العدوان على غزة يُقسّم المجتمعات الغربية

شبان يتعاطفون مع فلسطين وآباء يؤيدون إسرائيل

إبراهيم بدوي

تسببت الحرب الدائرة حاليا في غزة بين حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي، في فصم المجتمعات الغربية.. هكذا يؤكد سينج، رئيس تحرير موقع “فير أوبزرفر”، كاشفا عن جزء مهم من التداعيات غير المسبوقة التي أفرزتها تلك الحرب حول العالم.

ويقول الكاتب إن العديد من الدول الآن تعاني من الانقسام الداخلي بين مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وهو الانقسام الذي عمقته حرب غزة، حيث اندلعت حرب موازية من السرديات والمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والمؤيدين لإسرائيل في العواصم في جميع أنحاء العالم.

مظاهر الانقسام

يخوض الناشطون المؤيدون للفلسطينيين والمؤيدين لدولة الاحتلال في بريطانيا أيضًا “حرب الملصقات” في هذه المدينة التاريخية، كما يقول الكاتب، حيث يمزقون منشورات بعضهم البعض حتى في الأحياء الفاخرة مثل هامبستيد.

وحتى داخل حزب العمال، الذي ينتمي إلى يسار الوسط، شهد زعيم الحزب السير كير ستارمر ثورة واسعة النطاق من أعضاء البرلمان المؤيدين للفلسطينيين بسبب رفضه الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

ومن أمستردام إلى برلين وستوكهولم وروما ومدريد، فإن هذا الانقسام عميق، يقول سينج.

فمعظم المهاجرين المسلمين مؤيدون لفلسطين، في حين أن العديد من الأوروبيين اليمينيين مؤيدون لدولة الاحتلال ومناهضون للمسلمين.

وبلغت التوترات عنان السماء في الولايات المتحدة أيضاً. وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أطلق رجل النار على ثلاثة شبان فلسطينيين في ولاية فيرمونت، مما أدى إلى إصابة أحدهم بالشلل.

وكانت هناك ما يشبه حلبات للصراخ في حرم جامعات “آيفي ليج”. وقال سينج: حتى أن أحد أساتذة جامعة هارفارد أخبرني أن ما حدث يوم 7 أكتوبر “كان من الضروري أن يحدث” بسبب الحصار الإسرائيلي للفلسطينيين.

لماذا هذا الاستقطاب؟

ويحاول الكاتب الإجابة على هذا السؤال، مشيرا إلى دور بارز للتركيبة السكانية في الغرب.

ويقول سينج إن دولة الاحتلال الإسرائيلي خسرت منذ فترة طويلة “حرب التصورات” في كل من الغرب والشرق الأوسط، فالتعاطف، بطبيعة الحال، يذهب إلى الضعفاء.

ويضيف: يمكن للعالم أن يرى أن إسرائيل تمتلك جيشاً قوياً وتتمتع بالرخاء الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، فإن غزة صغيرة ومكتظة وفقيرة للغاية.

ولا شك أن الشعوب العربية والإسلامية سيتعاطفون بطبيعة الحال مع إخوانهم في العرق والدين بغزة.

ومع ذلك، فإن المجتمعات الغربية تضم الآن عددًا أكبر بكثير من السكان العرب والمسلمين أيضًا، وولت الأيام التي كان فيها عدد المهاجرين اليهود يفوق عدد المسلمين بكثير في دول الغرب، لذا فإن هذه الدول لم تعد تنظر تلقائيًا إلى فلسطين من منظور يهودي.

ويمضي بالقول: لديهم الآن منظور أكثر تجزؤا ، على سبيل المثال هناك العديد من الأمريكيين الآن مستعدون لتحدي إسرائيل.

ويجسد الدين القيم والهويات التي يعتز بها البشر كثيرًا، والناس على استعداد للقتال والموت من أجل ذلك.

الهوة بين الأجيال

وبالإضافة إلى العامل الديني، هناك عامل آخر يقف وراء الانقسام في الغرب إزاء حرب غزة، وهو الفجوة بين الأجيال، كما يقول الكاتب.

في الغرب، ينظر الشباب بشكل متزايد إلى إسرائيل باعتبارها دولة فصل عنصري، وكان الناشطون الشباب في الجامعات وأماكن أخرى صريحين في دعم إقامة الدولة الفلسطينية.

لكن هذا رأي لا يشاركه آباؤهم، والذين يتألفون بشكل كبير من جيل طفرة المواليد، الذين ولدوا ونشأوا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ويعتبر ما يعرف بـ “الهولوكوست” الذي تعرض له اليهود في أوروبا ذكرى شكلت جزءا من وجدانهم، لذلك فإنهم (جيل الآباء والأجداد) يشعرون بالتعاطف الانعكاسي مع الدولة اليهودية، على حد قول الكاتبان.

من ناحية أخرى، لا يزال الشباب ينظر إلى ما يحدث في فلسطين بعدسة العلاقات العرقية المعاصرة والوعي باضطهاد الأقليات وإرث الاستعمار، حيث يرون أقلية شرق أوسطية مضطهدة تحاصرهم دولة قوية تقوم بشكل أساسي على الأوروبيين والعلاقات معهم.

ويضيف الكاتب إن الشباب الغربي يرون الدولة اليهودية القوية تتصرف مع الفلسطينيين كمستعمر فج، حيث تضم الأراضي وتضطهد الناس وتصادر الممتلكات.

الهند والغرب

ويقول سينج إنه من عجيب المفارقات أن الوعي الاستعماري تراجع في الهند، رغم أنها كانت بلد تعرض لويلات الاستعمار، بينما ارتفع في الغرب، الذي لم يكن مستعمرا، وهو ما جعل كثير من الهنود يصطفون إلى جوار دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الحالية.

واليوم، على الرغم من أن الهند لا تزال دولة اشتراكية رسميًا، إلا أن ذكرى الاستعمار تلاشت بالنسبة للعديد من الشباب.

والآن، أصبحت الهند دولة تتطور بسرعة، وبات الهنود معجبون بإسرائيل ويريدون تقليدها، ولاسيما انهم مسكونون بكراهية باكستان الاسلامية التي تتعاطف تاريخيا مع الفلسطينيين.

أتول سينج / فير أوبزرفر