تركيا واضطرابات الشرق الأوسط

عبد الله منصور

 لا يخفى على أحد التدخلات والانتهاكات التركية الصريحة لحكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا، بقيادة رجب أردوغان، سواء من خلال عملية “المخلب” عبر غارات جوية تنتهك سيادة الدولة العراقية، وسرقة بترول البلاد بشكل غير قانوني، كما كشفت الوثائق والمنظمات الدولية أكثر من مرة.

تدخلات تركيا في المنطقة، لم تقتصر على العراق فقط، وإنما بدأت أيضًا مع اندلاع الثورة السورية، متمثلة في دعمها لتنظيمات وجماعات مسلحة بعينها في شمال سوريا، مرورًا بعمليتي “غصن الزيتون” و”درع الفرات” وصولًا إلى عملية “نبع السلام” وإقامة المنطقة الآمنة المزعومة في شمال وشرق سوريا.

الأمر كان مماثلًا بالنسبة لليبيا أيضًا، من خلال دعم تركيا لجماعات وتنظيمات مسلحة في غرب ليبيا، ووصل الأمر إلى تزويدهم بالسلاح والمعدات العسكرية.

انتهاكات تركيا لسيادة الدول العربية والمنطقة، لم يعد أمرًا خفيًا، وإنما قتلت بحثًا وتوثيقًا من قبل مؤسسات ومنظمات دولية ومحلية سواء داخل تركيا أو خارجها، ولكن ما الذي يدفع أردوغان للقيام بكل ذلك؟

في 22 أغسطس/ آب 2009، أدلى رجب طيب أردوغان، عندما كان رئيسًا لوزراء تركيا، بتصريحات صحافية، بعد الانتقادات التي وجهت له ولحكومة حزب العدالة والتنمية، أنه شريك في أحد مشروعات الولايات المتحدة الأمريكية، واتهمته بالعمالة لصالح واشنطن فيما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير.

أردوغان رد قائلًا: “إذا أثبتوا ذلك، أنا مستعد لأي شيء، لكن إذا لم يثبتوا ذلك، هم سفلة وبلا شرف”.

الحقيقة أن أردوغان يبدو أنه تناسى تصريحاته السابقة التي رددها وصال وجال بها في أغلب تصريحاته وخطاباته، والتي برزت في حوار تليفزيوني له بتاريخ 16 فبراير/ شباط 2004، حيث قال: “أنا أنظر إلى مدينة ديار بكر بشكل مختلف، يوجد مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية. ديار بكر قد تكون نجمًا ساطعًا في هذا المشروع، وقد تكون مركزًا رئيسًا فيه”.

تصريح أردوغان لم يكن الوحيد أو الأخير، وإنما قال في 04 مارس/ أذار 2006، خلال اجتماعه مع قيادات حزب العدالة والتنمية: “تركيا لديها مهام في الشرق الأوسط، ما هي هذه المهام؟

نحن أحد رؤساء مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا، ونقوم بتنفيذ هذه المهام”.

اعترافات أردوغان بأنه شريك للولايات المتحدة الأمريكية في مشروع الشرق الأوسط الكبير، لم تقتصر على تصريحات صحافية عابرة، وإنما رددها مرة أخرى خلال اجتماعه مع تكتل نواب حزبه في البرلمان، في 13 يناير/ كانون الثاني 2009، حيث قال: “يدور الحديث في كواليس السياسة التركية، أن رئيس الوزراء (رئيس وزراء تركيا) هو أحد رؤساء مشروع الشرق الأوسط الكبير، ويطالبونه بالانسحاب من المشروع. أريد أن أوضح لهم شيئًا؛ إن أهداف المشروع، وكذلك المهمة الموكلة إلى تركيا ضمن هذه الأهداف واضحة”.

مشروع الشرق الأوسط الكبير لم يكن مجرد تصريحات أو اعترافات على لسان أردوغان فحسب، وإنما وصل به الأمر، للدفاع عن المشروع الذي تسعى الولايات المتحدة لتنفيذه، قائلًا: “مشروع الشرق الأوسط الكبير أُعد من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ومن أجل تحقيق التنمية الاقتصادية؛ بالإضافة إلى تحقيق الحريات وحرية المرأة، وتطوير التعليم في هذه المنطقة، وضمن هذا المشروع كلفت تركيا بمهام، ونحن قبلنا التكليف”.

وفي الأيام القليلة الماضية، طُرِح ملف غاز شرق المتوسط على الطاولة مجددًا وسط تخوفات أمريكية وتحذيرات قبرصية ومصرية بخصوص عمليات التنقيب التي أعلنت تركيا عن إجرائها. ومنذ تلك الساعة بدأت الدول المتنافسة بتراشق الاتهامات والتصريحات اللاذعة، ولاسيما من قبل الخارجية الأمريكية التي وصفت هذه الخطوة بـ”الاستفزازية” ودعت لضرورة وقفها، إلا أن أنقرة لم تتراجع واستمرت في أنشطة التنقيب.

ويزعم أردوغان أن «تركيا هى الدولة الوحيدة القادرة على ريادة العالم الإسلامى».. وحاول من هذا الباب الهيمنة على الشارع العربى لخدمة تسلطه، وعاد الحديث عن «عثمانية جديدة»، غير أن نهج التسلط ونتائج الانتخابات وصعوبة تسليم أردوغان بالهزيمة فضحت زيف النموذج التركى!!

لكن المطامع التركية لم تتوقف، وبالغة الخطورة على المنطقة وعلى بقاء سوريا موحدة.

.