رمضان بلا حرب

الدليل ـ برلين /

رغم كل العادات العربية السيئة فى شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام ، إلا أنهم كانوا يمتلكون من الشجاعة والقوة والمروءة ما يجعلهم يحترمون الاشهر الحرم ، فلا قتال ولا حرب فى هذه الاشهر المحرم القتال فيها بين العرب، وقد كانت تلك الاشهر بمثابة فرصة للقبائل العربية لالتقاط الانفاس وإفساح الطريق لمجالس العرب لحل الخلافات بين القبائل.

ثم جاء الاسلام ووحد بين القبائل العربية وصار لا فرق بين عربى وعربى ولا بين عربى وغير عربى إلا بالتقوى ، وأرسى الاسلام قواعد الحق والخير والعدل بين الناس فقضى على أسباب الحروب بين القبائل العربية ، ومع ضعف الرابط الاسلامى بين العرب عادت الجاهلية القبلية تطل بوجهها القبيح من جديد ، ولكنها عادت بالمساوئ فقط دون الحسنات ، فقد كان العرب فى الجاهلية يحترمون الاشهر الحرم، وأقصى ما كان يفعله بعض العرب للتحايل هو تقديم شهر رجب أو تأخيره كى لا يتهمهم أحد بالقتال فى شهر حرام.

أما بعض العرب اليوم فلا شيء عندهم محرم ، كل شيء مباح ، فالحرب طوال العام ، وهو شيء يتنافى مع الفطرة التى فطر الله الناس عليها ، فعدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ، حرم الله فيها القتال بين الناس من أجل مصلحة الناس ، ولكننا نجدهم فى العراق وفى اليمن وفى سوريا وفى ليبيا يتقاتلون حتى فى أيام الاعياد.

ومن هنا وجب علينا ان نطرح مبادرة العودة الى الالتزام بما قرره المولى عز وجل من وقف القتال فى الاشهر الحرم مهما كانت الأسباب، ولنبدأ ـ مرة واحدة ـ رمضاناً بلا حرب فى كل الدول العربية والإسلامية ، ولنجعل شهر رمضان شهر سلام لكل العالم ، تتوقف فيه الحروب بين الافراد والعائلات والقبائل والدول والتحالفات الدولية ، وليكن الحضيض والانحدار الذى وصل اليه البعض فى الصراعات العربية – العربية هو نهاية قاع السقوط بالنسبة لبعض العرب ولبعض المسلمين ، ولنبدأ فى الصعود بقيم السلام والحق والعدل والخير للجميع.

هذه ليست دعوة رومانسية أو مستحيلة ، فقد سبق وأن توحد جميع العرب فى شبه جزيرة العرب يوماً ما على قلب رجل واحد، وتوقفت الحروب والصراعات بينهم يوماً ما ، وليكن ن شهر رمضان المعظم هو ايام هدنة فى شبه الجزيرة العربية، يتوقف فيه القتال فى اليمن وعلى الحدود اليمنية السعودية وندع الصائمين فى كلا البلدين العربيين المسلمين يصومون ويفطرون ويتسحرون فى سلام .

ولندع المساجد تمتلئ بالمصلين فى العشاء والتراويح والفجر وكل الاوقات دون خوف،

لندع المسلمين فى سوريا وفى العراق وفى ليبيا وفى الصومال يعيشون فى أمان وسلام ولو لمدة شهر فى العام كله،

لندع الاطفال يعيشون كأطفال مثل بقية أطفال العالم ولندع النساء يعشن كنساء مثل بقية نساء العالم،

ولا داعى لأن نتعجل قتل بعضنا البعض فكلنا راحلون عن هذه الدنيا آجلاً أو عاجلاً.

.