حب الأطفال أكثر من الشريك يضر صحتهم النفسية والزواج ..

قد تتفاجأ بالعنوان وتراه صادماً، وتتساءل كيف يمكنك أن تحب أو تهتم بشخص آخر – حتى لو كان شريك حياتك- أكثر من أطفالك. ولكن اعلم أولاً أن حب الأطفال أكثر من الشريك قد يعود بالسوء على كل أفراد العائلة.

ففي كتابه «The Meaning of Marriage»، قال الكاتب تيم كيلر، إنك إن أحببت أطفالك أكثر من شريك حياتك فالجميع سيعاني.

وعزَّزت الكاتبة الصحفية الأسترالية بيليندا لوسكومب، المختصة في الكتابة عن العلاقات الأسرية والزواج والأبوة ودور المرأة في المجتمع، هذه الفكرة، في كتاب حديث الصدور «Marriageology: The Art and Science of Staying Together»، الذي استندت فيه على الدراسات العلمية.

وشدَّدت على أنه لا يجب أن يكون الأطفال هم السبب لبقاء الزوجين معاً، وإنما نتيجة لهذا البقاء، كما يجب أن يُظهر الزوجان الاهتمام والحب لبعضهما البعض، كي يكون لديهما ما يتذكرانه حينما يكبران معاً.

وقد أوضح كارل بيلمر، أخصائي الشيخوخة من جامعة كورنيل، أنه أجرى مقابلات مع 700 من الأزواج أثناء التحضير لكتابة أحد كتبه، وكان التساؤل حول ما الذي يجعل الحب يدوم.

تفاجأ بيلمر بأن نسبة كبيرة من المشاركين لديهم ما يسمى طمس منتصف العمر. القليلون فقط تذكَّروا قضاء بعض الوقت مع شريكهم بمفردهم في تلك الفترة، ولكن الآخرين أخذتهم الحياة والأطفال والأنشطة وعلاقات العمل، ولم يكن هناك وقت لشريك الحياة.

إنجاب الأطفال بداية للمشاكل

أشارت لوسكومب في كتابها إلى أن الأطفال مخلوقات رائعة، ولكنهم يجعلون الزواج أكثر تعقيداً، ويتسبَّبون في تشابك وتعقيد العلاقة مع شريك الحياة. ولجأت في هذا إلى تشبيه بسيط بأن مَن يحاول إنجاب أطفال لإنقاذ زواجه، كمن يحرق قاربه كي لا يغرق.

قد تظن هنا أنها متحاملة على الأطفال، ولكن هذا غير حقيقي، فقد وصفتهم بأنهم مصدر الكثير من الفرح، وبأنهم تجربة لا مثيل لها في الحياة. وأوضحت أن الشجار بين الأبوين يزداد عادة بعد إنجاب الأطفال، وذلك بسبب زيادة مسؤوليات الأم، وانتظار نفس المعاملة السابقة من الأب. كذلك، فإن التفاني في حب الأطفال والاهتمام بهم في العادة يكون على حساب الاهتمام بشريك الحياة وحبه، وهذا يؤدي إلى زيادة الفجوة والمسافة بين الزوجين.

كيف تؤثر العلاقة بين الوالدين على الأطفال؟

تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يحب آباؤهم بعضهم بعضاً، يكونون أكثر سعادة وأماناً من الأطفال الذين نشأوا في بيئة خالية من الحب. كما ينشأ أمام أولئك الأطفال نموذج حيٌّ لما يفترض أن تكون عليه العلاقة بين الزوجين، ويعرفون كيف يجب أن يتعامل الناس مع بعضهم البعض.

أظهرت الدراسات اليومية، التي يسجل فيها الآباء أنشطة يومهم كل مساء، أن التوترات الخاطئة التي تحدث بين الزوجين تنعكس في تعامل الوالدين مع أطفالهم، خاصة الآباء. كما وجد باحثون آخرون أن الأطفال الذين يشهدون على عداءات بين والديهم، في بعض الأحيان يلومون أنفسهم على أنهم السبب.

وقد كشفت دراسة استقصائية شملت 40 ألف أسرة في المملكة المتحدة، أن المراهقين كانوا أسعد بشكل عام عندما كانت أمهاتهم سعيدات بعلاقاتهن مع الآباء.

كيف يؤثر الطلاق على الأطفال؟

وجد علماء الاجتماع أن الأطفال الناشئين من زيجة سليمة يكونون أفضل – على معظم الجبهات – من الأطفال في العائلات المطلقة.

ولكن ليس هناك أسوأ حالاً من الأطفال الناشئين في زواج شديد الصراعات، أو ما يمكن تسميته بالزيجات السامة التي لا يمكن استمرارها. وعلى الرغم من أن بعض الحالات يكون فيها الطلاق هو الحل الوحيد، إلا أنه من الأفضل جعله آخر خيار مطروح.

فالأطفال الذين ينفصل آباؤهم يكونون أكثر عرضة لخطر المشكلات السلوكية والنفسية والصحية والأكاديمية، وقد تستمر تلك الآثار على المدى الطويل.

في الختام، ليس المطلوب هو تقليل اهتمام الأهل بالأطفال، ولكن في الوقت ذاته، تذكروا أن هناك من ينتظر الاهتمام والحب أيضاً، وهذا الحب سيظهر تأثيره بشكل إيجابي على الأطفال، فهم أيضاً مستفيدون، وسيؤدي هذا إلى نجاح وسعادة الأسرة ككل.

في بعض الأحيان، يتطلب الأمر قضاء بعض الوقت من دون الأطفال، والخروج بدونهم، ووضع الشريك في موضع اهتمام أكثر بين الحين والآخر.

.