قانون الانتخاب الجديد في لبنان والطائفية

 

صبري هلال

 

عشية الذكرى الثالثة والأربعين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (13 أبريل/ نيسان 1975– 1991) يسترجع اللبنانيون صور التقسيم الطائفي، الذي كان سائداً في تلك الحقبة من خلال مقارنتهم بينه وبين التقسيم الذي يفرضه القانون الانتخابي الجديد.

كثير من اللبنانيين يرون أن القانون المتعلّق بالانتخابات البرلمانية، والذي سيطبق للمرة الأولى في السادس من مايو/ أيار المقبل، يعزز التقسيم المذهبي، في وقت يأمل فيه اللبنانيون في التخلّص من النظام الطائفي، والتوجه نحو نظام مدني حضاري.

ويتوزع مجلس النواب (البرلمان- 128 مقعدا) مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ويرأسه شيعي، وفق عرف معتمد منذ الاستقلال عام 1943.

وضمن المسيحيين يوجد 34 مقعدا للموارنة، و14 للروم الأرثوذكس، وثمانية للروم الكاثوليك، وستة للأرمن، ومقعد إنجيلي وآخر مخصص للأقليات المسيحية.

كما تعطي التقسيمات المتعارف عليها 27 مقعدا للسنة، و27 للشيعة، وثمانية للدروز، ومقعدين للعلويين.

 

تشوهات

يعد وزير الداخلية السابق مروان شربل عراب القانون النسبي في لبنان حيث اقترح تطبيقه، عام 2012، لكن الحكومة لم تأخذه على محمل الجدّ حينذاك، ثم تم نسخه لاحقا مع إضافة تعديلات طفيفة.

واعتبر شربل أن تلك التعديلات “سلبية، وفيها تشوهات، فأضحى لا يشبه قانون انتخاب”.

وضرب مثلا “التقسيم المناطقي الطائفي” في القانون الجديد بقوله إن “العاصمة بيروت تم تقسيمها إلى دائرتين، الأولى مسيحية دون أي مرشح مسلم، والثانية فيها مرشح واحد مسيحي (للضرورة فقط لوجود أكثر من خمسة ألف ناخب مسيحي) مقابل سبعة مرشحين مسلمين”.

ورأى أن “الإيجابية الوحيدة للقانون هو الانتقال من قانون أكثري إلى قانون نسبي، ولكن بصوت تفضيلي واحد أي أن يختار الناخب من القائمة الانتخابية مرشحا يفضله على الآخرين”.

في النظام الأكثري تحصل اللائحة الفائزة بأغلبية الأصوات في دائرة ما على كل مقاعد هذه الدائرة، بينما في النظام النسبي يتم توزيع مقاعد الدائرة وفق نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل لائحة.

وكان مشروع القانون الذي اقترحه مروان شربل يتضمن إعطاء صوتين تفضيليين، لمنح الناخب حرية أكبر في التعبير والاختيار.

 

الصوت التفضيلي

على مستوى الصوت التفضيلي، يتيح القانون الجديد للناخب منح صوته التفضيلي على أساس مذهبي، بحسب علي سليم، منسق قسم الأبحاث في “الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات” (غير حكومية).

 

وقال سليم إن “الناخب السني أو الشيعي أو الدرزي مثلا سيختار من اللائحة التي أمامه اسماً تفضيلياً واحداً غالبا ما يكون من طائفته، فيما لو يوجد أكثر من صوت تفضيلي يستطيع الناخب تشكيل (تنويع) الاختيار”.

ويبلغ عدد الدوائر الانتخابية في القانون الجديد 15 دائرة، موزعة على ست محافاظات بعدما كانت 25 دائرة، وفي المشروع الذي طرحه شربل كانت توجد 15 دائرة، لكن بشرط توزيع مقاعد مجلس النواب بشكل عادل.

“لكن الوضع القائم اليوم خلاف ذلك، فمثلاً دائرتي صيدا – جزين (بمحافظة جنوب لبنان) لهما خمسة مقاعد، بالمقابل دائرتي شوف-عاليه (محافظة جبل لبنان) لهما 13 مقعدا، وهنا الفرق الشاسع في التوزيع العادل”، بحسب شربل.

 

اللائحة الناقصة

اعتبر الوزير اللبناني السابق أن “أبرز نقطة ضعف في القانون الجديد هو السماح بإطلاق لائحة (قائمة) ناقصة، أي اللوائح المسجلة ليست متساوية العدد (المرشحين)، فإذا كانت اللائحة ناقصة مقعد، فإن هذا المقعد يذهب تلقائيا إلى اللائحة المنافسة، ويفوز به المرشح على اللائحة الثانية، أي كأننا تعيينه بالتزكية”.

وبالنسبة إلى ما يُقال في الإعلام اللبناني عن أن القانون الانتخابي الجديد يعزز الطائفية رأى شربل أنه “لا قانون في لبنان إلا ويعزز الطائفية أو النظام الطائفي، كون الدستور اللبناني أساساً طائفي”.

وتوقع الوزير السابق أن “يتم تعديل هذا القانون في الدورة المقبلة، أي عام 2022، كونه في صيغته الحالية يعتبر فاشلاً، وتم إقراره على عجل، كي لا يتم تمديد صلاحية مجلس النواب لمرة ثالثة”.

 

ابن الطائفة

قال سليم إن “القانون النسبي الجديد يعزز الخطاب الطائفي للقوى السياسية، ويحد من التنوع في الدوائر الانتخابية، عبر تقسيم الدوائر والمقاعد مذهبياً”.

 

وانتقد التقسيم المذهبي الواضح تماماً في بيروت، وهو أمر ينسحب على محافظات لبنان الست وأقضيتها، فمثلا الدائرة الثالثة بمحافظة شمال لبنان تضم أربعة أقضية (زغرتا، البترون، الكورة، بشري) وجميع المرشحين فيها مسيحيين والناخبين أغلبهم مسيحيين، مع العلم أنه يوجد ناخبين مسلمين، لكن لا نائب لهم.

ومن حيث خبرته في مجال الانتخابات انتقد سليم أيضا فكرة الصوت التفضيلي المحصور في القضاء أو الدائرة، التي ينتمي إليها الناخب، حيث يفتح المجال أمام اختيار ابن الطائفة، دون النظر إلى مشروعه ولا دوره في المنطقة.

وحذرسليم من أن “الصوت التفضيلي سيعزز الطائفية في العملية الانتخابية، حيث تكون المواجهة بين المرشحين على أساس أكثري، وستتحول في بعض الأماكن إلى صراع طائفي”.