ترامب : المنقسم على نفسه !!

حسين فاضل

تتعثر الإدارة الأمريكية في تحديد استراتيجيتها حيال إيران بين خيارات الرد أو ضبط النفس وتشديد العقوبات أو التفاوض، كما يبدو من بعض ردود فعلها على التطورات الأخيرة في خليج عمان، ويرى المراقبون أن هذا التعثر يعبر عن تجاذب بين صقورها والرئيس ترامب الرافض للغرق في حرب جديدة خارج حدود البلاد.

– كيف كان رد فعل الولايات المتحدة على الهجومين؟

بعد ساعات قليلة من وقوع الهجوم، سارعت واشنطن لتوجيه اتهامات مباشرة إلى طهران وتحملها “مسؤولية” الهجومين، وقال ترامب إن الحادث “يحمل بصمات طهران في كل جوانبه”، رافضا نفي إيران أي دور فيه.

وأشار الرئيس الأميركي إلى تسجيل بالأبيض والأسود نشرته القيادة الوسطى في الجيش الأميركي، يظهر زورقاً سريعاً للحرس الثوري الإيراني وهو يزيل “لغما مغناطيسيا لم ينفجر” عن بدن إحدى الناقلتين، وقال ترامب “نرى السفينة، مع لغم لم ينفجر، وهذا يحمل بصمات إيران”، مؤكّداً أنّ الحرس الثوري “لا يريد ترك أدلة خلفه”.

إلا أن ما رصده المراقبون هو غياب أي تهديدات أمريكية فيما يتعلق بالرد على إيران، وهو ما يتناقض مع الإدارة التي شددت بثبات العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية ضد إيران، ورفعت الشهر الماضي إلى “أقصى حد الضغوط” بنشر سفن حربية وقاذفات وقوات في المنطقة.

 – حرب كلامية أم حرب؟

قال كولين كال المستشار السابق للأمن القومي في إدارة الرئيس باراك أوباما ويعمل حاليا في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا إن “الوضع بين الولايات المتحدة وإيران يزداد خطورة”، محذرا من أن الجانبين قد ينزلقان بسهولة إلى حرب يؤكدان أنهما يريدان تجنبها، ويرى آرون ديفيد ميلر المفاوض السابق في إدارات جمهورية وديموقراطية سابقة أن الهجومين الأخيرين غير “كافيان لإعلان حالة حرب”، وقال ميلر الذي يعمل حاليا في معهد ويلسون سنتر الفكري “إذا قررت إدارة ترامب في ضوء هذا الحادث ضرب سفن أو أراض أو قوات إيرانية في العراق وسوريا أو اليمن، مباشرة، فالدعم لها سيكون معدوما”.

– “تركيز على الدبلوماسية”

في كافة الأحوال، قال ترامب بوضوح إنه لا يريد أن يغرق الجيش الأميركي في حرب جديدة مكلفة و”لا نهاية لها” مثل حربي أفغانستان والعراق، كما وعبر وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان عن تصميمه على “الدفاع عن قواتنا ومصالحنا في جميع أنحاء العالم”، لكنه أكد في الوقت نفسه أن واشنطن “لا تسعى إلى نزاع”.

وشدد الناطقون باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على أن الهجمات لم تستهدف مصالح أو مواطنين أميركيين، ما يجعل الأمر قضية تتصل بالملاحة البحرية في العالم ويجب تسويتها على المستوى الدولي، وقال شاناهان للصحافيين الجمعة “لدينا وضع دولي هناك في الشرق الأوسط، وليس حالة أميركية”، مضيفا أن الإدارة متحدة في السعي إلى “توافق دولي لهذه المشكلة الدولية”.

إلا انه من المعروف أيضا أن مستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي جون بولتون اتخذ مواقف تنم عن عدائية أكبر، كما حاول وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي يعد من “الصقور” بدوره، دفع ترامب إلى مواقف أكثر تشددا.

 – ماذا يريد ترامب؟

ومن المفترض أن يأتي السؤال عن طبيعة الرد الأمريكي المحتمل على الهجومين الأخيرين، في إطار الاستراتيجية الأمريكية تجاه طهران، والمشكلة أن الهدف من استراتيجية الضغوط هذه ليس واضحا

العام الماضي انسحب ترامب من الاتفاق الذي وقعته ست دول كبرى مع إيران في 2015 ويهدف إلى منعها من امتلاك سلاح ذري، وانتقد الرئيس الأمريكي بشدة الاتفاق الذي جرت مفاوضات شاقة للتوصل إليه في عهد أوباما، وقال إنه يريد أن تمتثل إيران لقيود أكبر على برنامجها النووي وأن تكف عن “زعزعة الاستقرار” في الشرق الأوسط.

في الأسابيع الأخيرة، وبينما كان فريقه يتحدث عن مزيد من الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، أطلق الرئيس الأميركي دعوات عديدة لإجراء حوار مباشر مع القادة الإيرانيين، إلا أن رفض المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي القاطع للحوار، لا يبدو المسار واضحاً أمام ترامب.

وعاد ترامب ليقول في تغريدة على تويتر “أشعر شخصياً أنّه من المبكر جدا حتى مجرّد التفكير بإبرام اتفاق. هم ليسوا مستعدين، ولا نحن أيضاً”، وكرر، في الوقت ذاته دعوته إلى الحوار. وقال في برنامج تلفزيوني “نريد أن نعيدهم إلى الطاولة إذا أرادوا أن يعودوا. أنا مستعد عندما يكونون مستعدين، لا مشكلة لدي”.

“المشكلة الحقيقية هي أنه لا سقف لإستراتيجية الإدارة  انهيار النظام أو تغييره مسألة غير واقعية في الوقت الراهن”، فسياسة الإدارة الأمريكية حاليا تفتقد إلى الوضوح.

“ما هو هدف العقوبات؟”. “هل هو تدمير الاقتصاد الإيراني؟

أم جهد جدي لجلب الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى نتيجة أفضل من تلك التي حققها الرئيس أوباما؟”.

.