عن الانتخابات الألمانية: الحقوق لا تمنح .. إنما تنزع انتزاعاً

الدليل ـ برلين

 

في هذا الوقت ومع بدء الحملة الانتخابية لمرشحي الأحزاب المختلفة بدأ الحراك السياسي ـ مرة أخرى ـ  يدب في أوصال الجالية العربية، التي أصبحت ـ بإرادتها أو بدونها ـ طرفاً في اللعبة السياسية والحزبية في ألمانيا .

فها هو الحزب الاشتراكي الديمقراطي  SPD فتح أبوابه لأفراد من الجالية لتكوين فرع للحزب تحت اسم “الاشتراكيون الديمقراطيون العرب”، ومجموعة تحت اسم الألمان العرب، تسعى لتعريف الجالية العربية بمبادئ الحزب ، ولكسب أصوات العرب حاملي الجنسية ، وهم كثير كثر .

وها هو الحزب المسيحي الديمقراطي CDU  يسعى إلى الجالية بكبار أعضائه ليتعرف عليها وعلى ثقلها الاقتصادي والانتخابي، ولديه أيضا مجموعته من أبناء الجالية المناصرين له ، وفكرة التعارف هذه ما جاءت إلا عن طريق الأعضاء العرب في الحزب.

وها هم اليساريون يداعبون الجالية، مرة بمحاولة ترشيح عضو عربي ومرة بوعود انتخابية، ولدينا الكثير من أبناء الجالية ممن يؤمنون بالمبادئ اليسارية داخل أروقة الحزب.

أما حزب الخضر، فحدث ولا حرج، فهو يجمع بين طياته كل أطياف المجتمع ، ورئيسه تركي مسلم ، فلا عجب أن نرى بين أعضائه الكثير من العرب ، وقد بدأت محاولاته مع العرب منذ فترة طويلة.

وهذا هو حزب “البديل من أجل ألمانيا” AfD  المعادي للإسلام واللاجئين ينعتنا بكل الصفات البذيئة يستعد لخوض هذه المعركة الانتخابية.

هذه الانتخابات تضع الجالية في قلب الأحداث السياسية كما تضعها أيضاً تحت الاختبار ، فبما أننا دخلنا اللعبة السياسة ـ عن عمد أو دون عمد ـ  أصبحت الكرة في ملعبنا ..

وجب علينا الآن التفكير جيداً في الفرصة السانحة لتحقيق هدف الاعتراف السياسي بالجالية، حيث أنه لدينا في برلين أكثر من أربعين ألفاً من الناخبين من أصل عربي، وعلى مستوى ألمانيا أكثر من 500 ألفا، فالقوة الانتخابية للعرب تجعل منهم مزاراً لكل التيارات السياسية.

 

نحن هنا

“كجالية” نحيا حتى الآن على هامش المجتمع الذي نعيش فيه، فليس لنا أثر أو تأثير. لا نطالب بحقوقنا ولا ندعم قضايانا. الألم  قد ملأ القلوب يوم أن تخلت الروابط والجمعيات العربية عن دورها الطليعي وأصبحت المناصب والمراكز والكراسي قبل المبادئ .. نحن حتى الآن لا نحاول أن نشق طريقـاً وننطلق نحو الأمام، نبقى في أمكنتنا مراوحين نندب حظنا العاثر ونشق الجيوب ونلطم الخدود، ثم نلتفت إلى الجهة الأخرى لنمارس حياتنا نفسها فلا نفعل شيئا ولا يهمنا أن نفعل شيئا..

الجمعيات والروابط والمراكز العربية الحالية لا تعبر إلا عن آراء أعضائها، كل هموم أصحاب هذه الجمعيات هو من يكون الرئيس حتى يصيح في مكبرات الصوت أنه الرئيس ، أسماء الجمعيات تتكاثر حتى أنه أصبح من الصعب على المواطن أن يفرق بين هذه وتلك . مثلا  ما الفرق بين ” الجالية المصرية” وبين ” اتحاد الجالية المصرية” ، أو بين ” جمعية الصداقة الألمانية العربية” وبين ” اتحاد الصداقة الألمانية العربية” ، أو بين ” رابطة المثقفين العرب” وبين ” اتحاد المثقفين العرب” ، كذلك بين ” اتحاد الصحفيين العرب” وبين ” رابطة الإعلاميين العرب” ..

المهم هو أن تكون هناك جمعية ورئيس وكرسي ، وليس مهما ماذا تقدم هذه ” الدكاكين” وأصحابها، يكفي أن تعلن هذه الجمعية أو تلك الرابطة عن محاضرة تسمى ثقافية يحضرها على الأكثر 20 فردا ويحاضر فيها أي واحد منهم. هكذا تسير الأمور على الأقل في برلين.

 

علموا أولادكم العلوم والسباحة .. والذهاب لصناديق الاقتراع

من هنا نرى أن الطريق الأمثل لحمل الهموم العربية إلى صانع القرار هو الانخراط في الأحزاب السياسية والانضمام لها. لندفع أولادنا للانضمام إلى الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية حتى يكون صوتنا حاضرا ومسموعا ، ولنعرف أن الحقوق لا تمنح .. إنما تنزع انتزاعاً.

نحن نرى أنه قد آن الأوان كي يكون لدينا كجالية نواب في كل البرلمانات المحلية والاتحادية، وعلى من لديهم حق التصويت وضع ذلك الهدف نصب الأعين، حتى لو اختلفنا مع المرشحين العرب في التوجه السياسي.

فلنذهب جميعاً إلى صناديق الاقتراع، ولنعرف أن الصوت العربي  سوف يؤثر في نتيجة الانتخابات.

لسان حال الجالية يقول: إننا أناس مسالمون  ننبذ الإرهاب ولكننا ندعم المقاومة المشروعة الأخلاقية المبررة ضد الغزاة وضد الطغيان الأعمى في فلسطين .. كما أننا نرفض كل أشكال التمييز والعنصرية ضد المهاجرين عامة ونرفض كل أنواع التهكم على الأديان جميعها.

فلنذهب نحن إلى المساجد والكنائس .. ونعلم أطفالنا تعاليم الأديان السماوية ولنعلمهم لغتنا العربية .. ونعلمهم كيف يندمجون في المجتمع الألماني لنربي جيلاً يتفاعل في مجتمعه ويحمل معه همومنا وقضايانا.

يجب أن يكون هناك توجها عاما في الجالية يرفض العزلة ويشجع على المشاركة في شتى جوانب الحياة العامة في الوطن الجديد أو البديل إن شئت الدقة، وعلى ضرورة المشاركة في الانتخابات والانتماء إلى الأحزاب المختلفة، بما يعود بالنفع علي التواجد العربي في ألمانيا، لمراعاة حقوقه عند اتخاذ القرار السياسى.

إذا يجب علينا أن نقوم بتوظيف طاقاتنا من خلال قنوات العمل الشرعية حتى نتمكن من تحقيق الاندماج فى المجتمع ومن تدعيم علاقاتنا بأفراده .

 

نحن نعتقد أننا سوف نخسر الفرصة التي أتيحت لنا من اجل التعبير عن أنفسنا ـ وأننا سوف نبقى على هامش ذلك المجتمع الذي نحمل جنسيته ونستفيد من وجودنا فيه والذي يمثل المستقبل لأبنائنا، فكم من أبناء لنا ولدوا فيه ـ إذ لم نشارك وبكثافة في هذا العرس الديمقراطي.

اترك تعليقاً