية” بعد قرارها في 2015 فتح الحدود أمام اللاجئين الفارين من سوريا والعراق، ويتهمها بالقيام بـ “انتقال مكلف للطاقة” بعدما قررت في 2011 التخلي تدريجيا عن الطاقة النووية أو حتى بـ”عمليات تعويم أبدية لليورو” في دول جنوب أوروبا.

هذه الاستراتيجية المناهضة لميركل، أتاحت لحزب “البديل من أجل ألمانيا” عام 2017 أن يدخل بقوة الى مجلس النواب ليصبح أكبر قوة معارضة مع 12,6% من الأصوات.

فالحزب الذي تأسس عام 2013 بناء على نهج مناهض لليورو، تقدم في استطلاعات الرأي على أساس نهج مناهض للأجانب والإسلام لاسيما في شرق البلاد الذي يعتبر أكثر حرمانا. لكن هذه الاستراتيجية استنفدت. لم يحصل الحزب سوى على 11% من النقاط في استطلاعات الرأي الأخيرة وهو يسعى الى تجديد نفسه.

وقال مرشح الحزب الشعبوي “فترة التركيز على شخصية ما انتهت الآن، يجب أن نهاجم البرنامج السياسي للعولمة، حتى وإن لم يحمل اسما”.

يضيف زعيم المجموعة الصغيرة “تسوكونفت هيمات” (مستقبل وطن)، “ميركل كشخص ليس هناك اهتمام كبير بها إنما هي تجسد نظاما، سنستبدل سريعا شعار ‘ميركل يجب أن ترحل’ بشعار ‘لاشيت يجب أن يرحل’ او ‘شولتز يجب أن يرحل’ أو ‘بيربوك يجب أن ترحل'” في إشارة الى المرشحين الأوفر حظا لخلافة ميركل. ويرى أن الهدف لن يتحقق “إلا حين يتم محو قراراتها السياسية وحين تحمل ميركل سياسيا، وإذا لزم الأمر، قضائيا المسؤولية”.

يقول متحدث مؤسسة مكافحة العنصرية “أماديو-أنطونيو” إنه “من خلال عدم إغلاق الحدود الألمانية عمدا في 2015 حين وصل اللاجئون إلى ألمانيا عبر المجر وطريق البلقان، أصبحت ميركل تجسد الشر بنظر اليمين المتطرف الألماني”.

ويضيف ” أن شعار “ميركل يجب أن ترحل” كان “شعارا ضد النظام أكثر مما هو شعار ضد شخص ميركل”.

ويوضح أن من سيخلفها “لن يكون هدفا جيدا كما كانت ميركل .. ولكن هذا لن يؤدي بالطبع الى إضعاف دائم لليمين المتطرف”.

ويضيف “سيمضون في تشويه صورة ألمانيا بصفتها ديكتاتورية، وفي وصف شولتز ولاشيت كامتداد لنظام ميركل. اذا أصبحت (أنالينا) بيربوك مستشارة فان حقد بعض الاشخاص قد ينفجر” في إشارة الى مرشحة حزب الخضر التي باتت أحد الأهداف المفضلة للمشككين في قضايا المناخ.

بعيدًا عن استهداف الأشخاص، على حزب “البديل من أجل ألمانيا” أن يعدل برنامجه، لأن موضوع الهجرة لم يعد يحظى باهتمام كبير كما كان عليه في العام 2017: هناك 20% فقط من الألمان يعتبرونه أولوية بحسب استطلاع للرأي أجرته في الآونة الأخيرة صحيفة “بيلد” بفارق كبير عن أولوية إنقاذ المناخ (35%) أو رواتب التقاعد (33%). يضاف الى كل ذلك الخلافات الدائمة داخل حزب “البديل من أجل ألمانيا” الذي يشهد حربا بين شريحته الأكثر تطرفا ومناصري اعتماد نهج أكثر ليونة وكذلك فشله النسبي حتى الآن في الاستفادة من موجة الحركة المناهضة لوضع الكمامات، وهي كبيرة في ألمانيا.

أوروبا بدون ميركل

كشف استطلاع جديد للآراء أن غالبية الأوروبيين يعتقدون أن نجم ألمانيا بدأ في الأفول ، بينما تستعد البلاد لفترة ما بعد المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.

وأظهر الاستطلاع، الذي صدر قبل الانتخابات الفيدرالية الألمانية أن 34٪ من الأوروبيين الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الفترة الأفضل للبلاد باتت من الماضي.

ويعتبر الألمان هم الأكثر تشاؤمًا من بين عشرات دول الاتحاد الأوروبي التي شملها الاستطلاع، حيث يرى 52٪ من الألمان أن قوة دولتهم في تراجع ، وفقًا للاستطلاع الذي نشره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

وحدد الاستطلاع، أن نهج المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل في البحث عن حلول وسطى يعتبر مصدرًا رئيسيًا لبسط صورة إيجابية عن ألمانيا لدى مواطني دول الاتحاد الأوروبية. ولفتت إلى أن وجود أنغيلا ميركل في السلطة لمدة 16 عاما، قلل المخاوف لدى الجيران من “الهيمنة الألمانية”. كما يرى معظم من استطلعت آراؤهم أن رئاسة شخصية ألمانية، للمفوضية الأوروبية ليست بـ”الأمر السيء”. كما تثق أعداد كبيرة في الدور الذي تلعبه ألمانيا ضمن التكتّل وبخاصة حين يتعلق الأمر بتسيير القضايا القضايا المالية والاقتصادية و الحفاظ على الديمقراطية ومبادىء سيادة القانون.

كما ترى غالبية من استطلعت آراؤهم، أن ألمانيا قادرة على قيادة الاتحاد الأوروبي في مواجهة التهديدات التي تواجه الاتحاد ومنها: إضعاف سيادة القانون داخل الاتحاد الأوروبي ، وفشل أوروبا في الدفاع عن مصالحها في العالم.

وحسب الاستطلاع فإن الألمان، يبدون حذرا شديدا من رؤية شخص آخر، يحل محل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، و التي يعتبرها كثيرون “رمزًا مثاليًا لروح العصر الألماني في بداية القرن الحادي والعشرين”.

وتقول الوثيقة، في تحليل مصاحب للاستطلاع، أنه “بدون أنغيلا ميركل، ستكون أسس الدور القيادي لألمانيا في الاتحاد الأوروبي أضعف بشكل ملحوظ، ما لم تنفذ الحكومة الجديدة استراتيجية موثوقة تفوق إنجازات أنغيلا ميركل”.

كما تؤكد الوثيقة ذاتها وجود مواقف إيجابية لدى الأوروبيين، تجاه أنغيلا ميركل، والتي عملت حكوماتها المتعاقبة على “إيجاد أرضية واسعة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار وتحقيق مستويات معتبرة في انخفاض معدل البطالة في العقدين الماضيين على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها أوروبا.”

.