تركيا ـ عفرين ـ سوريا … مَنْ .. أين .. إلى متى ؟؟

 

 

احمد الجمال

 

بعد نحو شهرين من حملة عسكرية واسعة سيطرت القوات التركية على مدينة عفرين ليخسر الأكراد إحدى أقاليم إدارتهم الذاتية الثلاثة.

وأقدم مقاتلون سوريون موالون لأنقرة على نهب عدد كبير من المحال التجارية في عفرين بعد سيطرتهم مع القوات التركية على المدينة الواقعة في شمال سوريا.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مقاتلين موالين لأنقرة عمدوا إلى “نهب ممتلكات مواطنين ومحتويات مقار سياسية وعسكرية وآليات وسيارات ومحال تجارية في المدينة”.

وأضاف “جرى نهب الآليات والمنازل والأدوات الزراعية”، مشيرا إلى أن الأمر تكرر في القرى والبلدات التي وشوهد مقاتلون من الفصائل السورية الموالية لأنقرة يُخرجون من المحال والمطاعم والمنازل مواد غذائية وأجهزة الكترونية وبطانيات وسلعا أخرى، قبل نقلها في سيارات وشاحنات صغيرة إلى خارج المدينة. كما استولى البعض على دراجات نارية وسيارات وجرارات زراعية.

 

 

ما هي تأثيرات هذا الأمر على منطقة “روج آفا” الكردية، وعلى دمشق التي تؤكد سعيها لاستعادة أراضي البلاد كلها، وعلى تركيا التي همها الأول إبعاد الأكراد من حدودها.

يرى الخبير في الشؤون الكردية موتلو أوغلو أن “خسارة عفرين تشكل ضربة كبيرة لمشروع الحكم الذاتي الكردي، وقد أحبطت المواطنين كما وحدات حماية الشعب الكردية”.

وطالما شكل الحكم الذاتي حلماً بالنسبة للأكراد الذين يشكلون 15 في المئة من إجمالي السكان في سوريا، وعانوا على مدى عقود من تهميش الحكومات المتعاقبة.

 

في العام 2012، ومع اتساع النزاع في سوريا، أعلن الأكراد الإدارة الذاتية ثم لاحقاً النظام الفدرالي في ثلاثة أقاليم في شمال وشمال شرق سوريا أطلقوا عليها تسمية “روج آفا” أي غرب كردستان، بينها إقليم عفرين.

وبعد خسارة عفرين، لم يعد لدى الأكراد سوى إقليمين، الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرق) والفرات (شمال وسط، يضم أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة).

وطوال السنوات الماضية، أثبتت وحدات حماية الشعب الكردية فاعلية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها المرة الأولى التي تتعرض فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل مع قصف جوي.

وأوضح المحلل في المعهد الأطلسي أرون شتاين أن خسارة عفرين غيرت “صورة الأكراد أمام العالم بأسره بعدما كانوا يعتبرون مقاتلين ممتازين”.

وأسفر الهجوم الأخير على عفرين عن مقتل 1500 مقاتل كردي غالبيتهم في الغارات والقصف التركي.

 

وبعد سقوط عفرين، أكد الأكراد عزمهم على “ضرب” القوات التركية حتى استعادة كامل “إقليم” عفرين في مرحلة جديدة من القتال تتمثل باستراتيجية الكر والفر.

ويقول موتلو “باتت المناطق الكردية كافة بخطر الآن”. وأشار إلى مدن مثل منبج وكوباني التي “دفع المقاتلون الأكراد وحلفاؤهم ثمناً باهظاً لتحريرها من الجهاديين، وهي باتت اليوم تحت خطر هجوم مماثل لما حصل في عفرين”.

ويتهم المسؤولون الأكراد تركيا بإحداث تغيير ديموغرافي، عبر تهجير سكان منطقة عفرين واستبدالهم بآخرين سواء كانوا لاجئين في تركيا أو نازحين من مناطق سورية أخرى.

 

تركيا

طالما كرر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن قواته لن تتوقف عند عفرين بل ستكمل طريقها إلى منبج وكوباني وصولاً إلى مدينة القامشلي في أقصى شمال شرق البلاد.

وأثار الدور المتصاعد للأكراد خلال السنوات الماضية قلق أنقرة التي تخشى حكماً ذاتياً على حدودها يثير مشاعر الأكراد لديها.

وبالسيطرة على عفرين، بات تحت سيطرة القوات التركية منطقة أوسع، وفق شتاين، “تعمل بشكل منفصل عن الحكومة المركزية، وستكون بمثابة مركز للاجئين الموجودين حالياً في سوريا”.

واتفق المراقبون على أن السيطرة على عفرين تشكل “انتصاراً” لأردوغان وتزيد من نفوذه في سوريا وتثبت وجوده فيها لسنوات مقبلة.

 

دمشق

في المقابل، من شأن تلك السيطرة أن تعقد الأمور أكثر بالنسبة لدمشق، التي لم توفر سوى دعم بسيط للأكراد في عفرين رغم مطالبتهم إياها التدخل ونشر دفاعاتها الجوية.

ويرى هاريس أنه “بسيطرتها على عفرين، استولت تركيا على منطقة واسعة من الأراضي السورية ولن تعيدها إلى الرئيس بشار الأسد”.

ويضيف “إن كل متر من سوريا تزحف إليه القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها يصبح بعيد المنال من دمشق”، ولم يعد بوسع دمشق القيام بالكثير لتغيير نتائج خسارة عفرين لأن “تركيا تثبت سيطرتها في شمال سوريا برضى روسي”.

وانعكس التقارب بين روسيا، أبرز حلفاء دمشق، وتركيا الداعم الأساسي للمعارضة على النزاع السوري. وباتت الدولتان بعد خلاف طويل تنسقان في ما بينهما في الملف السوري وترعيان جهوداً دبلوماسية أبرزها مباحثات أستانا التي انتجت اتفاقا لخفض التوتر في أربع مناطق في البلاد.

ويوضح “ما دامت روسيا ترى أنها بحاجة لأنقرة لتهدئة الحرب السورية، وما دام بوتين وأردوغان يتوصلان إلى اتفاقات، سيبقى الأسد متفرجاً على تقسيم سوريا”.