النازحون واللاجئون .. لعبة الأمم

عادل فهمي

أفاد تقرير صادر عن “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين” أن عدد النازحين في أنحاء العالم سيرتفع بصورة كبيرة خلال العشر سنوات القادمة بسبب عدة عوامل مثل النزاعات والكوارث الطبيعية وتغير المناخ والأوبئة.

وقال المفوض السامي للاجئين، أنطونيو غوتيرس، “إن العالم ينتج عددا من النازحين أكثر مما يقدم حلولا للمشكلة وهذا يعني شيء واحد فقط: المزيد من الناس سيعلقون في المنفي لسنوات عديدة مع عدم القدرة على العودة إلى ديارهم أو الاستقرار في مقر إقامتهم أو التحرك إلى مكان آخر”. وأضاف “إن النزوح مشكلة عالمية لذا فهو بحاجة إلى حل عالمي وبهذا أعني الحلول السياسية”.

ويوفر تقرير حالة اللاجئين في العالم: بحثا عن التضامن، رؤية عميقة وتحليلا لمحنة ملايين النازحين في أنحاء العالم.

ويشير التقرير إلى وجود 80 مليون شخص في العالم اضطروا للفرار من ديارهم بسبب عدة عوامل تشمل النزاعات وتغير المناخ والنمو السكاني والهجرة إلى المدن وانعدام الأمن الغذائي وشح المياه والتنافس على الموارد.

وأشار إلى أن مزيدا من الأشخاص يضطرون للنزوح كل عام بسبب الكوارث الطبيعية أكثر من النزاعات ويحذر من فجوة في الحماية الدولية عندما يتعلق الأمر بحماية الفارين من تأثير تغير المناخ والكوارث الطبيعية حيث لا يعتبرون لاجئين بموجب القانون الدولي.

وتخلف الصراعات الدائرة في مختلفة أنحاء العالم أزمات عدة، على رأسها عمليات الهجرة والنزوح لبلدان أخرى.

أخر الإحصائيات التي أعلنت عنها الأمم المتحدة، تقول إن نحو 80 مليون شخص، أي أكثر من 1% من البشرية، اضطروا لترك منازلهم هربا من العنف والاضطهاد.

تفاقم الصراعات

وبحسب التقرير الأخير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الذي نشر الخميس، 18 يونيو/ حزيران، سجل في نهاية عام 2019، نحو  79,5 مليون شخص بين لاجئين وطالبي اللجوء.

وأوضح تقرير مفوضية اللاجئين أن 45,7 مليون شخص فروا إلى مناطق أخرى في بلدانهم و26 مليون لاجىء يقيمون خارج حدود دولهم، فيما كان العدد قبل 10 سنوات نحو 40 مليون.

مؤشرات عدة تشير إلى استمرار أو تفاقم الصراعات في العالم، خاصة في ظل أزمة كورونا التي تهدد العديد من الدول النامية، وهو ما يحذر منه الخبراء بأنه يزيد أعداد المهاجرين واللاجئين حول العالم.

إن الأرقام الواردة في تقارير الأمم المتحدة حول النازحين عبر العالم أرقام مفزعة بالفعل.

بؤر توتر وعنف

80 مليون إنسان هربوا من بؤر التوتر والاضطهاد والعنف، ويجب التذكير بأن للدول العربية والمسلمين نصيب الأسد من هذا الكم الهائل، خاصة نازحي سوريا ودارفور والروهينغا، إضافة إلى نازحي العراق واليمن وليبيا فلسطين، والذين يعيشون ظروفا مأساوية، جعلتهم عرضة لوباء كورونا ولأوبئة أخرى لا تقل فتكا عن كورونا، حيث لم يستطع أغلبهم الرجوع إلى مساكنهم، مما أوقعهم في الفاقة والعوز.

كل هذه المأسي تنذر بمزيد من التفاقم والمعاناة، خاصة وأن تداعيات وباء كورونا لا زالت في بدايتها، ومن المرجح أن تساهم في انهيارات خطيرة في اقتصاديات الدول الهشة، خاصة أن بؤر التوتر لا زالت تعيش على إيقاع الغليان، وبات أغلبها مرتعا للصراعات الإقليمية والدولية.

إن النزوح خارج حدود الدولة يشكل عبئا على دول الاستقبال، وأن النزوح الداخلي مشوب بشتى أصناف الاضطهاد والتنكيل والعنف والأوبئة القاتلة، وضعف الخدمات بل وانعدامها.

استمرار وتيرة الصراعات على هذا النحو، وتغذية أطراف النزاع في بعض العالم مع أزمة كورونا يهدد بتضاعف الأرقام، حيث أن عدد النازحين والمهجرين واللاجئين يستمر في الارتفاع، ويصل سقف المئة مليون نسمة خلال الثلاث سنوات المقبلة.

جائحة كورونا

على أن المجتمع الدولي يجب أن يكف عن المقاربة الانتهازية التي ينتهجها، والانتصار للقيم الإنسانية ولقيم حقوق الإنسان. كما إن الأرقام الصادرة عن المؤسسات الدولية لا تمثل النسب الحقيقية بشكل كامل.

ما زالت الاضطرابات المستمرة في العديد من البلدان تهدد البلدان الأخرى التي يتم النزوح إليها، خاصة مع أزمة كورونا التي تهدد شرائح عدة بالفقر المدقع. وما يمكن أن تخلفه الجائحة من انهيار اقتصاديات متعددة تخلف فئة كبيرة مهاجرة للبحث عن سبل العيش، وأن بعض الاضطرابات ستتزايد الفترة المقبلة، وهو ما يؤكد ارتفاع أعداد المهاجرين.

ويسعى الميثاق العالمي، الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى تقاسم أكثر إنصافاً للمسؤولية بشأن استضافة ودعم اللاجئين، حيث يعيش حوالي 80% منهم في بلدان مجاورة لموطنهم الأصلي.

وقال  المفوض السامي: ”ينبغي أن نبني على هذه الأمثلة الإيجابية ونضاعف تضامننا مع الآلاف من الأبرياء الذين يضطرون للفرار من ديارهم كل يوم“.

ومن ضمن العدد البالغ 79.5 مليون شخص والوارد في تقرير الاتجاهات العالمية، هناك ثلاث مجموعات رئيسية: الأولى هم اللاجئون، أي الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من بلدانهم بسبب الصراعات أو الحروب أو الاضطهاد، حيث بلغ عدد اللاجئين ما مجموعه 25.9 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. ويشمل هذا العدد 5.5 مليون لاجئ فلسطيني ممن ينضوون تحت ولاية الأونروا، وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

وبشكل عام، هناك ما يقدر بنحو 13.6 مليون شخص من النازحين حديثاً خلال العام بسبب الحروب أو الاضطهاد، وهو ما يعادل عدد سكان طوكيو، وأكثر من عدد سكان موسكو ومانيلا. وشمل المجموع 10.8 مليون نازح و 2.8 مليون لاجئ وطالب لجوء.

وقد استمر الارتفاع الإجمالي لحالات النزوح في تجاوز المعدل الذي يتم فيه التوصل إلى حلول للأشخاص النازحين. ويبقى الحل الأفضل بالنسبة للاجئين هو أن يكونوا قادرين على العودة إلى ديارهم طواعية، وبأمان وكرامة.

.