الفتاوي .. والبلاء المتهاوي

إبراهيم بدوي

ما أن يبدأ شهر رمضان المبارك إلا وتقرأ سيلاً من أسئلة مكررة معادة عن مبطلات الصيام، وكأن الإسلام قد بدأ للتو في نشر الرسالة. أو تشاهد من يسأل شيخاً من شيوخ الفضائيات حول حكم غسل الأسنان في نهار رمضان أو حكم من يقبل زوجته أثناء الصيام، أسئلة عقيمة وردود تبعث على الشفقة على شيوخ الفضائيات والعصر الرقمي الحديث.

هنا نركز معاً على الفتاوى العجيبة، فالفتوى الشاذة، هي الرأي الفقهي الذي خالف إجماعا صريحا، ولم ينسجم مع مقاصد الشريعة، واستبعده العقل. فغالب الفتاوى الشاذة إما أنها خرجت عن الإجماع، أو لم يُراعَ فيها الواقع والمآل والموازنة بين المصالح والمفاسد وهو ما يدخل تحت مقاصد الشريعة، أو يستبعدها العقل والطبع السليم.

شطاف المياة مفطر: أثار داعية أزهري مصري، جدلًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية فتوى وصفت على أنّها “أغرب فتاوى أحكام الصيام” خلال شهر رمضان، إذ اعتبر الشيخ أنس السلطان أنّ اندفاع مياه “شطاف” الحمام بقوة من شأنه إفطار الصائم، حيث تصل المياه لجوف الإنسان. ويشير مضمون الفتوى وفقًا للداعية السلطان، إلى أنّ “اندفاع مياه شطاف الحمام يفطر الصائم، خاصة أن المياه ستدخل إلى جوف الإنسان، الذي يفقد أحد أركان الصيام وهو عدم دخول مياه أو طعام للجوف”.

وطالب الشيخ أنس السلطان، وهو أحد الدعاة الأزهريين المعروفين، بضرورة توخي الحذر فيما يدخل للجوف من مياه أثناء فترة الصيام، باعتبار أنّ الأمر لا يقتصر على دخول المياه من خلال الفم فقط، لكن من قُبل المرأة ودبر الرجل والمرأة.

قتل ثلث الشعب: الفريق أول ﺣﻤﻴﺪﺗﻲ، ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻭﻗﺎﺋﺪ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ، ﺗﺤﺪﺙ بتفاﺻﻴﻞ ﻣﺎ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻝ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﻗﺒﻴﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭﻋﺰﻟﻪ. ﻭﻗـﺎﻝ بﻣﻘﻄﻊ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ: ﺇﻧﻬﻢ ﻁﺮﺣﻮﺍ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎﺗﻪ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻛﺮﺋﻴﺲ ﻗﺒﻞ ﺧﻠﻌﻪ، ﻣﻀﻴﻔﺎً: ﺳﺄﻟﻨﺎﻩ: ﻣﺎ ﺍﻟﺤﻞ؟ «ﻓـﺮﺩﱠ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ: ﻧﺤﻨﺎ ﻣﺎﻟﻜﻴﺔ، ﻭﻟﻨﺎ ﻓﺘﻮﻯ ﺗﺒﻴﺢ ﻟﻨﺎ ﻗﺘﻞ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﻤﻮﺍﻁﻨﻴﻦ ﻟﻴﻌﻴﺶ ﺍﻟﺒﻘﻴﺔ ﺑﻌﺰﱠﺓ ﻭﺍﻟﻤﺘﺸﺪﺩﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻳﻔﺘﻮﻥ ﺑﻘﺘﻞ 50% ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻁﻨﻴﻦ».

عدم سب إسرائيل:  أفتى الداعية المصري خالد الجندي عن شتم “إسرائيل”، معتبرا أن لها مكانة خاصة عند المسلمين.

ودعا الجندي المسلمين، خلال لقاء تلفزيوني له مع اثنين من علماء الأزهر، بعدم توجيه الشتائم إلى كلمة “إسرائيل” لأنها في الأصل اسم نبي ولها مكانة خاصة في الإسلام. وتابع أن “على المسلمين في الأساس ألا يشتموا أحدا”.

وتعني كلمة إسرائيل في اللغة العربية، عبدالله، وقد أطلقت على النبي يعقوب بن إسحق.

لا تُغضب زوجتك: وخلال مقابلة تلفزيونية، قال الشيخ محمد أبوبكر، وهو من علماء الأزهر: إنّ ”الرجل لا يدخل الجنة طالما غضبت منه زوجته، وإذا باتت غاضبة على زوجها فالملائكة تلعنه، ويجب على كل الرجال أن يعلموا أن زوجاتهم هن باب دخولهم الجنة“.

الأغانى نوع من الدعارة ومن يُسمعها لأهله ديوث:  فتوى غريبة أثارت جدلاً وغضباً قالها الشيخ أسامة عسكر، خطيب مسجد المهدى بالسنبلاوين بالدقهلية، حيث قال، فى خطبة الجمعة أن “الأغانى والمعازف حرام شرعاً والأئمة الأربعة نهوا عنها”، مطالباً كل المقبلين على الزواج بألا يبدءوا حياتهم بالمعاصى عن طريق تشغيل الأغانى فى الأفراح، مضيفاً أن “المعازف وضعت بين المحرمات من الزنا والخمر، وهى أمور لا جدال فيها وإثم كبير، خاصة أن الأغانى اليوم أصبحت تدعو إلى الفسق والفجور.”

العمل في التحليل الرياضي حرام: وأصدر الداعية محمد صالح المنجد بالسعودية فتوى بـ«تحريم» العمل في التحليل الرياضي أو الفني، لأنه «مضيعة للعمر في أمور دنيوية لا تنفع في الدين»، بعكس العمل محللاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.

السلام الوطني: قبل شهور خرج علينا الداعية السلفى سامح عبد الحميد محرما تحية العلم والوقوف للسلام الوطنى، وواصلا بالأمر فى فتواه إلى اعتباره من قبيل الشرك بالله.

ترقيع غشاء البكارة:  من أكثر الفتاوى إثارة للجدل كانت إجازتها لترقيع غشاء البكارة بنية طلب الستر، رغم أن رأيها فى بادئ الأمر كان أن ترقيع غشاء البكارة حرام، بسبب الغش والتدليس، ولكنها عادت وبررت إباحتها له بقولها: “مجموعة من زملائى الأساتذة أقنعونى بالأدلة أنه حلال للستر، مستشهدين بحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أراد التستر على رجل جاءه معترفا بواقعة الزنا، لكنه أصر على فعلته فأقيم عليه الحد”.

شرب الخمر ليس حراماً ولكنه مكروه: هذا ما أكده الشيخ مصطفى راشد، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء الإسلام من أجل السلام، حيث قال أن “إن الخمر مكروه والتحريم يقع على “السكر”، مشيراً إلى أن أساس علة التحريم هو الضرر، والضرر يقع على الإنسان نفسه وعلى الغير فى حالة “السكر”، وذكر، خلال مداخلة هاتفية بإحدى القنوات الفضائية ” أنه عندما ينتفى وجود نص قرآنى صحيح قاطع أو حديث صحيح متواتر لا نستطيع أن نقول بأن الخمر محرم، لأنه اجتهاد على الله، ووضع شرعى جديد لا نستطيع أن نقول به”، فى فتوى غريبة أثارت جدلاً.

التدخين لا يفطر فى نهار رمضان: أشهر الفتاوى الغريبة التى أطلقها الدكتور جمال البنا، المفكر والباحث الإسلامي، حيث اعتبر أن التدخين لا يفطر باعتباره يشبه البخور والعطور ونحوها، وبرر فتواه قائلاً أنها تمثل حرية الاجتهاد فى فهم نصوص الشريعة وعدم الوقوف على ما استقر عليه بعض علماء الدين السابقين، وهى من الفتاوى ليس لها أساس فى الدين.

– “المظاهرات جهاد في سبيل الله“: هكذا قال الشيخ هشام إسلام، فى عهد الرئيس محمد مرسى، مضيفاً إن المظاهرات تمثل جهادًا في سبيل الله وأفتى بأنه من الجائز قتل المتظاهرين من باب الجهاد في سبيل الله.

وعلى الرغم من مرور أكثر من 12 عاما على فتوى “إرضاع الكبير”، إلا أنها مازالت أكثر الفتاوي شذوذا ، أفتى الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، بحق المرأة العاملة في إرضاع زميلها في العمل منعا للخلوة المحرمة، متابعا إنه إذا كان وجود الاثنين في غرفة مغلقة وتقتضي ظروف العمل ذلك فعليها أن تقوم بإرضاعه خمس رضعات تبيح لهما الخلوة ولا تحرم الزواج، مع حق المرأة في خلع حجابها أمام من أرضعته وتوثيق هذا الإرضاع رسميا.

ولا ننسى فتوى أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، صبري عبد الرؤوف أجاز فيها “معاشرة الزوج زوجته المتوفية” معاشرة “وداع”، قبل أن يتراجع ويتحدث عن تحريف فتواه.

وتلاها تعقيب من سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بالجامعة ذاتها، بفتوى مثيرة تتعلق بإجازة الفقهاء “معاشرة الحيوانات” لتجنب الزنا، قبل أن تتراجع وتعتذر عن خوضها بهذه الأمور. وتفتح الفتوى باب الجدل الديني ومهاجمة أصحاب الفتاوى الشاذة.

القضية التي دفعت البعض للمطالبة بضرورة حسم هذا الملف، وذلك بتسمية المخولين لهم بالإفتاء. كما تصاعدت المطالب بسرعة إصدار قانون تنظيم الفتوى العامة، بعدما شهدت الساحة الإعلامية عدة فتاوى مثيرة للجدل.

.