احتفاليّة الجالية السودانية  باليوم العالمي للمرأة في برلين

موسى الزعيم /

أقامت  مجموعة المرأة السودانية في برلين “جمعيّة سودانيّة”  احتفالها السنوي بمناسبة يوم المرأة العالمي  11 مارس 2023بعد توقف استمر ثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا حيث يعتبر احتفال هذا العام مميزاً  من حيث عدد الحضور والأنشطة وحضور السيدة سفيرة السودان وعدد من الدبلوماسيين و الكتاب والصحفيين والإعلاميين من العرب والألمان.

 قدّمت الحفل السيدة جميلة شكري،بمشاركة الطفلة دلال المبارك حيث ابتدأ الاحتفال بتلاوة عطرة للقرآن الكريم بصوت الطفل زياد معتصم أبو القاسم. بعد ذلك ألقت السيدة  زينب البشير كلمةمجموعة المرأة السودانية في برلين.

ثم  ألقت السيدةإلهام إبراهيم محمد أحمد سفيرة جمهورية السودان لدى ألمانيا،  كلمة بهذه المناسبة حيّت فيها المرأة في جميع أنحاء العالم وأثنت على المرأة السودانية خلال مسيرتها العامرة في شتّى المجالات التنموية.

أوضحت السفيرة أن المرأة السودانية عبر تاريخها الطويل لعبت دوراً تاريخياً ونضالياً في الحياة السياسية والاجتماعية منذ ممالك ما قبل التاريخمروراً بمشاركتها في الحركات المناهضة للاستعمار، والحركة السياسية بعد الاستقلال، وصولاً إلى دورها الفاعل في ثورة ديسمبر المجيدة”.

وأشارت “السفيرة “ أحمد” إلى أنه بعد قيام الثورة نصّت الوثائق في الفترة الانتقالية على دعم مسيرة المرأة من خلال المساواة في الحقوق  ومحاربة التمييز ضدهابكافة أشكاله، مؤكدة أنه لا تزال هناك العديد من التحديات أمام المرأة السودانية لتكفل حقوقها .

من جهة ثانية أكدت السفيرة على أن  كلّ سوداني في ألمانيا سفير للوطن من خلال سلوكه، لافتة إلى أن “السودانيين في ألمانيا من أقلّ الجاليات نسبة من حيث ارتكاب المخالفات،مما يعطي صورة طيبة عن السودان لدى الشعب الألماني.”

ودعت السفيرة إلى ترجمة اسهامات السودانيين في المجالات المتخلفة إلى واقع ملموس في الحياة السياسية والاقتصادية والمدنية في ألمانيا، من خلال لعب دور فاعل في مجتمعاتهم الصغيرة وتطوير هذا الدور الفاعل ومن خلال  توّحد جميع السودانيين في الجاليات الأوربية المختلفة تحت راية الوطن السودان الواحد.

وعن دور المرأة في النضال الحديث ذكرت السفيرة “أحمد” أن “المرأة السودانية تناضل منذ الحضارة النوبية  وأن الملكات حكمن السودان وأجزاء كبيرة من المنطقة، مؤكدة أنّ “المرأة السودانية تطورت وولجت كلّ مجالات الخدمة والتعليم، والآننتحدث عن المرأة السودانية التي أصبحت خبيرة و فاعلاً أساسياً فيتشكيل المجتمع السوداني والحياة السياسية والاقتصادية  داخل السودان وخارجه”.

وفي الوقت الحالي تساهم المرأة السودانية وخاصةالشاباتبشكلّ فعّال في تشكيل مستقبل السودان السياسي، ونحن سعداء أن البلاد تشهد حراكاً سياسياًكبيراًللمرأةومشاركة فعّالة فيه، لتشكيل حكومة مدنية تقود بدورها للانتخابات القادمة ”

نساء على دروب النجاح

 تحدثت الدكتورة اليمنية  “شذى عبد الرحمن بلجون”أخصائية الجراحة التجميلية عن تجربتها: وهي من مواليد مدينة عدن، نشأت في أسرة كان لها دورها في الشأن الثقافي العلم لابٍ إعلامي وأم أستاذة جامعية.

 تابعت بلجون حديثها: حظيت بطفولة هانئة  في أسرة يملؤها الحب، إلى أن حدثت المأساة التي غيرت حياتنا بالكامل، ففي الثالث عشر من يناير العام ١٩٨٦ اعتقِل والدي إبّان الانقلاب العسكري  وتم إخفاؤه قسريّاً” بعدها تعرضت الأسرة للمضايقات،فلجأت إلى دمشق أولاً  ثم  ألمانيا الشرقية، بدأت الأسرة تتعامل مع مجتمع جديدٍ من خلاله كان عليها أن تحقق ذاتها.

  “فالحياة لم تكن سهلة في البداية.. أمُ مفجوعة بزوجها بعهدتها 4 أطفال : هي وشقيقتها التوءم الدكتورة”ندى” اخصائية الجراحة التجميلية أيضاً  وشقيقيها “بلجون” و”وضاح”.

ولفتت  “بلجون” أن دراستها لجراحة التجميل هيانعكاسللرغبة الجمالية في الحياةـ وذلك لم يكن الأمر سهلا عليها.

 تقول ” توجّب علي أن أعمل أنا وشقيقتي “ندى” لتغطية نفقات الدراسة، في مهنِ شتّى، قبل التخرج وبعده

وشددت “بلجون” على رغبتها وإصرارها على تغيير النظرة النمطية للمرأة الشرقية، فواصلت الليل بالنهار بالعمل الدؤوب ، لتحقيق النجاح المهني المتميز الذي يليق بالمرأة العربية، الذي يعود الفضل فيه لأسرتها وللمجتمع الألماني،وعاهدت نفسها مع شقيقتها على أن تكونا صورة مشرّفة للمرأة العربية واليمنية في المهجر.

واختتمت حديثها بأن تمنّت أن تجد الحاضرات في قصتها ما يشدّ أزرهن ويقوّي عزيمتهن على المضيّ قدماً في طريق النجاح”.

أما الدكتورة السورية “نجاة عبد الصمد” اختصاصية الأمراض النسائية، وهي كاتبة ومترجمة، ولها ستّ روايات: “بلاد المنافي” غورنيكات سورية”، “في حنان الحرب”، “لا ماء يرويها”، “منازل الأوطان”، “خيط البندول”. فازت روايتها لا ماء يرويها بجائزة كتارا للرواية العربية عام 2018، ولها كتابان مترجمان عن الروسية.

استهلّت الدكتورة عبد الصمد كلمتها بتحية إلى الأميرة السودانية “مَندي”  الأميرة “مندي” ابنة السلطان عجبنا بن أروجا، سلطان “النيمانج”، الأرض السودانية التي تمردت عام 1917 على المستعمر البريطاني بقيادة السلطان عجبنا ومن خلفه جنوده. حاصرهم المستعمر ومنع عنهم الماء حتى تردّى حالهم وكادوا يستسلمون. حينها ضربت الأميرة مندي (البُخسة) في الأرض، على عادة النيمانج، دليلاً على عزمها على إرسال التعزيزات إلى والدها. ربطت طفلها إلى ظهرها وحملت بندقيتها وانطلقت من غير أن تصغي إلى من حاولوا ردعها. ألهب وصولها الحماس بين صفوف المقاتلين، وقاتلت معهم بشجاعة نادرة، ولم تتراجع حتى بعد أن قتل البريطانيون طفلها على ظهرها، تابعت تشجّع المقاتلين وتضمد جراحهم وتطبخ لهم.. ولم يغيّر استبسالها نهاية المعركة الحزينة بخسارة الثوار وأسر والدها السلطان عجبنا، ثم إعدامه شنقاً، إنما خلّدتها أغاني قبيلتها، ولا تزال موسيقا مارش عسكريّ تُعزف على شرف بطولتها..

بعدها تحدثت عبد الصمد عن تجربتها في الهجرة المتأخرة إلى ألمانيا. وقد سبق لها أن درست الطبّ في أوكرانيا، وعادت بعد تخرجها لتكمل اختصاصها في الطب النسائي في سوريا، وتشتغل طبيبة في بلدها لمدة خمسة وعشرين عاماً، قبل أن تبدأ الحرب وتجبرها على القدوم إلى ألمانيا في نهاية عام 2017، وتدرس اللغة وتجتاز امتحانات تعديل شهادات الطب للعمل مجددا كطبيبة نسائية في ألمانيا. أضافت عبد الصمد أن كلتا التجربتين لم تكونا سهلتين، إنما بالاجتهاد والإصرار يمكن تخطي كل صعب، ومفتاح الدخول إلى حياة كل مجتمع جديد هو تعلم لغته. حينها لن يعود البلد الجديد منفى بقدر ما يصبح فرصةً لبدء حياة جديدة فيه.

 أما الدكتورة السودانية سهام عبدالله رحمة الله تحدثت عن تجربتها  قائلة :

‎أحييكم  وأحيي نساء العالم  و أخص حواء السودانية  أحيي رائدات بلادي، الملكة أماني ريناس ملكة مملكة كوش، بالشاعرة الثائرة مهيرة بت عبود ..وملكة الدار عبدالله أول روائية سودانية وفاطمة أحمد إبراهيم أول عضوة في جهاز تشريعي ود. سعاد الفاتح البدوي مؤسسة أول كلية تربية للبنات ود. خالدة زاهر أول طبيبة سودانية وحواء الطقطاقة المغنية الشعبية، ود. فاطمة عبدالمحمود أول  سودانية تترشح لرئاسة الجمهورية والبروفيسورة فدوى عبد الرحمن علي طه أول امرأة مدير لجامعة الخرطوم ..

وعن رحلتها الأكاديمية تقول: “درست في  جامعة الخرطوم و بعدها في ألمانيا في العام 2006 كطالبة دكتوراه في جامعة همبولدت ببرلين في مجال تربية الحيوان والوراثة الجزئية، و ساهمت في العديد من المشاريع المشتركة بين الجامعتين

 لي أكثر من 25 بحثاً في مجلات علمية متخصصة وأكثر من 35 بحث في مؤتمرات اقليمية وعالمية.

نلتُ العديد من الجوائز والمنح خلال مسيرتي العلمية والأكاديمية. وكان لي العديد من المشاركات العالمية  للتعريف بدور المرأة الافريقية عامة والسودانية خاصّة وتميزها في مجال البحث العلمي والأكاديمي.تم تعييني استاذ وباحث في جامعة هومبولدت ببرلين منذ العام 2018.

 كما شارك البروفسور الألماني Prof. Dr. Hans Schweisfurth  المحاضر بجامعة Duisburg بمحاضرة قصيرة عن وضع الرعاية الصحية للنساء في ألمانيا.

كما قدم الأطفال عرضاً شيقاً للزيّ القوميّ السوداني حسب مناطق السودان المختلفة وكذلك قدمت الفتيات عرضاً جميلاً للثوب السوداني الذي تتميز بهالمرأة السودانية.

كما تخلل الاحتفال فقرات شعريّة قدمتها السيدة عفاف عدنان من السودان والسيدة أشجان شعراني من سوريا.

بعد ذلك قامت الدكتورة آمنة الشفيع رئيسة جمعية المرأة السودانية في برلين بتكريم الأطفال اللذين شاركوا في الاحتفالات السابقة والذين كانوا أطفالاً والآن هم في مرحلة الشباب، حيث قدمت لهم شهادات تقديرية.

 أيضاً تمّ تقديم بعض الهدايا للأطفال المشاركين في احتفال هذا العام.

كما اشتمل الاحتفال علي ركنٍ مصغّر لمعرض  التراث الشعبي السوداني وركن للقهوة السودانية إلى جانب و المأكولات والمشروبات الشعبية ..وقد أشرفت على تجهيز المعرض السيدة نادية نور.

يذكر أن مجموعة النساء السودانيات عملت بجهد وتفان من أجل إنجاح الفعالية ومن هنا يجب شكرهن على هذا المجهود وهن السيدات: د. آمنة الشفيع، اجلال نور،أميرة كجوك، ايمان خلف الله ،جهاد حبيب، زهرة وادي حبيس،سلمى الطاهر، عفاف عدنان، د. عواطف العقيد، ماجدة عبد الستار ، نادية نور، نسرين أحمد، زينب البشير،Katrina Kajouk,  Melanie Köhler وكذلك المهندسة  فاتن يوسف والتي كان لها دور كبير في إدارة ال Technik   خلف الكواليس طول فترة الاحتفال.

كما شاركت السيدة Melanie Kajouk  في ترجمة كلمة مجموعة المرأة للغة الألمانية مع مقدمتها السيدة زينب البشير

يُذكر أن مجموعة المرأة السودانية في برلين ”  هي مجموعة نسوية طوعية غير حكومية وغير ربحية تكونت من قرابة 13 امرأة من النساء السودانيات في برلين في العام 2015.

يرأس مجلس إدارتها الدكتورة آمنة الشفيع  وأعضاء اللجنة التنفيذية ” المهندسة فاتن يوسف نائب الرئيس وعضوية كلّ من السيدات” عفاف عدنان،أميرة كجوك، زهرة وادي حبيس” وهي جمعية مستقلة لا تتبع أي تيار سياسي أو حزبي ولا تتبنى أي طابع عرقي أو إثني، وتهدف إلى خلق برامج اجتماعية وثقافية تُعنى بالمرأة والطفل في برلين ولتوسيع قاعدة مشاركة المرأة  السودانية في العمل الاجتماعي الثقافي الطوعي، فضلاً عن تعميق مفهوم الهوية لدى الأطفال وتعريفهم بالثقافة والموروثات السودانية من خلال الأنشطة المختلفة التي تقيمهاكما تهدف  إلى توسيع قاعدة مشاركة المرأة السودانية في العمل الاجتماعي الثقافي و الطوعي.

كما أنها تعدّ الرائدة في ألمانيا بالنسبة للسودانيين وتحديداً في برلين في مجال الاهتمام بالمرأة والطفل. كان أول نشاط ثقافي لها في أبريل 2016م وذلك بالاحتفال بيوم المرأة العالمي تلاه الاحتفال بنفس المناسبة في مارس من الأعوام 2017م، 2018م ، 2019م والآن في مارس 2023م.

سجّلت المجموعة كمنظمة رسميّة لدى السلطات الألمانية، لكي يتمّ توسيع قاعدة أنشطتها لخدمة المرأة والطفل، ومن خلال ذلك يمكن للمجموعةالحصول على الدعم من المنظمات الحكومية وغير الحكومية في ألمانيا، لدعم برامجها في ألمانيا وربما تمتد إلى السودان.

تم تمويل جميع الفعاليات التي أقيمت من المساهمات الفردية والعون الذاتي لعضوات المجموعة بالإضافة إلى التبرعات من بعض السودانيين في برلين.

أختتم الاحتفال بفقرة موسيقى سودانية للفنان عزو المبارك والعازف الزين المبارك، في جوّ من الألفة والسعادة الأسرية.

.