ملاحظات حول النشر

في المجلات العربية المحلية في برلين

د. نزار محمود، رئيس المعهد الثقافي العربي في برلين

نسمع بين الفينة والأخرى، من هذا وذاك، نوعاً من الانتقاد وحتى السخرية، حول النشر في المجلات العربية المحلية في برلين بدعاوى تترواح بين الشخصية والجاهلة، رغم إدعائها الموضوعية.

ومن بين تلك الدعاوى:

–  أن هذه المجلات ليست أكثر من مطبوعات لإعلانات تجارية لا ترقى حتى إلى مستوى رفيع من الإعلان.

–  تفتقر تلك المجلات إلى هيئات تحرير مهنية ومتخصصة، ولا تقوم على منهجية أدبية أو ثقافية.

–  يكون من المحرج الإشارة إلى مصدر مقال أو موضوع جرى نشره في تلك المجلات، أو إدراج المساهمات فيها في السير الذاتية لأصحابها.

–  لا تقوم تلك المجلات بدفع مكافآت للناشرين فيها من موضوعات ومقالات.

–  توزع تلك المجلات مجاناً على  أبواب المساجد وترمى في المطاعم والمحلات.

–  لا تعتمد المؤسسات الرسمية ما يجيء فيها موضوعات وآراء ومقترحات.

وأود أن أشارك في الإجابة على مثل هذه الدعاوى من خلال الملاحظات التالية:

–  أنا واحد من الذين شاركوا في إصدار مجلة ثقافية عربية في برلين قبل العديد من السنين، وخضت تجربة: ماذا يعني إصدار مجلة بكل إرهاصاتها وجهدها وصعوباتها وتكاليفها؟.

–  ومن أجل تغطية تكاليف إصدار مجلة من تحرير وتصميم ومصاريف استثمارية (أجهزة حاسوب وتصوير وتسجيل، برامج، أثاث،  وما شابه) وتشغيلية (رواتب، مكافآت، ماء، كهرباء، تأمين، نقل، مواد مكتبية، هاتف وانترنت وتكاليف الطباعة وغيرها) لابد من البحث وتأمين مصادر لتغطية تلك التكاليف ومكافآت المساعدين في التحرير والمكتب والتسويق وغيرها، ناهيك عن ايجار المكان وخدماته.

–  لما كانت المجلات توزع في الغالب مجاناً، ولا تلقى جهات إصدارها دعماً مالياً، يصبح أمر مكافآت داعميها المجزي في الكتابة أو التحقيقات والتغطيات الإعلامية أو التصميم أمراً صعباً وغير واقعي.

من هنا يكون لها الحق المبرر أن تستعين بالإعلان التجاري، والمفيد في دليله لأبناء الجاليات العربية، لتغطية تكاليف عملها، وحتى العيش منه، فهو عمل مشروع مفيد، وهو ليس بغريب في موضوعه عن أرقى المجلات العربية والعالمية.

–  إن هذه المجلات المحلية، رغم ما أشرت اليه من ظروف، تنشر مقالات وموضوعات رفيعة المستوى مضموناً وأسلوباً ترقى إلى مثيلاتها في أوسع المجلات شهرة وتوزيعاً.

–  إنني أجد أن علينا نحن الذين نتمكن من المشاركة في هذه المجلات أن نساهم في رفدها بموضوعات من أجل استمرار عطائها الثقافي. فالجاليات العربية في المانيا لها حق في نتاجات مثقفيها من كتابة وفنون تشكيلية، لاسيما تلك التي تعبر عن حاجاتهم وهم في بلاد الاغتراب والهجرة.

–  تساهم المجلات المحلية في بحث وتغطية قضايا محلية للجاليات العربية، قد تهملها وسائل الإعلام العربية في بلداننا العربية أو لا تستطيع الخوض فيها تفصيلاً وفهماً.

–  قد ينتقد البعض قصور المجلات المحلية العربية، أو انتقائيتها، في تغطية نشاطات وفعاليات الجاليات العربية، لأسباب موضوعية تتعلق بإمكاناتها وأولويات اهتماماتها، أو لأسباب شخصية.

في الختام أوجه تحية للقائمين على مجلاتنا العربية المحلية وهي تساهم بنشر الثقافة العربية وتقف من خلال تحقيقاتها وموضوعاتها على حاجاتنا الحياتية الثقافية، رغم إمكانات دعمها وعدم تبنيها والذي ربما رفضته حفاظاً على استقلاليتها.

كما أدعونا جميعاً لدعمها، وأن نشعل شموعاً بدلاً من أن نلعن الظلام.

.