عندما تصبح التكنولوجيا خطر على وظائفنا

يقول الخبراء و الباحثون “نعم”، ستستولى الروبوتات وأجهزة الذكاء الصناعى على معظم وظائفنا. الروبوتات قادمة لعملك، حتى لو كنت تعتقد انك آمن، لكن سيكون هذا بعد سنوات طويلة من الآن ولكن يقولون أيضا: ان هناك الكثير من الوظائف التى ستظل حكرا على الانسان  ولا يمكن أن تتم إلا من قبل البشر.

فالبشر تملك مزايا فريدة مثل “مهارات التعامل مع الآخرين ” او ما يعرف بــ “المهارات الشخصية”، وهى مهارات ليست بهذه البساطة، حيث تواجه الروبوتات عقبة “مهارات التعامل مع الآخرين”، ففي مؤتمر “جاكسون هول Jackson Hole “العام الماضي للاقتصاديين ومحافظي البنوك المركزية، تحدث “ديفيد أوتور” الخبير و أستاذ اقتصاد التكنولوجيا بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، حول آثار التكنولوجيا على سوق العمل، حيث فاجأ الحاضرين بقائمة من عدة وظائف ربما لن تكون قادرة على الصمود على مدى العقود القليلة القادمة و سيتتم الاستعاضة عنها بسهولة، على الرغم من كونها وظائف ترتبط بالمهارات الشخصية او تتشابك مع المهام الروتينية جدا التي تتطلب مهارات الإنسان الشخصية والاتصال الشخصى.

وهذا يتفق مع الورقة البحثية التى كتبها “كارل فراي ” و”مايكل أوزبورن” عام 2013 حول” التشغيل الآلي ومستقبل القوى العاملة ” .. و فيها حددا الوظائف التي يعتبر من المرجح أن تصبح آلية مستقبلا على أساس مقدار و حجم ما تشمله تلك الوظائف الصعبة من خصائص مثل الإدراك والمهارات الحركية الدقيقة، والإبداع، والكفاءة الاجتماعية.

وعلى مستوى أدق، ستكون الوظائف التى تنطوي على قدر لا بأس به من المهارة المعرفية إلى جانب التفاعل البشري  هى الاقل ترجيحا لاستيلاء الذكاء الصناعى عليها، مثل : التأهيل المهني (OT) هى وظائف تخص التقييم والعلاج للتطوير، والاستعادة، أو الحفاظ على العيش ومهارات العمل اليومية للأشخاص الذين يعانون من اضطراب البدني والعقلي، أو المعرفي. وكذلك وظائف الجراحين ومصممي الرقص والمعلمين ما قبل المدرسة، ورجال الدين من بين المهن التي وجد كلا من “فراي وأوزبورن” ان فرصة استبدالها بالتشغيل الالى ستكون اقل من 1% .

فى الوقت ذاته وجد الباحثان ان هناك عامل يسرع من عملية استبدال الذكاء الصناعى بالبشر فى العديد من الوظائف، و على رأس هذه العوامل ان الكثير من البشر يفشل في الاستفادة من ميزاته البشرية و الشخصية التى تصنع الفرق بينه و بين  الروبوتات.

وكما يقول ” جوش براون الرئيس التنفيذي لشركة” ريتزولتز Ritholtz “الامريكية لإدارة الثروات : “استبدال العامل البشري، لا يتم لان الروبوت مثاليا ، لكنه فقط  يتسبب فى اخطاء اقل من البشر  “.. و معظمنا قد جرب خط خدمة العملاء الآلى ، و كثيرا ما احبطنا لعدم قدرته على فهم ما نقوله. وعلى الرغم من هذا العيب ، فان  خطوط المساعدة الهاتفية الآلية لا تزال شائعة جدا. وهذا قد يحدث بل و بشكل أسوء من ذلك عندما ننظر في المهارات الشخصية التي يفترض أن تكون فى الشخص الذى يجب ان يشغل مثل هذه الوظيفة ..

وليس ادل على هذا من الدراسة الاستقصائية التى اجرائها  البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك لقادة الاعمال الصناعية والتجارية فى “أبريل” الماضى ، حيث وجد ان أرباب العمل في منطقة نيويورك يواجهون مشكلتين رئيسيتين: العثور على العمال الذين يمكن أن يظهروا في الوقت المناسب ، والعمال الذين يمكنهم اجراء محادثة هادفة تامة.

وأظهر الاستطلاع ان 65 %من أرباب الصناعات التحويلية يجدون صعوبة في العثور على العمال في الوقت المحدد والمناسب ، و 60 % منهم واجه صعوبة في العثور على العمال ذوي المهارات الشخصية.. و بين كبار رجال الأعمال، كان 42 % منهم يجد صعوبة في العثور على العمال في الوقت المحدد ، في حين كان حوالي 48 % منهم يجد صعوبة في العثور على عمال مع مهارات التعامل مع الآخرين.

وهذه الارقام تشير الى انه في حين أن الروبوتات في المستقبل القريب قد لا تكون جيدة في الجمع بين المهارات المعرفية والشخصية حيث يتمتع معظم البشر، إلا أنها قد تكون لا تزال جيدة بما فيه الكفاية لأرباب العمل لاستخدامهم بدلا من البشر ، لأنها ستكون بالتأكيد في العمل في الوقت المحدد و المناسب لأرباب الاعمال.

بعد هذا هل تعتقد أن عملك آمن؟

قد ترغب في التفكير مرة أخرى.. و يقول “ماني سوبراماني ” الاستاذ المشارك بكلية كارلسون للإدارة في جامعة مينيسوتا الامريكية ” ان قائمة الاعمال التى لا يمكن استبدالها بعمل الروبوتات اصبحت صغيرة نوعا ما و تتقلص يوما بعد يوم “.

ويتفق معه “مارتن فورد” مهندس الكمبيوتر بوادي السيليكون- كاليفورنيا ، ومؤلف كتاب “الأنوار في النفق: تسريع التكنولوجيا والاقتصاد في المستقبل” مشيرا الى ان تقدم التكنولوجيا يوما بعد يوم يسرع من آلية المجتمع و إحلال الآلة محل البشر بكثير من الاعمال و الوظائف و خاصة الاعمال الروتينية و ذلك فى محاولة لتوفير العمالة و الميزانيات .

ويقول ” فورد” : في الواقع، لعب زيادة التشغيل الآلي دورا هاما في الأزمة الاقتصادية الحالية، حيث اصبحت الشركات الكبرى أكثر كفاءة وأقل حاجة للعمال، و هو احد العوامل، إلى حد ما، التى ادت الى  ضعف سوق العمل وتسطيح الأجور لخريجي الجامعات الجدد”.

.