المهاجرون وملفات آخر العام

د. أمير حمد

ثمة محاور سياسية هامة تطغي على المسرح السياسي الراهن في ألمانيا  نستعرضها في السطور التالية.

ميركل تعترف بوجود كثير من العنصرية

قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إنه يجب ألا يشعر أحد في بلادها بالإهانة أو الإقصاء، بسبب دينه أو أصله.

جاء ذلك في كلمة، خلال مشاركتها في حفل تسليم «جائزة الاندماج الوطنية»، بالعاصمة برلين، تناولت خلالها الهجمات العنصرية في البلاد. وأكدت ميركل وجود كثير من الأعمال العنصرية ومعاداة السامية في ألمانيا، وأن ذلك يثير القلق لدى المهاجرين الجدد. وأضافت أنه “من خلال مراعاة القيم الأساسية لكل من يعيش في البلاد، سيكون بالإمكان حماية كرامة الإنسان»، مضيفة: «إذا حدث عكس ذلك فلن نكون بلداً سعيداً”.

من جهة أخرى، أفادت ميركل بأن المهاجرين القادمين إلى البلاد قدّموا عبر مهاراتهم، إضافةّ إلى المجتمع الألماني، تعليقاً على جائزة الاندماج الوطنية، التي تُمنح لمشاريع إبداعية حول المهاجرين. وفاز بجائزة هذا العام، مشروع «صيادلة من أجل المستقبل»، الذي يهتم باللاجئين المقيمين بالبلاد، ممن درسوا الصيدلة أو مارسوها في بلدانهم سابقاً.

وسلمت ميركل الجائزة إلى «أندرياس كييفير»، رئيس غرفة ، الجهة المشرفة على المشروع.

وأوضح بيان صادر عن المركز الألماني للصحافة والإعلام، أن مجلس الوزراء الألماني اعتمد حزمة من التدابير لمكافحة جرائم العنصرية والكراهية. وذكر أنه سيتم إنشاء مكتب جنائي اتحادي لمكافحة جرائم العنصرية، ومن ضمنها الجرائم عبر الإنترنت.

وفي إطار التدابير المتعلقة بذلك، سيتم إجبار شركات الإنترنت على إبلاغ المركز عن جميع الجرائم وتهديدات القتل وخطابات الكراهية التي تتم عبر شبكات الإنترنت، بحسب البيان نفسه.

وأضاف أنه سيتم التشديد في قوانين الأسلحة النارية، وتكثيف جهود مكافحة العنصرية من قِبل منظمة حماية الدستور، وزيادة وحدات الأمن والتبادل المعلوماتي بينهم على مستوى الدولة.

وقال وزير الداخلية هورست زيهوفر إن التهديد الذي يمثله الإرهاب اليميني المتطرف في ألمانيا كبير، ويمثل مشكلة كبيرة، معرباً عن ترحيبه بالإعداد السريع لهذه الحزمة من التدابير.

حزب البديل المتطرف في زيارة لسوريا

قام وفد من الكتلة البرلمانية لحزب البديل AFD اليميني الشعبوي إلى سوريا نهاية الشهر الماضي في زيارة استمرت أسبوعاً . وسبق في مارس 2018 أن سافر سياسيون من حزب البديل إلى سوريا لضمان “نظرة متوازنة” تجاه هذا البلد.

من جانبها، شجبت الأحزاب الألمانية الأخرى بقوة رحلة حزب البديل إلى سوريا. ووصف زعيم الخضر محاولة تبيان أن سوريا بلد آمن بهذه الطريقة “تتجاوز حدود الغدر والانحراف”، مؤكدا أن حتى أجزاء البلاد التي لا تدور فيها معارك يطغى فيها القمع. بينما ويطالب حزب البديل من أجل ألمانيا “بتطبيع” العلاقات مع سوريا.

وكان حزب البديل قبل سفر وفده إلى سوريا قد تقدم بأربعة طلبات في آن واحد في البرلمان الألماني (البوندستاغ) داعيا إلى اتباع سياسة جديدة تجاه سوريا. فإلى جانب مطلب إعادة ربط العلاقات الدبلوماسية، طالبت كتلة حزب البديل في البرلمان بتعليق العقوبات ضد سوريا ودعم عملية إعادة البناء وتنظيم مؤتمر للأمن والتعاون في منطقة “الشرق الأدنى”.

وبالنسبة إلى الكتل البرلمانية للأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان الألماني كانت طلبات حزب البديل “مضللة”. وترى الأحزاب الأخرى في مبادرة حزب البديل محاولة منه لممارسة الضغط على اللاجئين السوريين للعودة إلى وطنهم. وبالفعل ورد في أحد طلبات حزب البديل أن الأمر يتعلق بالأساس “بالسماح بجعل سوريا مجددا وطنا للشعب السوري”. وفي مطلب آخر يتم التعليل بأن “إعادة بناء سوريا هي ضرورية لعودة جميع اللاجئين السوريين”.

إلزام أئمة المساجد بإتقان الألمانية

وتعتزم الحكومة الألمانية إلزام علماء الدين، مثل الأئمة المسلمين القادمين من الخارج، تحدث اللغة الألمانية قبل السماح لهم بدخول البلاد. وأوضحت وزارة الداخلية الألمانية أنها تسعى بهذه الخطوة لدمج علماء الدين وأعضاء الجالية الدينية في المجتمع.

ودفع مجلس الوزراء بمشروع المرسوم إلى البرلمان الذي سيصوت عليه قبل اعتماده.

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية، إنه ووفقا لهذا الإجراء الجديد، سيكون الإلمام بـ”قدر كاف من المعلومات الألمانية” شرطا لحصول علماء الدين الأجانب على إقامة.

ورغم أن هذا المرسوم سيسري على جميع الأديان، إلا أن الاتفاقية المبرمة بين طرفي الائتلاف الحاكم، “التحالف المسيحي الديمقراطي” و”الحزب الاشتراكي الديمقراطي”، تخص الأئمة المسلمين بالذكر، حيث قال المتحدث باسم الوزارة: “ننتظر من الأئمة القادمين من الخارج أن يتحدثوا الألمانية”.

ويكفي إثبات الإلمام بقدر بسيط من الألمانية، عند دخول ألمانيا، للبقاء فيها فترة انتقالية، لم يحددها الاتفاق بشكل دقيق.

وصرح وزير الداخلية، هورست زيهوفر، بأن المبادرة التي قدمتها وزارته توفر مساهمة لإنجاح الاندماج “فلا يمكن الاستغناء عن الإلمام بقدر من المعلومات الألمانية لإنجاح الاندماج، خاصة عندما يكون علماء الدين بمثابة مرجع للكثير من المهاجرين”.

وانتقد ساسة من أحزاب الخضر و”البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي و”اليسار” خطط الحكومة لإلزام رجال الدين الأجانب بالإلمام باللغة الألمانية.

وقال مفوض الكتلة البرلمانية لحزب الخضر في تصريحات: قرار مجلس الوزراء الألماني الذي ينص على إلزام رجال الدين الأجانب في المستقبل بالإلمام باللغة الألمانية لن يحل مشكلة الأئمة القادمين من الخارج والمدفوعين من دولهم على الأرجح. موضحاً أن الأمر يحتاج إلى دعم برامج تدريبية للأئمة ورجال الدين المسلمين في ألمانيا”.

يقول حزب البديل إن مشروع القانون الذي أقره مجلس الوزراء “غير كاف”، وأضاف: “إلزام رجال الدين الأجانب في المستقبل بإثبات إلمامهم بقدر كاف باللغة الألمانية لن يخدم الاندماج، بل سيتيح في أفضل الحالات تفاهما أوليا. المشكلة الحقيقية التي سيأتي بها رجال الدين من قطر أو تركيا هي التأثير على الأشخاص ذوي الأصول التركية أو العربية في هذا البلد”.

عمدة هانوفر سياسي من أصل تركي

أصبحت مدينة هانوفر هي رابع مدينة ألمانية كبيرة يرأسها عمدة ينتمي إلى حزب الخضر المعارض.

ففي انتخابات الإعادة التي جرت منتصف الشهر الماضي نجح السياسي بيليت أوناي في حصد 52.9 في المائة من أصوات الناخبين، مقابل 47.1 للسياسي إكارد شولتس، من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، الذي تنمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل.

ويعتبر أوناي أول شخص من أصول مهاجرة يصبح عمدة لعاصمة ولاية ألمانية من الولايات الست عشرة، فمدينة هانوفر التي يقطنها أكثر من نصف مليون نسمة، هي عاصمة ولاية ساكسونيا السفلى.

كما أنها أيضاً المرة الأولى منذ سبعين عاماً، التي لا تحكم فيها هانوفر من قبل عمدة ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

يُذكر أن المدن الأخرى التي يحكمها عمدة ينتمي إلى الخضر هي مدن: شتوتغارت ودارمشتات وفرايبورغ. كما أن وجود عمدة من أصول مهاجرة على رأس مدينة ألمانية، ليست عاصمة لإحدى الولايات، مسألة ليست جديدة فمدينة بون مثلا عمدتها هو أشوك الكساندر سريدهاران، وهو من أصول هندية. أما عمدة روستوك بشمال ألمانيا فهو الدنماركي كلاوس روهى.

جدير بالذكر أن طارق الوزير، المولود لأب يمني وأم ألمانية يعمل  نائب رئيس حكومة ولاية هيسن، ووزير الاقتصاد والطاقة والنقل والتنمية فيها. 

منظمة الصحة العالمية: سلطات السجون في أوروبا لا تفعل ما يكفي لمراقبة صحة السجناء

قالت منظمة الصحة العالمية إن سلطات السجون في أوروبا لا تفعل ما يكفي لمراقبة صحة السجناء، مما يعني أن السجناء أكثر عرضة للمعاناة من عدم تلقي العلاج ببعض الحالات المرضية كما يتم الإفراج عنهم دون توفير الدعم الكافي لهم.

وحذرت المنظمة من أن هذه الاخفاقات ستحمل المجتمع “ثمنا مرتفعا” بشكل عام لأنها تضيف إلى عبء أنظمة الصحة العامة الوطنية.

وجمعت منظمة الصحة العالمية بيانات 39 دولة أوروبية بين عامي 2016 و2017 وأوصت بفحص السجون لرصد مرض السل والأمراض الجنسية التي تنتقل بالعدوى ومشاكل الصحة العقلية والإدمان.

وقالت منظمة الصحة العالمية في أوروبا “إن عقوبة السجن تسلب حرية الشخص، ويجب ألا تسلب صحته وحقه في الصحة”، بحسب بيان من المكتب.

وقالت المنظمة في بيان حول تقريرها إنها وجدت “حالة انظمة المراقبة والاستطلاع الخاصة بالصحة في السجون، ضعيفة”.

وأضاف التقرير أن الصحة العقلية تمثل مسألة مهمة خصوصا بعد الإفراج عن السجناء الذين يكونون عرضة لخطر الانتحار وإيذاء الذات وتعاطي المخدرات بجرعات مفرطة.

وجد التقرير ان 13,5 بالمئة من الوفيات في السجن سببها الانتحار و 14 بالمئة من دول الاتحاد الأوروبي لا تجري فحوصا للسجناء للكشف عن الاضطرابات العقلية الشديدة لدى وصولهم إلى السجن. واضاف ان السجون الأوروبية تعاني من مشكلة الاكتظاظ المتكررة والتي تؤثر على صحة السجناء. ويتم سجن نحو ستة ملايين شخص كل عام في المنطقة، بحسب المنظمة.

ويعد اكتظاظ السجون من أسباب تردي الأوضاع الصحية. وبحسب دراسة اجراها مجلس أوروبا في 2018، فإن ثماني دول من بينها فرنسا وايطاليا والبرتغال تعاني من “مشكلة خطيرة” تتعلق بالاكتظاظ.

المطالبة بتوفير فرص تأهيل مهني لكبار السن

طالب وزير المالية الاتحادي ونائب المستشارة ميركل، أولاف شولتس، بتوفير فرص التأهيل المهني في وظائف جديدة وضمان ذلك لكبار السن في ظل التغيرات السريعة في سوق العمل على ضوء التحول إلى نظام الرقمنة.

قال شولتس إنه يتعين ألا يتوقف هذا الحق على ما إذا كان الفرد عاطلا عن العمل أم لا، وأضاف: “لا يمكننا توقع بقاء كافة مجالات العمل، لكن يمكننا أن نعطي حقا يُمكّن الموظفات والموظفين فوق 40 أو 50 عاما من تعلم مهنة جديدة تماما”.

وأوضح شولتس: “لا يستطيع أحد في هذه الفئة العمرية أن يخضع لتدريب مهني مجددا وفقا للشروط الموضوعة للمراهقين اليوم. نريد استحقاقا لبداية مهنية جديدة، بما في ذلك دعم حكومي لفترة انتقالية، حتى يمكن اتخاذ مثل هذه الخطوة في منتصف العمر مع مسؤوليات تجاه الأبناء والمنزل”.

وأشار شولتس إلى أن الأمر يدور حول استحقاق وليس حول إلزام كبار السن باتخاذ مثل هذه الخطوة، موضحا أن هذا ينبغي أن يكون قرارا مستقلا وواعيا من صاحبه.

عودة اللاجئين الطوعية

كشف “المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين” (بامف) أن حوالي 21 ألف طالب لجوء استفاد من برنامج للعودة الطوعية (StarthilfePlus) بين عامي 2017 و2019.

والبرنامج المذكور موجه لطالبي اللجوء ممن لديهم فرصة ضئيلة في قبول طلبهم. ويتوقف قيمة المبلغ المالي الذي يتقاضاه المستفيد من البرنامج على البلد الذي ينحدر منه ووضعه العائلي. وحسب دراسة شملت قسماً من العائدين طواعية إلى أوطانهم فإن ثلثي من شملت الدراسة استلم بين ألف وألفي يورو وبالنسبة للعائلات الكبيرة تراوح المبلغ بين 4 و5 آلاف يورو. وشملت الدراسة التي أجراها معهد بحثي تابع لـ”المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين” 1300 عائد بمحض إرادته.

وينحدر ربع من شملتهم الدراسة من العراق واستخدم ثمانون بالمائة منهم المال الذي تلقوه للوازم الحياة اليومية. ولدى سؤالهم عن السبب وراء قرارهم بالعودة الطوعية أجاب 46 بالمائة منهم بأن ذلك يعود للوضع القانوني لإقامتهم ولعدم شعورهم بأن بالراحة النفسية. بينما قال 42 بالمائة أن الحنين للوطن والأمل بتحسن الأوضاع هناك كان السبب وراء قرارهم. ولم يكن المبلغ المالي المقدم من الحكومة الألمانية وراء قرار العودة الطوعية إلا بالنسبة لأربعة بالمائة، حسب ما أوردت الدراسة.

ويرتفع بشكل مضطرد عدد الملزمين بمغادرة ألمانيا، حسب إحدى العاملات في وزارة الداخلية الاتحادية؛ إذ بلغ عددها في هذه العام ربع مليون شخص.

ألمانيا يجب أن تكون صوت العقل

قال هايكو ماس، وزير خارجية ألمانيا إن تاريخ العالم يسير وكأنه (شريط) يجري بسرعة.

وأكد أنه “بعد مرور ثلاثين عامًا على سقوط جدار برلين، لم تحدث نهاية للتاريخ؛ ويبدو المستقبل أكثر انفتاحًا، ولا يمكن التنبؤ به، وغير آمن أكثر من أي وقت مضى”.

وتابع “في هذه الأوقات الدراماتيكية، يجب أن نبقى في المسار الصحيح لأوروبا قوية – ليس كنموذج يخلف (الناتو)، ولكن كحركة لإعادة تنشيط التحالف عبر الأطلسي. ليس فقط كمشروع ألماني فرنسي، ولكن كجهد تعاوني لجميع الأوروبيين، عندها فقط سيكون هناك أمن حقيقي لأوروبا”.

وأوضح هايكو ماس أن ألمانيا باعتبارها بلدا في وسط أوروبا يجب عليها أن “تلعب دورًا مركزيًا ووسيطًا ومتوازنًا في هذا الأمر  في أوروبا وفيما يتعلق بالولايات المتحدة”، وتابع: ” إذا لم نأخذ هذه القيادة، فلن يقوم بها أحد. أن نكون هنا صوت العقل اليوم، فهذا هو أهم مسؤولياتنا الخارجية والأمنية”.

.