أشياء لن تصدق أنها قد تتجسس عليك

من وقت لآخر تبرز قضايا تجسس الحكومات على المواطنين، بل إن هناك شركات إلكترونية أخرى تفعل ذلك بحجة تحسين منتجاتها المقدمة للجمهور، وغالبًا ما تنصرف أذهاننا حين التحدث عن التجسس إلى أجهزة الكمبيوتر الشخصية أو الهواتف الذكية، لكن هناك أشياء أخرى لا تخطر على بالنا تلعب الدور نفسه، وتتجسس علينا لذا توخي الحذر منها واجب.

السيارات الحديثة.. موقعك معروف وبياناتك متاحة

تطور الأنظمة المختلفة للسيارات الحديثة جعل الكثير من الناس لا يهتمون بكافة تفاصيل كل نظام، الاختيار والمقارنة يكون غالبًا بين وسائل الأمان والرفاهية، لكن لا يخبرك أحد من البائعين أن السيارة التي تشتريها تحتوي على نظام «Event data recorder» ويعرف اختصارًا «EDR»، لأنه يخشى أن تسأله عن هذا النظام، وبالتالي تكتشف أن هذا النظام ببساطة يسجل بياناتك، ويحدد موقعك ويرسلها تلقائيًا إلى مُصنع السيارة.

بدأ العمل بنظام «EDR» في أوائل القرن الواحد والعشرين، وكان الهدف منه هو تسجيل المعلومات المتعلقة بحوادث السيارات، لكن تطور هذا النظام إلى تسجيل بيانات أكثر دقة وشخصية عن صاحب السيارة، ووفقًا لجريدة «واشنطن بوست» فإن السيارات الحديثة باتت «تعرف عن صاحبها ما لا تعرفه زوجته»، وذكرت الجريدة: «تحولت السيارة من آلة تساعدنا على السفر إلى حاسوب متطور على عجلات يسهل الوصول إلى عاداتنا وسلوكياتنا الشخصية، أكثر حتى من الهواتف الذكية».

ذكرت هيئة «إدارة السلامة الوطنية على الطرق العامة NHTSA» الأمريكية أن أغلب السيارات التي تُصنع اليوم بها شكل من أشكال نظام «EDR»، وذكرت أيضًا أن حوالي 64% من السيارات المنتجة عام 2005 في السوق الأمريكية لديها هذا النظام، ووفقًا لـتقرير صادر عن «مركز خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي» فإن أكثر من 90% من السيارات الجديدة المباعة في السوق الأمريكية بها نظام «EDR».

سماعات الأذن بها ميكروفون تجسس

بإمكانك أن تغطي الكاميرا الأمامية وتلصق شريط علي الميكروفون في حاسبك الشخصي، لكن هل شككت لحظة في سماعات الأذن، على الأرجح لا، لأن سماعات الأذن وظيفتها السماع وليس التصنت، وهذا حقيقي نوعًا ما، لكن للدقة سماعات الأذن يمكنها أن تعمل كميكرفون تجسس.

ابتكر باحثون إسرائيليون في جامعة بن جوريون برنامج الكتروني، صُمم البرنامج أداة للقرصنة على الحاسبات الشخصية، ومن ثم تسجيل الصوت عبر ميكروفونات الجهاز؛ حتى لو أُزيل الميكروفون أو عُطل بالكامل، لأن البرنامج يعيد ضبط مكبرات الصوت في سماعات الأذن أو سماعات الرأس لاستخدامها كميكروفونات، وتحويل الاهتزازات الموجودة في الهواء إلى إشارات كهرومغناطيسية لالتقاط الصوت بوضوح من غرفة مختلفة.

عمل البرنامج على تبديل قناة إخراج بطاقة الصوت على الحاسب الآلي الشخصي إلى إشارة إدخال، ثم تسجيل الصوت دون أي قناة ميكروفون مخصصة، والأسوأ من ذلك أن هذا البرنامج يعمل على غالبية الأنظمة المتوفرة على الحاسبات الآلية الحالية، وخطورته تكمن في أنه لا يمكن إصلاح هذا الخطأ إلا بتغيير بطاقة الصوت، وهذا غير عملي؛ لأنها يمكنها أن تخترق أيضًا.

إضاءة «LED» ترصد التحركات بدقة

ترصد كاميرات المراقبة المارين من محيطها، نوعًا من الأمان، وعلى الأرجح لا تلعب أدورًا إضافية، لكن لمبات الإضاءة «LED» يمكنها أن تلعب أدورًا تجسسية كثيرة، ترصد تحركاتك وتسجل لك، بل ربما تشتبه بأحدهم، وترسل تنبيهات لتسارع الشرطة في القبض على المشتبه به.

وضع في المبنى B داخل مطار «Newark Liberty» الدولي في ولاية نيوجيرسي الأمريكية؛ 171 إضاءة ليد مهمتها مراقبة المواطنين، زودت بأجهزة استشعار، ومتصلة بثماني كاميرات فيديو، ومهمتها فحص الأشخاص داخل المحطة وحولها، وتُعد هذه الإضاءة جزءًا من شبكة لا سلكية جديدة تعمل على التقاط وتحليل كميات هائلة من البيانات حول عادات المواطنين العاديين، المارين عليها.

فأر الحاسب الآلي سيخبر مديرك

هوس التجسس ليس حصرًا على الحكومات أو القراصنة الإلكترونيين، ربما يُصاب به أحد أفراد عائلتك، وهذا أفضل بكثير من أن يصاب به مديرك في العمل، إن شعرت بذلك فحاول التشكيك في كل شيء، وابدأ بفأر الحاسب الآلي.

في سنغافورة استغل أصحاب العمل أدوات مثل فأر الحاسب الآلي للتجسس ومراقبة موظفيهم بما في ذلك الاستماع إلى محادثاتهم، وذكر تقرير في صحيفة «صنداي تايمز» أن هناك سوقًا خاصة لأجهزة التجسس المختلفة، من الآلات الحاسبة إلى المنبه، وتأخذ هذه الأدوات شكل معدات مكتبية غير ضارة، ولكنها تحتوي على كاميرات مدمجة يمكنها تسجيل الفيديو.

الفأر على سبيل المثال، يأتي مع ميكروفون وشريحة «SIM» مدمجين بداخله، وبمجرد الاتصال على شريحة «SIM» الموجودة داخل الفأر، ينشط الجهاز ويلتقط الأصوات والمحادثات داخل دائرة نصف قطرها 10 أمتار، أما سعر الفأر الجاسوس فهو 98 دولارًا، وبالطبع يمكن لأي شخص الحصول عليه.

الأجهزة الذكية القابلة للارتداء.. جاسوس لا يتركك

الأجهزة الذكية القابلة للارتداء هي كل الأدوات الرقمية المصغرة، وعلى رأسهم الساعات الذكية، هذه الأجهزة الصغيرة مزودة بأجهزة استشعار المجال المغناطيسي؛ لكن ما الذي يمكن اكتشافه عن المستخدم إذا سجلت الإشارات من هذه المستشعرات بشكل مستمر؟

حين يمشي المستخدم تتذبذب اليد التي ترتدي ساعة ذكية أو جهاز تتبع الياقة البدنية مثل البندول، تقلبات البندول هي عملية دورية، وتختلف قراءات التسارع أو الاتجاه من مستشعر الحركة، وبالتالي افتراض أن المستخدم كان يسير في تلك اللحظة، أو حين يستريح أو يستقل سيارته أو مواصلات عامة، وكل منهما تختلف قراءات تسارعه عن الأخرى، وعند تحليل البيانات يمكن استنباط كل تحركات المستخدم.

معرفة تحركات المستخدم ليست مجرد فضول لدى المراقب، فمن خلالها من الممكن تحديد أنشطة المستخدم الخاصة، بما في ذلك معرفة كلمة المرور على الكمبيوتر بدقة تصل إلى 96%، وإدخال رمز PIN في ماكينة الصراف الآلي بحوالي 87% وفتح قفل الهاتف المحمول بحوالي 64%، أي إن رصد تلك التحركات ربما تتسبب في أزمات كبيرة بالنسبة لأي مستخدم عادي.

فرشاة الأسنان «تنصحك»

إذا كان لديك فرشاة أسنان عادية، فحاول أن لا تستبدلها بفرشاة أسنان تتصل بالإنترنت لتواكب التكنولوجيا، لأن فرشاة الأسنان المتصلة بالإنترنت تبحث عنك، للتجسس عليك.

فقد قدمت شركة «Oral B» فرشاة أسنان كهربائية، تعمل بتقنية «Bluetooth 4.0» ويمكن استقبال المعلومات منها عبر نظام جهاز «iPhone» أو «Android»، وهي تسجل كل ضربة فرشاة وتقدمها للمستخدم في نهاية كل جلسة بالفرشاة، وتقدم اقتراحات حول كيفية قيام المستخدم بتحسين عادات التنظيف الخاصة به، لكن للأسف هذه المعلومات لا ترسلها لك وحدك.

فقد أعلنت شركة «Kolibree» صاحبة أول فرشاة أسنان كهربائية متصلة بالإنترنت، أن فرشاتها لديها تقنية فريدة لتحليل عادات التنظيف الخاصة بك، وتعرضها على لوحة أجهزة القياس المحمولة؛ وبالتالي يمكن الوصول إليها بسهولة على هاتفك، وأكدت الشركة أيضًا أنها تشارك الإحصائيات الخاصة بك مع أطباء الأسنان والأسرة حول العالم.

ربما تجسس فرشاة الأسنان ليس بالأمر الكبير بالنسبة للبعض، لكن هل ستتوقف فرشاة الأسنان عن رصد نظافتك الخاصة، أم يمكن استغلالها من أطراف أخرى لتجسس أكثر فعالية؟

لا يمكننا الإجابة، لكن ربما تجيبنا التكنولوجيا في وقت لاحق.

.