الأمم المتحدة: تغير المناخ في الشرق الأوسط هو الأكثر مأساوية

عاطف عبد العظيم /

ازداد عدد الكوارث الناجمة عن رداءة الطقس أو المناخ على نحو كبير على مدى السنوات الخمسين الماضية وتسبب في مزيد من الأضرار لكن عدد الوفيات تراجع بفضل تحسن أنظمة الإنذار، وفق ما أفاد تقرير عرضته الأمم المتحدة.

وبناء على أطلس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الذي يحصي عدد الوفيات والخسائر الاقتصادية الناجمة عن الظواهر الجوية والمناخية والهيدرولوجية الشديدة من 1970 إلى 2019، فقد تضاعفت هذه الكوارث خمس مرات خلال هذه الفترة.

تغير “مأساوي” في الشرق الأوسط

في هذا الصدد قال الأمين العام للمنظمة الأممية بيتيري تالاس، إن الشرق الأوسط هو أحد النقاط الساخنة في جميع أنحاء العالم، وإن منطقتا القطب الشمالي ثم منطقة البحر الأبيض المتوسط هما المنطقتان اللتان تعرضتا لتغير مناخي أكثر مأساوية من أجزاء أخرى من العالم.

كما أشار تالاس إلى الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة هذا الصيف، والتي بلغت 48،8 درجة جنوب إيطاليا، قائلا إن طقس المنطقة في المستقبل سيكون أكثر سخونة وجفافا، وسيؤثر سلبا في مخزون المياه والزراعة والسياحة.

وتوقع تالاس أن يكون للنمو السكاني وتغير المناخ مستقبلا في إفريقيا خاصة، تأثير مشترك، إذ سيواجه أربعة مليارات نسمة بحلول نهاية القرن مزيدا من الجفاف شمالي القارة وجنوبها، ما قد يؤدي إلى نزوح وأزمات لاجئين وأزمات كبرى.

مليونا وفاة

وقال تالاس في بيان صحافي “إن عدد الظواهر القصوى الجوية والمناخية والهيدرولوجية آخذة في الازدياد. ونتيجة لتغير المناخ، ستصبح أكثر تكرارا وأكثر عنفا في أجزاء كثيرة من العالم”. فقد رُصدت في الإجمال أكثر من 11000 كارثة منسوبة إلى هذه الظواهر على مدار العقود الخمسة الماضية في جميع أنحاء العالم، مما تسبب في أكثر من مليوني وفاة وفي أضرار مادية بلغت 3640 مليار دولار. وفي المتوسط، سُجلت كارثة واحدة يوميًا على مدار الخمسين عامًا الماضية.

وسُجلت أكثر من 91% من هذه الوفيات في البلدان النامية. وكان الجفاف مسؤولاً عن أكبر الخسائر في الأرواح في الخمسين عامًا الماضية إذ خلف نحو 650 ألف وفاة، تليه العواصف (أكثر من 577 ألف قتيل) والفيضانات (58700 قتيل) ودرجات الحرارة القصوى (زهاء 56 ألف وفاة).

تغيير المسار

من جانبها، أصرت مديرة الشؤون المناخية في الأمم المتحدة باتريشا إسبينوزا خلال افتتاح دورة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ على الحاجة إلى التحرك بسرعة.

وقالت إن “الحقيقة هي أننا لسنا على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاق باريس للمناخ المتمثل في حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. في الواقع، نحن على الطريق المعاكس وقد يبلغ الاحترار عتبة 3 درجات مئوية. يجب علينا تغيير المسار بشكل عاجل قبل فوات الأوان”. وأضافت “أقول هذا لصناع القرار: العلم لا يسمح لنا برؤية العالم كما نرغب في أن يكون، إنه يظهر العالم كما هو. هذه ليست سياسة، إنها حقيقة”.

البنك الدولي

واعتبر تقرير صادر عن البنك الدولي الذي صدر اليوم بعنوان “غراندسويل” إلى أن تغيّر المناخ (وهو أحد عوامل الهجرة التي تزداد قوة يوماً بعد يوم) قد يجبر 216 مليون شخص في ست من مناطق العالم على الرحيل داخل حدود بلدانهم بحلول عام 2050.

وتوصل التقرير إلى احتمالية ظهور بؤر ساخنة للهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ بحلول عام 2030، وتواصل انتشارها وتفاقمها بحلول 2050.

ويخلص التقرير كذلك إلى أنَّ التحرك سريعا لاتخاذ إجراءات فورية ومُنسَّقة للحد من معدل الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة، ودعم التنمية الخضراء الشاملة للجميع، والقادرة على الصمود كفيل بحد نطاق الهجرة بسبب تغير المناخ بنسبة تصل إلى 80%.

كما يُعد تغيّر المناخ محركاً قوياً للهجرة الداخلية بسبب آثاره على سبل كسب عيش السكان، وفقدان إمكانية العيش في الأماكن شديدة التعرض للمخاطر، وبحلول عام 2050، قد تشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء اضطرار ما يصل إلى 86 مليون شخص إلى الهجرة الداخلية بسبب تغيّر المناخ، ومنطقة شرق آسيا والمحيط الهادىء 49 مليونا، وجنوب آسيا 40 مليونا، وشمال أفريقيا 19 مليونا، وأمريكا اللاتينية 17 مليونا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطي 5 ملايين.

وقال يورجن فوجل، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة في هذا السياق: ” يُعد التقرير تذكيراً صارخاً بالخسائر البشرية التي سيُسبِّبها تغيّر المناخ، لاسيما على الفئات الأشدّ فقراً في العالم، أولئك الذين يسهمون بأقل قدر في أسبابه”.

ومن خلال استخدام نهج يقوم على السيناريوهات المتوقعة، يستكشف التقرير التداعيات المستقبلية المحتملة التي قد تساعد متخذي القرار في المستقبل، ويتيح هذا النهج تحديد البؤر الساخنة للهجرة الداخلية والخارجية، أي من المناطق التي من المتوقع أن يرحل عنها الناس بسبب تزايد شحّ المياه، وتناقص إنتاجية المحاصيل، وارتفاع منسوب مياه البحر، والمناطق الريفية والحضرية التي تشهد ظروفا معيشية أفضل تجتذب الأفراد الساعين إلى بناء سبل جديدة لكسب الرزق.

ويُقدِّم التقرير سلسلة من توصيات السياسات التي تهدف إلى إبطاء العوامل التي تدفع إلى الهجرة بسبب تغير المناخ كخفض الانبعاثات العالمية وإدماج الهجرة الداخلية الناجمة عن تغير المناخ في التخطيط الذي يتسم ببعد نظر التنمية والاستثمار في تحسين فهم عوامل الهجرة الداخلية بسبب تغير المناخ.

.